بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

مصرع 3 أشخاص.. تفاصيل تعرض إسماعيل الليثي لحادث مروع بالمنيا

الحادث
الحادث

في ليلٍ ثقيلٍ يقطر وجعًا، وبينما كانت الطرقات الصحراوية، تلفظ أنفاسها الأخيرة من صمت الفجر، دوّى صوتٌ مروّع على وصلة بني حسن بطريق الجيش القديم بالمنيا.. اصطدامٌ عنيفٌ بين سيارتين، تبدّدت معه أنغام الفرح التي صدحت قبل ساعاتٍ قليلة في حفلٍ شعبي بهيج، تحوّلت إلى صرخاتٍ تُمزّق قلب الليل.

في مقدّمة إحدى السيارتين ، كان الفنان الشعبي إسماعيل الليثي، العائد من إحياء حفله الأخير برفقة فرقته الموسيقية، لم يكن يدري أن الطريق سيغدو مسرحًا لفاجعة جديدة ، تُضاف إلى سلسلة أوجاعه، لحظة واحدة كانت كفيلة بقلب كل شيء؛ تحطّمت السيارات، وتناثرت الآلات الموسيقية على الإسفلت كجثثٍ صامتة ، وامتزجت أنغام الطبول القديمة بصوت الحديد الملتوي والنزيف.

حين وصلت سيارات الإسعاف، كان المشهد يُقطّع نياط القلب، ثلاثة من الرفاق لفظوا أنفاسهم الأخيرة، وسبعة آخرون سقطوا بين جريحٍ ومغمى عليه، أما إسماعيل الليثي، فكان ممدّدًا لا حول له ولا قوّة، جرحٌ غائر في الرأس، وكسرٌ في الجمجمة، ونزيفٌ داخلي لا يهدأ ، نقلوه مسرعين إلى مستشفى ملوي التخصصي، وهناك وُضع على أجهزة التنفس الصناعي في غيبوبةٍ تامة، تتأرجح بين الرجاء واليأس.

تكدست الأسماء في دفاتر المستشفى، لكنها لم تكن مجرد حروف؛ كانت أرواحًا وذكريات، أشرف محمد بغدادي، ناجح عبد العزيز محمد، وعلاء عبد العزيز محمد… غادروا بلا وداع، أما شريف سامي، وسرى جمعة، ومحمد أشرف، وياسمين علي، وغيرهم من رفاق الليثي، فيرقدون على الأسرة البيضاء يصارعون الألم بصمتٍ ثقيل.

 

وفي ركنٍ آخر من المستشفى، كانت شيماء سعيد، زوجة الفنان، تنهار عند باب العناية المركزة، لا صوت يعلو فوق نحيبها ، وهي تراه غارقًا في الأجهزة والأنابيب، وجهه شاحبٌ كطفلٍ نائمٍ على حدود الغياب ، خرجت تبكي في مقطعٍ مصوَّر على “تيك توك”، تنادي الناس جميعًا:“ادعوا له... إسماعيل في خطر، بين الحياة والموت.”

 

يا للمفارقة المؤلمة؛ فإسماعيل الليثي الذي ملأ الدنيا طربًا وضحكًا، يعيش اليوم في صمتٍ تام، لا يسمع سوى أزيز الأجهزة من حوله، القدر يختبره من جديد، بعد أن سرق منه ابنه قبل شهورٍ في حادثٍ مأساويٍّ من الطابق العاشر... وها هو اليوم يترنح على حافة نفس الهاوية.

 

 

في المنيا، لا تزال آثار الحادث شاهدة على المأساة؛ بقع دمٍ، وزجاجٌ متناثر، وعودُ عودٍ موسيقي مكسور كقلب أمٍّ فقدت ولدها، وكل من عرف إسماعيل الليثي يرفع يده إلى السماء قائلًا: “اللهم رُدَّه إلينا سالمًا... فقد أنهكه الفقد، ولا يحتمل الوجع أكثر.”