هذا هو الإسلام
«تكريمه للخدم»
كم من انتهاكات إنسانية تقع من بعض البشر اتجاه من يقع تحت يدهم من الخدم وكم من مشاهد صادمة أدمت القلوب فى هذا الشأن، فوجدت من فقه التعريف بصحيح الإسلام أن أُبرز كيف كرم الإسلام الخدم ودعا إلى الإحسان إليهم فهم إما أخوة لنا فى الإسلام أوشركاء لنا فى الإنسانية، وقد ضرب لنا الرسول المثل التطبيقى والعملى فى هذا الشأن، فعن أنس بن مالك -رضى الله عنه- قال: «خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لى أف قط، وما قال لى لشىء صنعته: لم صنعته؟ ولا لشىء تركته: لم تركته؟» (رواه الترمذي)، وقَالَ أنس بن مالك أيضا: كَانَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا، فَأَرْسَلَنِى يَوْمًا لِحَاجَةٍ فَقُلْتُ: وَاللّهِ لاَ أَذْهَبُ. وَفِى نَفْسِى أَنْ أَذْهَبَ لِمَا أَمَرَنِى بِهِ نَبِيُّ اللّهِ. فَخَرَجْتُ حَتَّى أَمُرَّ عَلَى صِبْيَانٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِى السُّوقِ. فَإِذَا رَسُولُ اللّهِ قَدْ قَبَضَ بِقَفَايَ مِنْ وَرَائِى. قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ. فَقَالَ: «يَا أُنَيْسُ أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ ؟» قُلْتُ: نَعَمْ. أَنَا أَذْهَبُ، يَا رَسُولَ اللّهِ « (رواه مسلم) وعن السيدة عائشة قالت: «ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا بيده قط، ولا امرأة، ولا خادمًا إلا أن يجاهد فى سبيل الله، وما نيل من شئ قط، فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيئا من محارم الله، فينتقم لله» (رواه ابن حبان فى صحيحه).
وقد أمر الإسلام مع حسن معاملة الخدم بإطعامهم وكسوتهم فعنِ المَعْرورِ قال: لَقِيتُ أبا ذَرٍّ بالرَّبَذةِ وعليهِ حُلَّة، وعلى غُلامِه حُلَّة، فسألتُه عنْ ذلكَ فقال: إِنِّى سابَبْتُ رَجُلًا فعَيَّرتُه بأمِّه، فقال لى النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «يا أبا ذَرّ، أعَيَّرتَهُ بأمِّهِ؟ إِنَّكَ امرُؤٌ فيكَ جاهِليَّة. إخْوانُكمْ خَوَلُكمْ، جَعَلَهمُ اللّهُ تحتَ أيدِيكُمْ. فَمَنْ كانَ أخوهُ تحتَ يدِه فلْيُطْعِمْهُ ممّا يأكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ ممَّا يَلْبَسُ، ولا تُكلِّفوهمُ ما يَغْلِبُهم، فإنْ كلَّفتموهُم فأعِينوهُم». (رواه البخاري). بل ودعا إلى عدم إثقالهم بكثرة الأعمال فعن عمرو بن حريث أن النبى صلى الله عليه وسلم: «ما خففت عن خادمك من عمله كان لك أجرًا فى موازينك» (رواه ابن حبان) وعن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه–رضى الله عنهما- أن رسول الله قال فى حجة الوداع: « أرقاءَكُمْ أَرقاءَكُمْ أَرقَاءَكُمْ أَطْعِمُوهُمْ مِمّا تَأْكُلُون وَاكْسُوهُمْ مِمّا تَلْبَسُونَ فَإنْ جَاؤوا بَذَنْبٍ لا تُرِيدُونَ أَنْ تَغْفِرُوهُ فَبِيعُوهُ عِبَادَ الله وَلا تُعَذِّبُوهُمْ » (رواه أحمد وأبو داود) وقد أوقف المسلمون أوقافا لجبر خاطر الخدم منها «وقف الأوانى» فكان الخادم إذا كُسر طبقه وهو فى السوق لشراء حوائج سيده كانوا يعطوه إناء مثله أو مال لشراء مثله فإنَّ سيده لا بُدَّ له أن يضربه على كسر الصحن أو ينهره، وهو ينكسر قلبه ويتغير لأجل ذلك، فكان هذا الوقف جبرًا للقلوب وللخاطر المكسور.
من علماء الأزهر والأوقاف