كنوز وطن
رسالة الوعى.. الركيزة الأساسية للحفاظ على الأمن القومي
فى عالم تتداخل فيه القوى وتتصارع المصالح، لم تعد أدوات الحفاظ على الأمن القومى تقتصر على الجيوش والعتاد الحربى فحسب، بل أصبح «الوعى» هو السلاح الاستراتيجى الأهم فى معركة البقاء والريادة.
ومن هذا المنطلق، يبرز «الصالون البحرى المصرى» ليس كمنصة ثقافية، بل كمشروع وطنى متكامل هدفه الأساسى الوعى والحفاظ على مقدرات مصر ومكانتها الإقليمية والدولية.
وتشرفت بحضور الاحتفالية التى نظمها الصالون البحرى المصرى بذكرى انتصارات حرب اكتوبر المجيدة، حيث شهد الاحتفالية نخبة من قيادات مصر الوطنية أبرزهم الدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء الأسبق ورئيس مجلس أمناء الصالون البحرى المصري، والفريق أحمد خالد، محافظ الإسكندرية، واللواء وليد عطية، مساعد قائد القوات البحرية نيابة عن قائد القوات البحرية، ولفيف من الوزراء والقيادات التنفيذية وأعضاء الصالون البحرى من الإسكندرية والقاهرة وبورسعيد.
الصالون البحرى المصرى هو مبادرة ثقافية وفكرية طموحة، تتبنى فكرة «الثقافة البحرية» كمدخل لتعزيز الانتماء والوعى المجتمعى، لا يقتصر دور الصالون على تنظيم ندوات أو محاضرات تقليدية، بل يقدم نفسه كمنصة شاملة تجمع بين الأدب، والفن، والتاريخ، والعلوم الاستراتيجية.
يمثل الصالون البحرى نموذجاً فريداً لـ «السلطة الناعمة» التى تخدم الأمن القومى الصلب، وتتجلى رسالته فى تعزيز الوعى من خلال المحاور التالية:
ربط التاريخ بالحاضر لبناء المستقبل:
يستحضر الصالون أمجاد مصر البحرية عبر العصور، من الأساطيل الفرعونية والتجارة فى العصر البطلمى، إلى دور البحرية المصرية فى حروب العصر الحديث.
هذا الربط يخلق إحساساً بالاستمرارية التاريخية والمسؤولية تجاه تراث بحرى عريق، مما يعزز الدافع الوطنى للحفاظ على هذا التراث وتطويره. إنه تذكير بأن مصر كانت، ولا تزال، دولة بحرية بامتياز.
خلق لغة وطنية موحدة:
عبر أنشطته المتنوعة التى تجذب المثقفين، والإعلاميين، والشباب، والعسكريين، يعمل الصالون على خلق لغة مشتركة حول قضايا الأمن القومى البحري. فهو يحول المفاهيم الاستراتيجية والعسكرية من مصطلحات نخبوية إلى خطاب مجتمعى يمكن للجميع مناقشته والدفاع عنه.
هذه «السيمفونية» الجماعية، كما يُرمز لها، تزيد من تماسك النسيج المجتمعى فى مواجهة الحملات الإعلامية والمغالطات التاريخية التى تستهدف مصالح مصر.
دعم صناعة القرار عبر المعرفة:
بفضل الحوارات المتخصصة والدراسات التى يقدمها، يصبح الصالون منبراً لتقديم رؤى وأفكار قد تساهم فى دعم صانعى القرار، إنه يجسّد مفهوم «المراكز الفكرية» أو التى تثرى النقاش العام بتحليلات موضوعية، مما ينعكس إيجاباً على دقة وكفاءة السياسات الوطنية المتعلقة بالبحر.
مواجهة حرب المعلومات والتضليل:
فى عصر الصراعات الهجينة، أصبحت المعلومات سلاحاً خطيراً. يقدم الصالون رواية مصرية أصيلة مدعومة بالحقائق التاريخية والعلمية، لمواجهة محاولات تشويه الوعى أو طمس الحقائق حول حقوق مصر، وهو بذلك يحصن العقل الجمعى المصرى ويجعله منيعاً أمام حملات التضليل.
خاتمة:
الصالون البحرى المصرى هو أكثر من مجرد فكرة ثقافية عابرة؛ إنه تجسيد لفلسفة متطورة تدرك أن جبهة الوعى هى الجبهة الأهم فى معارك الأمم، إنه يستثمر فى أغلى رأس مال وطني: العقل البشرى والروح المعنوية للشعب.
بجعله قضايا الأمن القومى جزءاً من الأدب والفن والحوار المجتمعى، لا يقتصر الصالون على «إعلام» المواطن بما يحدث، بل ينتقل به إلى مرحلة «الفهم» ثم «الانتماء» ثم «الفعل».
وهو بهذا المعنى، يُعد ركيزة أساسية فى بناء «الحصانة الوطنية» الشاملة، التى تجعل من كل مواطن حارساً أميناً لحدود وطنه وثرواته، ليس بسلاح، بل بوعى راسخ وإيمان راسخ بأن البحر هو مستقبل مصر ومصدر قوتها.