الشخصية المصرية بين الرواية والدراما المرئية في الأعلى للثقافة
في لحظة تتعانق فيها الكلمة بالصورة، والعقل بالإبداع، ينطلق مؤتمر "الرواية والدراما المرئية" في دورته الثانية، تحت عنوان مقومات الشخصية المصرية بين الرواية والدراما المرئية، دورة السيناريست أسامة أنور عكاشة، ويأتي هذا المؤتمر ليعيد طرح السؤال الأزلي حول العلاقة الجدلية بين السرد والمرئي، بين الحكاية المكتوبة وتجسيدها على الشاشة.

المؤتمر ينظمه نادي القصة برئاسة الكاتب السيناريست محمد السيد عيد، وجمعية أصدقاء مكتبة الإسكندرية برئاسة الأستاذ عصام عزت، ويُقام المؤتمر بالمجلس الأعلى للثقافة يومي الأحد والإثنين 9 و10 نوفمبر، عند الخامسة مساءً، برئاسة المخرج الكبير عمر عبد العزيز، وأمانة الدكتورة زينب فرغلي.
في الجلسة الافتتاحية التي يشارك فيها الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة الدكتور أشرف العزازي، يتجلى الحس الثقافي في أبهى صوره، إذ تمتزج أصالة الإبداع بروح التكريم، كما يحضر الأستاذ حمدان القاضي منسق عام المؤتمر، ليؤكد على عمق التعاون بين المؤسسات الثقافية التي ترى في الفن مرآة للوعي الجمعي وذاكرة الأمة.
ويشهد الافتتاح تكريم رموز شكلوا ملامح الدراما المصرية والعربية، حيث يُكرم السيناريست الكبير محمد جلال عبد القوي، والفنانة القديرة سهير المرشدي، والفنان المتألق رياض الخولي، والمخرجة والكاتبة الكبيرة هالة خليل، اعترافًا بإسهاماتهم في إثراء المشهد الدرامي العربي، كما يُوزع خلال الحفل جوائز مسابقة السيناريو، وتُكرم لجنة التحكيم برئاسة الكاتب الكبير سمير الجمل، في احتفاءٍ يليق بمسيرة من أخلصوا للفن كتابةً وصورة ووجدانًا.
أما الجلسة البحثية الأولى، فتتخذ طابعًا فكريًا عميقًا، إذ يتحدث فيها الدكتور محمد عفيفي، أستاذ التاريخ والأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للثقافة، والدكتور حسن حماد، أستاذ فلسفة الجمال وعميد آداب الزقازيق الأسبق، إلى جانب السيناريست اللامع عبد الرحيم كمال، في حوار يربط بين فلسفة الجمال وتحولات السرد البصري في الدراما.
وفي الجلسة البحثية الثانية، يلتقي الفكر بالنقد التطبيقي، حيث يتحدث السيناريست سمير الجمل، والدكتورة رشا صالح، والدكتور عادل ضرغام، والدكتور حسام جايل، في جلسة يديرها الكاتب عبده الزراع، لتتجلى الرؤى المتعددة حول آليات تحويل النص الروائي إلى رؤية درامية قادرة على حمل المعنى الإنساني والجمالي.
أما اليوم الثاني، الإثنين 10 نوفمبر، فيشهد الجلسة الثالثة التي يشارك فيها الدكتور حسين حمودة، والدكتورة سحر شريف، والدكتور محمد عبد الله حسين، والدكتور طارق مختار، بإدارة الأستاذ حسن الجوخ، حيث تُناقش ديناميات التلقي وتحولات السرد في الدراما المرئية المعاصرة.
ثم تأتي الجلسة الرابعة التي تضم الدكتور خيري دومة، والدكتورة عزة بدر، والدكتورة هويدا صالح، والدكتورة ندى يسري، ويديرها الدكتور منير فوزي، لتتناول جدلية العلاقة بين النص الأدبي والدرامي في ضوء المتغيرات الثقافية الراهنة.
ويُختتم المؤتمر بجلسة ختامية تُتلى فيها التوصيات على لسان الدكتورة زينب فرغلي، وتتخللها التكريمات التي تقدمها القاصة منى ماهر، في لحظة احتفائية تُكرس للإبداع كقيمة وجودي عليا، وللثقافة كجسر بين العقل والحلم.
هذا المؤتمر لا يكتفي بأن يكون فعالية ثقافية تقليدية، بل يُعيد التأكيد على أن الرواية والدراما وجهان للوعي الإنساني نفسه، فالرواية تصوغ الوجدان بالحروف، والدراما تجسده بالضوء والصوت، وبين الكلمة والمشهد، تنبثق أسئلة الفن الكبرى: كيف تُصاغ الحقيقة في الخيال؟ وكيف تتحول الحكاية إلى وعي جمعي يرى ذاته في المرآة المرئية؟.
إنه مؤتمر يجمع الفلسفة بالسرد، والعلم بالخيال، والفكر بالفعل، في تلاق يؤكد أن الإبداع هو الشكل الأسمى من أشكال الوعي، وأن مصر كعادتها ما زالت تُنجب منابر الفكر والجمال وتفتح أبوابها للحوار والتنوير.
