وسط ترنح شعبيته إلى 37% فقط
اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻷﻣﺮﻳﻜﻰ يهدد بحرمان نيويورك من التمويل حال فوز «ممدانى»
فى عشية الانتخابات البلدية التى شهدتها مدينة نيويورك، ونالت متابعه سياسية وإعلامية واسعة، صعّد الرئيس دونالد ترامب لهجته موجهًا تهديدًا مباشرًا إلى الناخبين قائلاً إنهم إذا سمحوا بفوز المرشح اليسارى زهران ممدانى بمنصب العمدة فسيدفعون الثمن.
قال «ترامب» فى منشور على موقعه «تروث سوشيال»: «إذا فاز المرشح الشيوعى زهران ممدانى بانتخابات عمدة مدينة نيويورك، فمن المستبعد جدًا أن أساهم بالأموال الفيدرالية، باستثناء الحد الأدنى المطلوب، لمنزلى الأول العزيز». وأضاف: «لا أريد، بصفتى رئيسا، أن أرسل أموالًا جيدة بعد سيئة».
هذا التحذير العلنى جاء بعد ساعات من ظهوره فى برنامج «60 دقيقة» على شبكة «سى بى إس»، حيث أكد مجددًا أنه سيكون من الصعب عليه كرئيس أن يمنح نيويورك الكثير من الأموال «لأن وجود شيوعى يدير المدينة يعنى ببساطة إهدار الأموال المرسلة إليها»، على حد قوله.
ورغم أن «ترامب» لا يتحكم مباشرة فى حجم التمويل الفيدرالى المخصص لأى مدينة، إذ إن هذا من صلاحيات الكونجرس، إلا أن تعليقاته أعادت إلى الواجهة الجدل القانونى حول استخدام السلطة التنفيذية لحجب الأموال فى ما يعرف بإجراءات الحجز، وهى خطوة محظورة بموجب القانون الفيدرالى.
تشير المؤشرات إلى أن إدارة «ترامب» شرعت فعلاً فى تطبيق تهديداتها قبل الانتخابات. فقد اشتبك البيت الأبيض مع سلطات الولاية بسبب خطة نيويورك لفرض رسوم ازدحام مرورى فى وقت سابق من هذا العام، وأعاد ترامب التذكير بالقضية فى منشور آخر على «تروث سوشيال». كما حجب البيت الأبيض 18 مليار دولار من مشروع نفق رئيسى مع بدء الإغلاق الحكومى، وأمر قاضٍ فيدرالى الحكومة بإلغاء قرارها بخفض 34 مليون دولار من تمويل مكافحة الإرهاب للمدينة، معتبراً الخطوة «تعسفية ومتقلبة وانتهاكاً صارخاً للقانون».
فى منشوره، هاجم «ترامب» المرشح الجمهورى كورتيس سليوا، قائلاً إن التصويت له يعنى التصويت لممدانى، وألمح إلى دعمه للمرشح المستقل أندرو كومو، الحاكم السابق لولاية نيويورك. وكتب: «أفضل أن أرى ديمقراطيًا لديه سجل من النجاح يفوز، بدلاً من شيوعى بلا خبرة وسجل من الفشل الكامل والشامل».
كومو، الذى خاض الانتخابات كمستقل بعد أن تخطى الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطى، سارع لتبنى خطاب ترامب، وقال فى مقابلة مع إذاعة 77WABC: «الآن يتعين على الجمهوريين أن يتخذوا القرار، وآمل أن يستمعوا إلى الرئيس». ثم أضاف لاحقًا فى مقابلة مع قناة فوكس نيوز: «نحتاج إلى عمدة قادر على مواجهة دونالد ترامب»، مؤكداً أن ترامب سيهاجم ممدانى «كما يهاجم السكين الساخن الزبدة».
فى المقابل، رد زهران ممدانى خلال تجمع انتخابى فى حى أستوريا بكوينز قائلاً إنه كان يعلم منذ أشهر أن «ترامب» سيدعم كومو. وأضاف، وفق ما نقلته صحيفة «نيويورك تايمز»: «فى هذه الأيام الأخيرة، ما كان يُشاع ويُخشى منه أصبح مكشوفا وواضحًا. إن احتضان حركة ماغا لأندرو كومو يعكس فهم دونالد ترامب أن هذا سيكون أفضل عمدة له – ليس أفضل عمدة لمدينة نيويورك، بل أفضل عمدة لدونالد ترامب وإدارته».
وأكد ممدانى أنه يتعامل مع تهديد «ترامب» على حقيقته، قائلاً: «إنه تهديد، وليس قانونًا. كثيرًا ما نتعامل مع كل ما يخرج من فم دونالد ترامب كما لو كان قانونيًا فقط بسبب من يقوله». ثم أضاف: «التمويل الذى نحصل عليه فى نيويورك ليس منحة من «ترامب»، بل هو حقنا الذى نستحقه كمواطنين».
استطلاعات الرأى الأخيرة أظهرت تفوق ممدانى بفارق لا يقل عن عشر نقاط على منافسيه. فبحسب استطلاع أجراه مركز أطلس إنتل حتى 30 أكتوبر، حصل ممدانى على نسبة تأييد بلغت 41%، مقابل 34% لكومو و25% لسليوا.
لكن فى المقابل، جاءت هذه التطورات السياسية فى وقت يواجه فيه «ترامب» تراجعا كبيرا فى شعبيته على المستوى الوطنى. حيث أظهر استطلاع جديد أجرته شبكة CNN/SSRS ونشر الاثنين أن نسبة تأييد «ترامب» تراجعت إلى 37% فقط، وهو أدنى مستوى له منذ بداية ولايته الثانية فى يناير 2025، بعدما كانت تبلغ 47% فى فبراير الماضى.
وشمل الاستطلاع 1245 شخصًا بالغًا بين 27 و30 أكتوبر، وأظهر أن 63% من الأمريكيين يرفضون أداء «ترامب»، وهى نسبة قريبة من أدنى مستوى سجله بعد أحداث اقتحام مبنى الكابيتول فى يناير 2021. وأفاد 68% من المشاركين بأن الأمور فى الولايات المتحدة تسير «بشكل سيئ إلى حد ما أو سىء للغاية»، مقابل 32% قالوا إنها تسير «بشكل جيد إلى حد ما أو جيد جدًا».
وبحسب النتائج، اعتبر 47% من الأمريكيين أن الاقتصاد وتكاليف المعيشة هما القضية الأهم التى تواجه البلاد، بينما جاءت حالة الديمقراطية فى المرتبة الثانية بنسبة 26%. أما الهجرة، رغم كونها محورًا أساسيًا فى خطاب إدارة «ترامب» فلم تشكل سوى مصدر قلق رئيسى لـ10% فقط من المستطلعين.
وعن أداء «ترامب» الاقتصادى، قال 27% فقط إن سياساته حسّنت الوضع الاقتصادى، مقابل 61% رأوا أنها أضرّت به و12% قالوا إنها لم تحدث فرقًا يُذكر. ويأتى ذلك فى وقت تتصاعد فيه المخاوف فى المناطق الريفية ذات القاعدة الجمهورية، حيث تسببت الرسوم الجمركية التى فرضها «ترامب» فى تسريح عمال المصانع وتباطؤ الإنتاج.
فى الشأن الخارجى، اعتبر 32% أن قرارات «ترامب» عززت مكانة الولايات المتحدة العالمية، مقابل 56% قالوا إنها أضرّت بها، و12% قالوا إنها لم تحدث فرقًا. كما رأى 61% من المشاركين أن «ترامب» بالغ فى استخدام سلطاته الرئاسية، بينما اعتبر 31% أنه استخدمها بشكل مناسب و9% فقط رأوا أنه لم يستخدمها بما فيه الكفاية.
ومع اقتراب انتخابات التجديد النصفى فى نوفمبر المقبل، قال 41% من الأمريكيين إن تصويتهم للكونجرس سيكون وسيلة لإظهار معارضتهم لـ«ترامب»، مقابل 21% قالوا إن تصويتهم سيعبر عن دعمهم له، فيما أكد 38% أن تصويتهم لن يكون موجهاً لإرسال أى رسالة لـ«ترامب».