المشاط: نتبنى نموذجًا اقتصاديًا جديدًا من خلال «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية»
شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في الدورة الثانية من «منتدى القاهرة»، الذي ينظمه المركز المصري للدراسات الاقتصادية، ويناقش في دورته الحالية تزايد الاضطرابات العالمية في ظل الصراعات الجيوسياسية، وتدهور الأحوال المناخية، كما يناقش مستقبل النظام متعدد الأطراف، والاقتصاد العالمي.
وتحدثت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في الجلسة النقاشية الأولى حول «انكماش موارد مؤسسات التمويل الإنمائية والتهديد الذي يواجه تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، خاصة في أفريقيا»، إلى جانب إيلينا بانوفا، المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في مصر، وستيفان جيمبرت، المدير الإقليمي لمصر واليمن وجيبوتي بمجموعة البنك الدولي، والدكتور مارك ديفيز، المدير الإداري لمنطقة جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط، البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، والدكتورة نانجولا نيلولو أواندجا، الرئيسة التنفيذية لمجلس الترويج للاستثمار والتنمية في ناميبيا، وأدار الجلسة المهندس طارق توفيق، نائب رئيس المركز المصري للدراسات الاقتصادية.
وفي الكلمة- التي ألقتها عبر الفيديو- أوضحت الدكتورة رانيا المشاط، أن العالم يواجه اليوم واقعًا جديدًا ينعكس على مختلف الدول من مختلف الجوانب خاصة الاقتصادية، لا سيما من الدول التي تسهم في رأس المال وتحدد أولويات المؤسسات متعددة الأطراف ومؤسسات التمويل التنموي. ويتجلى ذلك في تراجع التمويلات التنموية للدول النامية ومتوسطة الدخل.
وأوضحت أنه مع ارتفاع تكلفة الاقتراض نتيجة الصدمات العالمية المتلاحقة، أصبح توجيه الموارد نحو تعزيز استثمارات القطاع الخاص أولوية أساسية، ولذلك تأتي أهمية الشراكات بين مؤسسات التمويل التنموي، والحكومات، والقطاع الخاص لحشد المزيد من الموارد، ومواءمة الأولويات الوطنية مع الأهداف العالمية.
وأشارت إلى أن التحدي الحقيقي ليس التمويل، ولكن من الضروري توظيف الخبرات الفنية لبنوك التنمية متعددة الأطراف لدعم الدول النامية لرفع قدراتها في مجال تصميم والمشروعات وإعدادها بما يحفز رؤوس الأموال الخاصة على الدخول في تلك المشروعات.
وتحدثت «المشاط»، عن مفهوم «الصالح العام العالمي»، وهو تلك الحلول التي تطبقها الدول ويتجاوز العائد منها الحدود الوطنية إلى المستوى الإقليمي والدولي وهو ما يدعم المرونة والقدرة على الصمود.
كما أكدت «المشاط»، على ضرورة قيام مؤسسات التمويل الدولية بإعطاء الأولوية للاستثمارات التحفيزية، بالإضافة إلى دمج التكيف المناخي والقدرة على الصمود في جميع المحافظ الاستثمارية للمؤسسات الدولية، مشددة على ضرورة زيادة الاستثمار في رأس المال البشري، وأن تتوافق استثمارات مؤسسات التمويل مع أولويات الدول في التعليم والصحة والتدريب، وربط التمويلات بمخرجات ونتائج محددة.
وقالت إن هناك حاجة متزايدة لآليات تمويل مشتركة تجمع موارد مؤسسات التمويل في صناديق متعددة الأصول، بما يتيح تعبئة أكبر لرأس المال الخاص، بالإضافة إلى ضرورة تعزيز الشراكات بين مؤسسات التمويل، والحكومات، والمجتمع المدني والقطاع الخاص لتحويل الموارد المحدودة إلى نتائج تنموية طويلة الأمد.
وفي هذا الصدد، أشارت إلى أن منصة الضمانات الجديدة لمجموعة البنك الدولي، تُمثل أداة مهمة لتسريع وتيرة جذب الاستثمارات، وخفض المخاطر، وتحفيز مشروعات البنية التحتية والمشروعات المناخية بطريقة أكثر كفاءة وشفافية.
وانتقلت للحديث حول تجربة الإصلاح الاقتصادي في مصر، مضيفة أنه من خلال «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية»، تستهدف الدولة التحول إلى نموذج اقتصادي جديد يركز على القطاعات الإنتاجية والتصديرية، يقوده القطاع الخاص، وفي هذا السياق من المستهدف زيادة نصيب استثمارات القطاع الخاص إلى 66% من إجمالي الاستثمارات بحلول 2030، وزيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي 82%، موضحة أن حوكمة الاستثمارات العامة تستهدف إعادة توجيه رأس المال مع إتاحة حيز مالي للإنفاق على الصحة والتعليم، وتحفيز القطاع الخاص.
وقالت «المشاط»، إن مصر تعمل على توسيع مشاركة القطاع الخاص من خلال أدوات مبتكرة لتقليل المخاطر بالتعاون مع مؤسسات التمويل التنموي، من بينها منصة الضمانات الموحدة للبنك الدولي، وآلية ضمانات الاستثمار مع الاتحاد الأوروبي، وآلية تحفيز مشروعات الشراكة مع القطاع الخاص التي تم إطلاقها مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية.
إلى جانب ذلك، أشارت «المشاط»، إلى آلية مبادلة الديون مع ألمانيا وإيطاليا، التي أسهمت في تمويل مشروعات تنموية متعددة في قطاعات التنمية الريفية، والتعليم، والأمن الغذائي، وخلق فرص العمل، ومؤخرًا، أطلقت مصر أول برنامج مبادلة ديون مع الصين على مستوى العالم.
واختتمت كلمتها بالتأكيد على أن المنصات الوطنية تُحدث تأثيرًا أكبر من المشروعات المنفردة، من خلال حشد التمويلات والدعم الفني على نطاق واسع، كما أن الضمانات تحفز الاستثمارات الخاصة وتمكنها من الدخول في القطاعات عالية المخاطر، وكذلك تعزيز الاستقرار ووضوح السياسات يُعد شرطًا أساسيًا في عملية حشد التمويل.