بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

بين الفخر الوطنى الرياضى

من مجد الحضارة إلى حيرة الجماهير.. إنجازات تُرفع لها القبعة وأداء كروى يثير التساؤلات، شهدت الأيام الأخيرة فى مصر مشهداً متبايناً بين قمة الفخر الوطنى ومرارة القلق الرياضى.

ففى الوقت الذى أبهر فيه افتتاح المتحف المصرى الكبير العالم بعظمة التاريخ والحضارة، جاء إنجاز منتخب ناشئى كرة اليد ليمنح المصريين جرعة فخر جديدة بعد حصوله على فضية كأس العالم، وإن كنا نتمنى أن تكون ذهبية، إلا أن الأداء البطولى للناشئين كان كفيلاً بإسعاد كل مصرى.

حضارة تتحدث.. وحدث يليق باسم مصر

الافتتاح المهيب للمتحف المصرى الكبير لم يكن مجرد فعالية ثقافية، بل حدث عالمى يليق بتاريخ مصر العريق.

التنظيم المبهر، الحضور الدولى الواسع، والعروض التى جمعت بين الأصالة والتطور، أكدت أن مصر قادرة على الجمع بين الماضى المجيد والحاضر الطموح.

لقد أثبتت الدولة مرة أخرى قدرتها على تقديم صورة حضارية تبهر العالم وتعيد الثقة فى إمكانياتها التنظيمية والثقافية.

ورغم روعة الحدث، إلا أن النقل التلفزيونى كان بحاجة إلى بعض التطوير، خاصة فى عرض أسماء المدعوين والشخصيات البارزة، ليتمكن الجمهور من التعرف على من شاركوا فى هذا المشهد التاريخى، ونشارك جميعاً فخر تمثيلهم لمصر فى حدث بهذا الحجم.

كرة اليد المصرية ترفع الرأس

على الجانب الرياضى، جاءت ملحمة ناشئى كرة اليد لتؤكد أن مصر تمتلك جيلاً واعداً من الأبطال القادرين على رفع راية الوطن عالياً.

هؤلاء الشباب جسّدوا قيم الإصرار والانضباط والعمل الجماعى، فبروح قتالية وانتماء حقيقى لقميص المنتخب، تمكنوا من الوصول إلى نهائى كأس العالم وحصدوا المركز الثانى بجدارة، مضيفين صفحة جديدة إلى تاريخ الرياضة المصرية المشرق.

بين من يصنع الفخر ومن يثير القلق

لكن وسط كل هذا الزخم الإيجابى، تبقى كرة القدم — اللعبة الشعبية الأولى — عنواناً للحيرة.

فالأخطاء تتكرر، والمدربون يتبدلون دون رؤية واضحة، والنتائج لا تعكس حجم الإمكانيات ولا طموحات الجماهير.

مدربون أجانب يأتون ويرحلون دون بصمة، ومدربون مصريون ناجحون لا تُمنح لهم الفرصة رغم إنقاذهم للموقف أكثر من مرة.

المشهد فى الأهلى مثال واضح: تعيينات متكررة دون استقرار، وتجارب تُعاد رغم فشلها، فى وقت كان فيه مدرب مصرى أثبت نجاحه وانسجامه مع اللاعبين متاحاً، لكنه رُحل بلا مبرر مقنع.

ولا يختلف الوضع كثيراً فى الأندية الأخرى، فغياب الرؤية والإصرار على التجريب دون تخطيط جعل الكرة المصرية تعيش حالة من الدوار الفنى.

أما الزمالك، فبدأ مؤخراً خطوة على الطريق الصحيح بإعادة الثقة فى المدرسة المصرية، وهى بداية تحتاج إلى صبر ودعم أن أراد النادى استعادة هيبته.

الدرس الأهم

النجاح، سواء فى الحضارة أو الرياضة، لا يأتى صدفة.

إنه ثمرة تخطيط، انضباط، وإدارة واعية.

الفخر الوطنى لا يُصنع بالشعارات، بل بالعمل الدؤوب فى كل تفصيلة — تماماً كما حدث فى المتحف المصرى الكبير، وكما جسّده ناشئو اليد داخل الملعب.

وأخيراً.. فى أسبوع واحد، جمعت مصر بين الفخر العالمى فى افتتاح المتحف المصرى الكبير، والأمل المتجدد فى إنجاز ناشئى اليد، والقلق المتزايد فى كرة القدم، وبين تلك المشاهد، تبقى الحقيقة واضحة: مصر لا ينقصها المجد ولا الموهبة، بل تحتاج فقط إلى روح الالتزام والتطوير التى تجعل من كل مجال قصة نجاح جديدة.

[email protected]