بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

قرار جديد يهدد شفافية فواتير الإنترنت في أمريكا

بوابة الوفد الإلكترونية

 في خطوة أثارت موجة من الجدل بين المدافعين عن حقوق المستهلكين، صوّتت لجنة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية (FCC)، التي يهيمن عليها الأعضاء الجمهوريون، بالموافقة على مقترح تنظيمي جديد يقلل من شفافية فواتير الإنترنت، ويحد من التفاصيل التي تُعرض للمستهلكين حول الرسوم الفعلية لخدمات النطاق العريض.

 الاقتراح، الذي تم تمريره رغم معارضة العضو الديمقراطي الوحيد في اللجنة، يهدف إلى مراجعة ما تصفه اللجنة بـ«المتطلبات غير الضرورية» المتعلقة بما يُعرف بـ«ملصقات حقائق النطاق العريض» — وهي جداول مبسطة ألزمت بها إدارة بايدن مزوّدي خدمات الإنترنت منذ أبريل 2024 لتمكين العملاء من معرفة تفاصيل الرسوم والتكاليف الفعلية لكل باقة إنترنت.

 وبحسب ما نقله موقع CNET، فإن اللجنة ترى أن عرض التفاصيل الدقيقة للرسوم الشهرية قد «يُربك العملاء» بدلًا من أن يفيدهم، ما دفعها إلى اقتراح تقليص المعلومات المتاحة في هذه الملصقات، لكن هذا المبرر قوبل بانتقادات واسعة من خبراء الشفافية الرقمية الذين وصفوا القرار بأنه خطوة إلى الوراء في حماية حقوق المستهلك.

 وقالت آنا غوميز، العضو الديمقراطي الوحيد في اللجنة، إن المقترح هو «من أكثر القرارات عداءً للمستهلكين التي شهدتها اللجنة على الإطلاق»، منتقدة غياب المبررات المنطقية للتغيير، وأضافت: «ما يزيد الطين بلة هو أن لجنة الاتصالات لا تقدم حتى تفسيرًا مقنعًا لسبب هذا القرار، اجعلوه منطقيًا على الأقل».

 نهاية الشفافية في الفواتير الرقمية:

 يُذكر أن «ملصقات النطاق العريض» ظهرت لأول مرة عام 2016 كجزء من مبادرة لتوضيح التكاليف الفعلية التي يدفعها المشتركون مقابل خدمات الإنترنت، بما في ذلك الرسوم الخفية التي لا تُدرج عادة في الأسعار الإعلانية، ومع تطبيق إدارة بايدن لهذه الملصقات رسميًا عام 2024، رحّب بها المستخدمون باعتبارها أداة فعالة لمعرفة ما يدفعونه فعليًا مقابل الخدمة.

 لكن المقترح الجديد من لجنة الاتصالات الفيدرالية من شأنه أن يُقلّص من دور هذه الملصقات بشكل كبير، فبموجب القرار المرتقب، لن يُطلب من مزوّدي خدمات الإنترنت تقديم هذه المعلومات عبر الهاتف أو ضمن بوابات الحسابات الإلكترونية أو حتى في الفواتير الشهرية التفصيلية. 

 كما ستصبح الملصقات أقل وضوحًا، وربما مخفية ضمن صفحات جانبية على مواقع الشركات، ما يجعل الوصول إليها صعبًا للغاية.

 رضا بانجواني، كبير مستشاري السياسات في معهد التكنولوجيا المفتوحة التابع لمؤسسة "نيو أمريكا"، وصف الخطوة بأنها «عملية سياسية من خطوتين»، موضحًا: «في البداية تُضعف الملصقات وتجعلها عديمة الفائدة، ثم تقول لاحقًا إنها غير مفيدة وتبرر التخلص منها».

 ورغم ما تدعيه اللجنة من أن هذه المتطلبات «مرهقة وغير مفيدة»، تُظهر الدراسات عكس ذلك تمامًا. فقد كشفت دراسة أُجريت عام 2024 على أكثر من 5000 من مستخدمي الإنترنت في الولايات المتحدة أن 85% من المشاركين أعربوا عن رضاهم عن «ملصقات حقائق النطاق العريض»، مؤكدين أنها ساعدتهم على فهم الفواتير ومقارنة الأسعار بشكل أفضل.

 ويُعد هذا الملف حساسًا بالنسبة للمستهلك الأمريكي، إذ تُظهر الإحصاءات أن الولايات المتحدة تُعد من أغلى الدول في العالم في أسعار خدمات الإنترنت، حيث يدفع المستخدم الأمريكي ضعف ما يدفعه نظيره في أوروبا أو آسيا مقابل نفس السرعات.

 حتى الآن، يُعتبر هذا المقترح مجرد خطوة أولى في طريق اعتماد القواعد الجديدة، إذ ما زال في مرحلة «الإشعار بإصدار قواعد مقترحة» (NPRM)، ومن المقرر إجراء تصويت نهائي خلال الأسابيع المقبلة، ويتوقع المراقبون تمريره بسهولة في ظل هيمنة الجمهوريين على اللجنة.

 ورغم ذلك، يواصل المدافعون عن الشفافية وحماية المستهلكين الضغط لإيقاف القرار، مؤكدين أن تقليص المعلومات التي تُعرض على المواطنين لا يخدم سوى الشركات الكبرى على حساب العملاء الذين يبحثون ببساطة عن إجابة واضحة للسؤال: «ما الذي أدفعه فعليًا كل شهر؟».

 بهذا، يبدو أن معركة الشفافية في فواتير الإنترنت الأمريكية تدخل فصلًا جديدًا، بين من يرى أن التفاصيل الدقيقة تربك المستهلك، ومن يؤمن أن المعرفة الدقيقة هي حق لا يجب التراجع عنه.