بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

خارج المقصورة

معركة البورصة

فى عالم تصفية الحسابات، لا مكان للعقل أو للرحمة؛ فكل طرفٍ فى ساحة الصراع لا يرى أمامه سوى هدفٍ واحد.. الانتصار بأى ثمن، حتى لو احترق فى طريقه الأخضر واليابس. وحينما يكون الصراع على المال، تصبح المعركة أكثر شراسة، وأكثر قسوة، إذ لا تقف فصولها عند حدود المتنازعين، بل تمتد لتُسقط فى طريقها ضحايا أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم تواجدوا فى ساحة المعركة الخطأ.
المأساة تبلغ ذروتها عندما تنتقل هذه المشاهد إلى شاشات البورصة، فهناك تتحول الأرقام إلى رصاص، والأسهم إلى ساحات حرب خفية، لا يدفع ثمنها سوى صغار المستثمرين الذين يشاهدون مدخراتهم تتبخر على شاشات التداول، بينما كبار اللاعبين يمتلكون من الأدوات ما يمكنهم من تعويض خسائرهم فى معارك أخرى.
ذلك ما حدث مؤخرًا فى سوق الأسهم المصرية، عندما شهد المتعاملون فصلًا صاخبًا من فصول العبث المالى، بطله مجموعة من المتلاعبين القدامى وكبار المستثمرين فى شركة مدرجة «كوبر للاستثمار».. فجأة، خرج الصراع الخفى إلى العلن، واشتعلت المعركة على الشاشة فى مشهد أقرب إلى حرب مالية مفتوحة، تداخلت فيها أوامر البيع كطلقات نارية فى ساحة قتال لا تعرف الرحمة.
تحولت أوامر البيع من مجرد أداة استثمارية إلى سلاح لتصفية الحسابات، إذ شهدت الشركة خلال ثلاث جلسات فقط موجة بيعية ضخمة وصلت إلى 38 مليون سهم، وهى كمية كفيلة بإسقاط أقوى الأسهم وإدخالها فى دوامة هبوط متتالٍ.
لم يكن الأمر مجرد تداول عادى، بل أقرب إلى تكسير عظام متعمد بين أطراف متصارعة، يسعى كل منها لإلحاق أكبر قدر من الخسائر بالآخر، مستغلين أن ما يفعلونه – قانونيًا – لا يُعد جريمة صريحة، فالسوق مفتوح للبيع والشراء والتخارج، دون حدود واضحة بين النية المالية والتلاعب المقنع.
ترك هذا المشهد دون تدخل رقابى حاسم يُعد قنبلة موقوتة تهدد استقرار سوق المال المصرى بأكمله، إذ يُخشى أن يتحول هذا النمط من الصراعات إلى عدوى تنتقل بين الأسهم، لتصيب السوق بحالة من الفوضى والهلع، وتُضعف ثقة المستثمرين فى عدالة وشفافية التداول.
القصة لم تعد مجرد صراع بين أطراف نافذة، بل أصبحت جرس إنذار لسوقٍ يحتاج إلى يقظة رقابية عاجلة، تحمى صغار المستثمرين، وتعيد هيبة القواعد التى وُجدت لتضمن أن تظل البورصة ساحة استثمار.. لا ساحة انتقام.
< يا سادة.. حتى لا يتكرر مثل هذا المشهد فى شركات أخرى لابد من إجراء رادع من جانب الرقابة المالية والبورصة قبل انفلات الأمور.