كاريزما
فؤاد حداد
فى ذكرى ميلاد؛ ورحيل الشاعر فؤاد حداد.. أعتقد أنه لم يبق من شىء يقال عن هذا الرجل الرائد الذى اتفق على تسميته أبو الشعراء.
كان لى شرف التعرف عن قرب مع الشاعر الأصيل فقد كنت أراسل مجلة صباح الخير لنشر قصائدى فى باب (قال الشاعر) وكان يحرره فؤاد حداد؛ كان ينشر قصائدنا نحن الشعراء الشباب؛ ثم بعد مجموعة أعداد؛ ينشر تعليقًا نقديًا على القصيدة؛ وكان هذا التعليق بمثابة شهادة ميلاد أو شهادة اعتراف بالشاعر.. كما كانت تحمل فى طياتها مجموعة من زرع الخبرات فى قلب الشاعر وإرشادات حول قراءاته وهكذا كان هذا الباب فعالًا قويًا انطلق الشباب من خلاله إلى عالم أكبر اتساعًا.
كان فؤاد حداد ينشر قصائدى دون أن أراه ثم زرت مؤسسة روزاليوسف التى تصدر مجلة صباح الخير؛ وقال لى رسام الكاريكاتير الراحل رؤوف عياد إن الشاعر فؤاد حداد موجود اليوم فى المجلة؛ ثم قدمنى له وبدأ التعارف؛ وكانت أول كلمة قالها لى هى: شكلك شكل شاعر. وضحكنا ثلاثتنا.. فعلق رؤوف عياد قائلًا: إيه رأيك يا أستاذ فؤاد، ينفع شاعر الشباب أم شاعر الحب على أى حال أرجو ألا يكون شاعر البؤس.
وهكذا صار الأستاذ الكبير صديقًا حقيقيًا -مع الاعتراف بقيمته الرائعة- إلا أنه كان بسيطًا حنونًا كنت أحس أنه أبى المحب المعلم.
مرت سنوات وصار يوم لقائى بالأستاذ يومًا مقدسًا حتى صدمنى خبر بالمصادفة فى الصفحة الأولى من جريدة الجمهورية التى تصدر فى اليوم التالى؛ خبر رحيل فؤاد حداد.
الخبر دمرنى حقًا؛ وأحسست بالعجز أمامه.. وظللت حائرًا حتى عرفت عنوانه وزرته فى مساء أحد الأيام وفوجئت بأبنه أمين (حاليًا الشاعر الكبير أمين حداد) يستقبلنى باحتفاء شديد ويعقب؛ أن الوالد كلمنى كثيرًا عنك. وأدهشنى هذا الحوار. وبعد أن عدت إلى منزلى كنت استعيد هذا الكلام فى مخيلتى وأتأمله لأتأمل شخصية هذا الرجل الشامخ.
إنتاج فؤاد حداد الشعرى نشرته الهيئة العامة لقصور الثقافة فى مجموعات وخلالها عرفنا أعمالا مجهولة لم تنشر من قبل؛ إلى جانب ترجماته المهمة سواء لاشعار الشعراء المناضلين أو ترجمة الأعمال الدرامية التى أحدثت دويا فى عالم الثقافة والفنون والآداب. فؤاد حداد شاعر عالمى بكل المقاييس ولا أعرف كيف لا نحتفى به مثلما يحتفل العالم بمبدعيهم. روسيا برغم انشغالها فى حرب لا تزال دائرة؛ تحتفل حاليًا ولمدة شهر كامل بالشاعر بوشكين وتحتفل اليونان بذكرى أوفيد فى شهر مارس المقبل؛ وإسبانيا تحتفل فى أبريل القادم بالشاعر بابلو نيرودا.. وهكذا.. أما نحن فلا نعرف كيف نخلد رموزنا!.
[email protected]