بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

ردًا على من يرمي المسلمين بالكفر.. جمعة: الاختلاف رحمة لا فتنة

بوابة الوفد الإلكترونية

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن العالم الإسلامي ابتُلي في السنوات الأخيرة بفتنٍ متلاحقة كقطع الليل المظلم، كان أساسها الغلو والتفسير الناقص للنصوص، حتى استسهل بعض الناس رمي المسلمين بالبدعة والكفر والجهل في قضايا اجتهادية، نادى بها أئمة الأمة وعلماؤها عبر العصور.


وأكد أن سرَّ خلود الإسلام وتميّزه هو الاختلاف المحمود الذي دعا إليه الدين، وتحلّى به العلماء منذ نشأة الحضارة الإسلامية، معتبرًا أن الغلوّ والانغلاق وجهان لمرضٍ واحدٍ سببه غياب ضوابط الحوار وآدابه.


أصل الفتن الفكرية

وأضاف الدكتور جمعة أن الداء الأكبر الذي غذّى هذه الفتن هو انعدام أدب الخلاف، مؤكدًا أن الهدف من الحوار يجب أن يكون الوصول إلى الحق لا الانتصار للأهواء أو العصبيات.
وقال: «لقد أمرنا الله تعالى بالقول الأحسن، لأن الكلمة الخشنة تفتح باب الشيطان، وتزرع العداوة والبغضاء»، مستشهدًا بقوله تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ}.

وأوضح أن النبي ﷺ لم يكن سبّابًا ولا فاحشًا، وكان خلقه في الجدال والحوار قمة اللين والحكمة، فاقتدى به العلماء في خلافاتهم الفكرية والفقهية.


خلاف راقٍ وأدب جم

واستشهد المفتي السابق بما جرى بين العلماء من خلافات علمية لم تفسد للود قضية، مثل الإمام الذهبي وتقي الدين السبكي، رغم اختلاف منهجهما العقدي، فقد كان الاحترام المتبادل هو اللغة السائدة بينهما.
وأشار إلى أن علماء الأمة لم يبنوا أحكامهم على الظنون أو الاتهامات، بل كانوا يحسنون الظن بالمسلمين جميعًا، ويحملون كلامهم على أحسن محامله، خصوصًا العلماء الذين يتكلمون بدليل أو اجتهاد معتبر.
 

 منهج المحدثين والفقهاء

وبيّن الدكتور جمعة أن علماء الحديث وضعوا ضوابط دقيقة للنقد، ولم يكن من أخلاقهم أن يهين بعضهم بعضًا، بل كانت الغاية حفظ الدين وصون السنة لا إسقاط الأشخاص
وقال: «لم يكن من شيم العلماء الطعن أو الإهانة، لأن العلم لا يُثمر إلا بالأدب، والأدب روح العلم»، موضحًا أن من يسيء اليوم بحجة “الغيرة على الدين” إنما يتشبه بالعلماء في الشكل لا في الجوهر.
 

الخلاف رحمة

ونقل عن الحافظ ابن رجب الحنبلي قوله إن كثيرًا من أئمة الدين قد يجتهدون في مسائل مرجوحة فيُؤجرون، لكن من يتعصب لأقوالهم بلا علم أو بدافع الهوى يقع في فساد النية ويُفسد روح الخلاف.


وأضاف جمعة أن الهوى لم يكن مطيّة الصحابة أو التابعين في خلافاتهم، بل كانت نياتهم خالصة في طلب الحق، تحكمها أخوة الإسلام وأدب المناظرة، لا العداوة والخصومة.

أدب الاختلاف ضمان بقاء الأمة

واختتم الدكتور علي جمعة تصريحه مؤكدًا أن أخلاق الخلاف وآدابه كانت ولا تزال سببًا في بقاء الأمة الإسلامية وتماسكها، قائلًا:«الإسلام دين الحوار الراقي، والاختلاف فيه رحمة، لكن الغلوّ والسبّ والشقاق هي الفتنة التي تمزّق الأمة وتفقدها روحها».