بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

100 ألف شخص وقعوا ضحية بث مزيف لشركة NVIDIA والرئيس "المزيف" يروج لاستثمارات وهمية

بوابة الوفد الإلكترونية

في مشهد يُجسّد خطورة التزييف العميق في عصر الذكاء الاصطناعي، وقع نحو 100 ألف شخص ضحية لبث مباشر مزيف نُسب إلى شركة NVIDIA، ظهر فيه الرئيس التنفيذي للشركة جنسن هوانج بنسخة رقمية مُولّدة بالكامل بالذكاء الاصطناعي، وفق ما كشفه موقع PC Gamer.

المثير في الأمر أن البث المزيف تزامن مع فعالية حقيقية للشركة، مما ضاعف من واقعيته وأربك المشاهدين، إذ تجاوزت مشاهداته أثناء العرض المباشر خمسة أضعاف المشاهدات الرسمية للبث الحقيقي لمؤتمر الشركة السنوي لتكنولوجيا معالجات الرسومات (GTC).

وبينما لم تتجاوز مشاهدات المؤتمر الفعلي 20 ألف مشاهد مباشر، جذب البث المزيف أكثر من 100 ألف مشاهدة، مستغلًا مظهرًا واقعيًا لهوانغ وهو يتحدث بحماس عن “تبنٍ عالمي للعملات المشفرة” تحت شعار “تسريع التقدم البشري” — وهي عبارات مُغرية لكنها مضلّلة بالكامل.

خلال البث، دعا “هوانغ المزيف” الجمهور إلى مسح رمز QR بغرض “المساهمة في مشروع استثماري مستقبلي”، في عملية احتيال رقمية تهدف إلى سرقة العملات المشفرة. وحتى الآن، لا تتوفر معلومات مؤكدة حول ما إذا كان المشاهدون قد أرسلوا أموالًا بالفعل، لكن المؤكد أن البث أُزيل بعد وقت قصير من انتشاره.

الخبراء يشيرون إلى أن الواقعة تكشف مدى تطور تقنيات التزييف العميق، خصوصًا عندما تتوفر كميات ضخمة من لقطات الفيديو الحقيقية للشخصيات العامة. فالرئيس التنفيذي لشركة NVIDIA ظهر في عشرات المؤتمرات والعروض التقنية خلال السنوات الأخيرة، وهو ما منح المحتالين مكتبة ضخمة لتدريب خوارزميات الذكاء الاصطناعي على تقليده بدقة مذهلة.

ولم يكن الحدث الحقيقي لشركة NVIDIA يحمل أي محتوى مثير للجدل، بل تركز حول شراكة مع أوبر لتطوير حلول القيادة الذاتية وبعض العقود الحكومية، ما يجعل البث المزيف أكثر جذبًا بسبب طبيعته الغريبة والمليئة بالوعود الخيالية.

ويُرجّح محللون أن المحتالين استخدموا أساليب ترويج مدفوعة أو روابط خبيثة لرفع عدد المشاهدات، وربما اعتمدوا على حسابات آلية لتضخيم الأرقام، خاصة أن تفاصيل الجمهور الحقيقي للبث لم تُكشف بعد.

الواقعة تُعيد للأذهان تحذيرات متكررة من خطورة استخدام الذكاء الاصطناعي في خداع الرأي العام وتزييف الوعي البصري، خصوصًا في ظل الانتشار السريع للأدوات التي تتيح لأي شخص إنشاء نسخ واقعية من المشاهير والسياسيين في دقائق معدودة.

وفي الوقت الذي تُكافح فيه شركات التكنولوجيا الكبرى لمواجهة هذا النوع من التضليل، يبدو أن موجة التزييف العميق ما زالت تتسع. فقبل أسابيع فقط، ظهر سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، في مقاطع فيديو مزيفة أنتجها الذكاء الاصطناعي تُظهره في مواقف ساخرة وغريبة، ما أثار جدلًا واسعًا حول حدود استخدام الصورة الرقمية للأفراد.

وتؤكد هذه الحادثة أن الذكاء الاصطناعي لا يهدد الوظائف فقط، بل الثقة نفسها — الثقة في ما نراه ونسمعه على الإنترنت. ومع تسارع قدرات الخوارزميات على توليد محتوى واقعي تمامًا، يبدو أننا ندخل مرحلة جديدة من “الواقع المُفبرك”، حيث قد لا يكون ما تراه على الشاشة حقيقيًا على الإطلاق.