بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

فى وجوب استعادة التأثير الفنى لمصر

فى مطلع الأسبوع الحالى وجهت مصر رسالة سلام إلى العالم من خلال احتفالية فنية رفيعة المستوى احتفاءً بالذكرى الثانية والخمسين لانتصارات أكتوبر المجيدة، وتقديرًا للدور العظيم لأبناء مصر فى تحقيق وقف إطلاق النار فى قطاع غزة.

من مدينة الفنون بالعاصمة الإدارية، وفى حضور رئيس الجمهورية وعدد كبير من المسئولين ورجال الدولة، تابعنا فقرات فنية ساحرة ومتنوعة أكدت للعالم كله أن مصر وطن سلام وأرض حضارة، وموطن إبداع، وأنها رغم كل ما واجهته من تحديات وصعاب ومشكلات اقتصادية واجتماعية، فإنها قادرة على التميز والتأثير ثقافيًا وفنيًا مثلما تؤثر سياسيًا.

لقد رأينا وسعدنا بمشاركة فنانين كبار وشباب موهوبين لديهم حضور وتأثير وتميز مثل أحمد الغندور «الدحيح»، وحمزة نمرة، وهشام ماجد، ومصطفى غريب، ومحمد سلام وغيرهم، وهو ما أشار إلى حقيقة راسخة مفادها أن مصر ما زالت تمثل أكبر تجمع للمواهب فى المنطقة العربية، لذا، فإننا إن سألنا عن أفضل الموسيقيين فى الشرق الأوسط، لسمعنا أسماء لامعة لمُلحنين ومطربين مصريين علموا الأجيال. وإن بحثنا عن أقوى ممثلى الدراما والكوميديا لتركزت الإجابة فى فنانين من مصر. وحتى فى مجالات التأليف المسرحى والإعلام والفنون الشعبية، تعلو مصر بكوادرها اللامعين المتميزين القادرين على الاصطفاف دائمًا فى محبة الوطن.

ولا شك أن ذلك يدفعنا إلى التذكير بأهمية النظر إلى الفن والإبداع كقوى ناعمة عظيمة يُمكن أن تحمل رسالة تحضر وسلام إلى العالم كله، ولنا فى مهرجان الجونة السينمائى عبرة.

ويُمكن فى الوقت ذاته أن تُقيم هذه القوى الناعمة جسور تواصل مع كافة الشعوب العربية.

لقد قلنا وقال غيرنا كثيرًا إن الفن يُمكن أن يؤثر فى الآخرين أكثر من أى شىء آخر، وإننا متميزون فيه عن غيرنا بُحكم الخبرات والتاريخ. ورغم ذلك فإنه منسى، وربما مستبعد من حسابات الحكومات مُنذ فترة، تحت تصور أنه لا يمثل أولوية فى ظل بناء المؤسسات ومواجهة تحديات الاقتصاد. لكن ما رأيناه مؤخرا فى حفل مدينة الفنون، ومهرجان الجونة السينمائى يُحتم علينا القول إننا قادرون على استعادة الفن، وتعظيم دوره، واستغلال طاقاته غير المستغلة.

وعلى الرغم مما تابعناه وشاهدناه وأبهرنا، فإن علينا الاعتراف بأن هناك تراجعًا كبيرًا فى صناعة السينما المصرية خاصة فى السنوات الأخيرة. وهذه الصناعة كانت فى وقت من الأوقات صناعة تصديرية قوية تحقق قيمة مضافة كبيرة اقتصاديًا وتشغيليًا، فضلًا عن رسائلها الحضارية. إن علينا أن نتساءل فى صراحة واهتمام عن الأسباب التى أدت إلى ذلك، وعن الدوافع التى دفعت فنانين ومبدعين مصريين متميزين إلى الهجرة أو العمل بالخارج، وعن كيفية استعادة الحضور والفاعلية الفنية فى العالم العربى.

لقد كانت مصر مركزًا عظيمًا للفن والابداع على مدى عقود طويلة، وأنتجت أفلامًا ومسلسلات تركت بصمات عظيمة فى نفوس المشاهدين العرب، وظلت هى الحاضن الأكبر للإبداع، وهى جسر التألق والصعود للموهوبين من مختلف الأقطار، ولا بد من استعادة مكانته، وهذا فى تقديرى مشروع قومى شديد الأهمية، لأن فوائده عظيمة وقيمته كبيرة، ونحن قادرون على إنفاذه.

وسلامٌ على الأمة المصرية