بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

من إيطاليا إلى الأرجنتين.. هل تقود الشعبوية إلى انهيار اقتصادي؟

جورجيا ميلوني وخافيير
جورجيا ميلوني وخافيير ميلي

تثير التجربة الاقتصادية للرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، الذي يواجه تحديات اقتصادية خانقة، تساؤلات حول تأثير السياسات الشعبوية على استقرار الاقتصادات العالمية، في ظل مقارنات متزايدة مع تجربة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، وزعماء شعبويين آخرين حول العالم.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة «الغارديان» البريطانية، فإن الوعود الشعبوية غالبًا ما تبدو جذابة في بدايتها، غير أن الواقع الاقتصادي يفرض نتائج مغايرة، مشيرة إلى أن الأرجنتين وإيطاليا تمثلان نموذجين بارزين لذلك.

 

الأرجنتين.. بين الوعود والإخفاق

اعتمد الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، الذي قدم نفسه كإصلاحي جريء، حزمة من الإجراءات القاسية شملت الخصخصة الواسعة وتخفيض الإنفاق العام وتحديد سقف لقيمة العملة الوطنية (البيزو) لكبح التضخم.

 

ورغم إشادة صندوق النقد الدولي في البداية بهذه الخطوات، فإن النتائج جاءت عكسية، إذ يعاني الاقتصاد اليوم من ركود حاد واحتياطات عملات أجنبية شبه مستنفدة، فيما يتوقع الخبراء مزيداً من التدهور بعد الانتخابات المقبلة.

 

وتشير الصحيفة إلى أن هذه السياسات أدت إلى ما يشبه "العاصفة المحكمة"، فخفض العملة قد يفجر التضخم مجددًا، بينما أدت إجراءات التقشف إلى شلل اقتصادي داخلي. حتى القرض الأميركي البالغ 20 مليار دولار الذي تدخل به الرئيس دونالد ترامب، لم ينجح في معالجة جذور الأزمة، بل أجّلها مؤقتًا.

 

التجربة الإيطالية.. وعود كبيرة وواقع صعب

وفي المقابل، توضح تجربة جورجيا ميلوني في إيطاليا كيف يستغل الزعماء الشعبويون الاستياء الاقتصادي للوصول إلى الحكم، ثم يجدون أنفسهم أمام قيود الأسواق والديون الأوروبية.

 

فمنذ انتخابها عام 2022، وعدت ميلوني بإعادة هيكلة الاقتصاد ومواجهة الهجرة، لكنها سرعان ما تخلت عن بعض شعاراتها المتشددة، خصوصًا تلك التي تتعلق بالانسحاب من منطقة اليورو. ووفق «الغارديان»، فإن حكومتها تواجه اليوم عجزاً مالياً متصاعداً، بينما يؤدي تجاهل تهدئة أسواق السندات إلى زيادة الفوائد وتفاقم الركود.

 

بريطانيا ونموذج فاراج

وحذرت الصحيفة من بروز نماذج مشابهة في بريطانيا مع صعود زعيم حزب الإصلاح اليميني نايجل فاراج، الذي يقدّم نفسه "بطل الشعب"، رغم خلفيته المالية المحافظة. فبرنامجه يقوم على خفض الإنفاق العام مع وعود بإنعاش الصناعات الثقيلة، وهي تناقضات تقول الصحيفة إنها "تعيد إنتاج أخطاء الشعبويين الآخرين".

 

نتائج الدراسات

ووفق دراسة نشرتها المجلة الاقتصادية الأميركية، حلّلت أداء 51 زعيمًا شعبويًا منذ عام 1900 حتى 2020، تبين أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ينخفض بنحو 10% بعد 15 عاماً من توليهم الحكم، نتيجة لتآكل المؤسسات الاقتصادية، وتراجع الاستقرار الكلي، وتدهور الثقة بالأسواق.

 

الشعبوية.. وعود قصيرة الأجل وكلفة طويلة الأمد

وترى «الغارديان» أن الزعماء الشعبويين يعدون بسيطرة الشعب على الاقتصاد، لكنهم غالباً ما يفشلون في مواجهة الديون المتراكمة والتقلبات المالية والضغوط الاجتماعية، لافتة إلى أن حتى حلفاءهم، مثل ترامب وميلي، اعتمدوا تدخلات حكومية غير تقليدية قد تُخلّف آثاراً سلبية طويلة المدى، رغم الطفرات التقنية التي تشهدها اقتصاداتهم.

 

في النهاية، تحذر الصحيفة من أن الشعبوية الاقتصادية، يساراً كانت أو يميناً، قد تبدو حلاً سريعاً في أوقات الأزمات، لكنها غالباً ما تترك وراءها اقتصاداً مثقلاً بالديون وضعف الإنتاج وفقدان الثقة بالأسواق.