بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

إدارة الوقت في عصر اللاوقت

أصبحنا نعيش في ما يمكن تسميته عصر اللاوقت، الذى تتراكم فيه المهام، وتتسابق الإشعارات، وتُختزل اللحظات في دقائق لا نشعر بها، المفارقة الكبرى أننا نملك أدوات تنظيم الوقت أكثر من أي جيلٍ مضى، ومع ذلك، نحن أكثر الناس شعورًا بنقصه!
في دقائقٍ لا نشعر بها تختصر حياتنا، لذا علينا أن نختار ما يستحق الانتباه
في هذا العصر الرقمي، لم تعد المشكلة في قِلّة الساعات، بل في تشظّي الانتباه، فكل إشعار، وكل مكالمة، وكل نافذة مفتوحة على الشاشة تسحبنا بعيدًا عن اللحظة الحقيقية، وبالتالي أصبحنا نعيش في دوامة المشغولية الدائمة، نتحرك بسرعة لكن دون وجهة واضحة.
هل كلما ازدادت طرقنا لتنظيم الوقت، ازدادت شعورنا بفقدانه
تبدو المفارقة غريبة، لكنها حقيقية، كلما ازدادت طرقنا لتنظيم الوقت، ازداد شعورنا بفقدانه، عندما نملك التطبيقات، والتقويمات الرقمية، والجداول الزمنية المحكمة، ومع ذلك نجد أنفسنا نلاحق الوقت بلا توقف، ونشعر بأن الدقائق تتسرب من بين أصابعنا، السبب ليس في التكنولوجيا نفسها، بل في تشظّي انتباهنا وتكدس المهام، ففي محاولة السيطرة على كل شيء، نفقد القدرة على التركيز على ما يهم حقًا.

إدارة الوقت اليوم لم تعد مجرد ترتيب للساعات، بل أصبحت فن استعادة الانتباه والوعي باللحظة، وفن اختيار ما يستحق، وترك ما يمكن أن ينتظر. 
إن إدارة الوقت لم تعد مسألة جدول أعمال فقط، بل فنّ إدارة الذات وسط الفوضى الرقمية، وأن تقول لا في وجه الزحام المعلوماتي أصبح مهارة بحد ذاتها، وأن تمنح انتباهك الكامل لمهمة واحدة هو فعل مقاومة في عالمٍ يطالبك بأن تكون في كل مكان في الوقت نفسه.
ولعلّ السرّ الحقيقي لإدارة الوقت اليوم ليس في زيادة الإنتاج، بل في استعادة التوازن، أن نعيد ترتيب أولوياتنا بما يتوافق مع قيمنا، لا مع ضغط السرعة المحيطة بنا، فليس المهم أن ننجز أكثر، بل أن ننجز ما يستحق.
ومن هذا المنطلق، لعلّ أعظم إنجاز يمكننا تحقيقه في عصر اللاوقت هو أن نتعلّم فنّ التوقّف أن نبطئ قليلًا، لنسمع صوت الحياة بين السطور، ونستعيد لحظاتنا قبل أن تذوب في زحام الزمن، وختامًا الشعور بفقدان الوقت ليس نتيجة نقصه، بل نتيجة غياب التوازن بين ما نفعله وما نعيش فعلاً.