بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

خطة الصين الخمسية.. استقلال تكنولوجي وتحول أخضر لمواجهة الضغوط الأمريكية

الصين
الصين

تتجه الصين نحو إقرار خطتها الخمسية الجديدة، التي تضع في مقدمة أولوياتها تحقيق الاكتفاء الذاتي التكنولوجي وتقليل الاعتماد على الأسواق والشركات الأجنبية، وفقًا لتقارير نشرتها وكالة بلومبرج.


الخطة، التي لم تعتمد رسميًا بعد، تمثل رؤية شاملة للفترة المقبلة في سياسات الحزب الشيوعي الصيني، ومن المنتظر الإعلان عنها رسميًا قبل القمة المرتقبة التي ستجمع الرئيس الصيني شي جين بينج بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في كوريا الجنوبية.

تركّز الخطة الجديدة على بناء قاعدة تكنولوجية وطنية قوية تجعل الصين أقل عرضة للضغوط الاقتصادية والسياسية القادمة من الخارج، خاصة في ظل تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة. 

وتشير التقارير إلى أن بكين تسعى لتقليص اعتمادها على منتجات التكنولوجيا الغربية، لا سيما في قطاعات استراتيجية مثل أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي، حيث ما تزال الشركات الأمريكية مثل Nvidia وOpenAI تهيمن على السوق العالمي.

وبحسب مصادر بلومبرج، فإن المقترح يهدف إلى تعزيز قدرات الصين في تصنيع الرقائق الإلكترونية، ودعم الشركات المحلية الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، في محاولة للابتعاد تدريجيًا عن الاعتماد على التقنيات الأمريكية. 

كما تتضمن الخطة إجراءات لدفع الاستهلاك المحلي كبديل عن الاعتماد على التصدير، خاصة بعد أن أثرت التعريفات الجمركية الأمريكية المتقلبة خلال فترة إدارة ترامب السابقة على حركة التجارة الصينية.

ووفقًا لتقارير وكالة أسوشيتد برس، تستند الخطة الجديدة في جوهرها إلى الخطة الخمسية السابقة التي أطلقتها الصين خلال السنوات الأولى من إدارة ترامب، والتي ركزت على دعم الابتكار كوسيلة للتعافي الاقتصادي بعد أزمة جائحة كوفيد-19.

 لكن الخطة الجديدة تمضي خطوة أبعد من ذلك، إذ تضع التكنولوجيا الخضراء في قلب التحول الاقتصادي، مركّزة على نمو قطاعات طاقة الرياح والطاقة الشمسية، مع هدف طموح لتسريع التحول البيئي الشامل في التنمية الصناعية والاجتماعية.

وتأتي هذه الخطة في وقت يزداد فيه التنافس بين بكين وواشنطن حول من يمتلك زمام المستقبل التكنولوجي للعالم. فبينما تفرض الولايات المتحدة قيودًا مشددة على تصدير التقنيات المتقدمة إلى الصين، خصوصًا في مجال أشباه الموصلات، تعمل بكين على إيجاد بدائل محلية وبناء سلاسل إمداد وطنية تقلل من تبعيتها للغرب.

وتُشير الخطة كذلك إلى نية الحكومة الصينية توسيع الاستثمارات العامة في مجالات البحث العلمي والتطوير، وزيادة تمويل الجامعات ومراكز الابتكار لتسريع وتيرة الإنتاج التكنولوجي المحلي. كما تتضمن الخطة حوافز للشركات الخاصة لتعزيز المنافسة الداخلية وتحقيق الاكتفاء الذاتي في مكونات الحواسيب وأجهزة الاتصالات.

ويرى محللون أن الخطة الخمسية الجديدة تمثل في جوهرها ردًا استراتيجيًا على الضغوط الأمريكية المتزايدة، ليس فقط في مجال التجارة، بل أيضًا في السباق العالمي على الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الأخضر. فالصين تسعى من خلال هذه الخطوات إلى إعادة صياغة موقعها في النظام الاقتصادي العالمي، والتحول من "مصنع العالم" إلى "مختبر العالم"، بحيث تكون قادرة على الابتكار والإنتاج دون قيود خارجية.

كما تُظهر الخطة تركيزًا متزايدًا على الاستدامة البيئية، إذ تعهدت الحكومة الصينية بتقليل الانبعاثات الكربونية وتسريع التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة بحلول عام 2030. وتأتي هذه الخطوات في إطار التزامات بكين الدولية المتعلقة بالاتفاقيات المناخية، إضافة إلى رغبتها في بناء نموذج اقتصادي قائم على التكنولوجيا الخضراء والمشروعات الذكية.

في نهاية المطاف، تُعَدّ الخطة الخمسية الجديدة محاولة طموحة لإعادة رسم ملامح الاقتصاد الصيني في مرحلة ما بعد الجائحة، وسط عالم يشهد انقسامات اقتصادية حادة وصراعًا على الريادة التكنولوجية، وإذا نجحت الصين في تنفيذ رؤيتها الطموحة، فقد تُصبح أكثر قدرة على المنافسة عالميًا، وأقل تأثرًا بالضغوط السياسية والاقتصادية الغربية، لتضع بذلك نفسها في موقع متقدم في سباق الذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة خلال العقد القادم.