البيت األبيض يحذر تل أبيب من ضم الضفة المحنلة
الصحف العبرية تسخر من توالى الزيارات الأمريكية وتصفها بـ«رعاية بيبى»
حذر السيناتور الأمريكى ماركو روبيو من أن تصويت البرلمان الإسرائيلى لصالح ضم الضفة الغربية المحتلة سيشكل تهديدا مباشرا لخطة واشنطن لإنهاء الصراع فى غزة، مؤكدا أن أى خطوة فى هذا الاتجاه «ليست شيئا يمكن للولايات المتحدة دعمه فى الوقت الحالى». وجاءت تصريحات روبيو قبل مغادرته إلى إسرائيل فى زيارة تهدف إلى دعم اتفاق وقف إطلاق النار الهش الذى ترعاه إدارة ترامب.
وجاء التحذير بعد أن صوت عدد من النواب اليمينيين المتطرفين فى الكنيست الإسرائيلى لصالح مشروع قانون رمزى يمنح إسرائيل سلطة ضم الضفة الغربية، فى خطوة وُصفت بأنها محاولة لإحراج رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وأُقرّ المشروع بأغلبية ضئيلة بلغت 25 صوتا مقابل 24، دون أن يتضح ما إذا كان سيتمكن من حصد أغلبية نهائية فى البرلمان المؤلف من 120 مقعدا، خاصة أن رئيس الوزراء يمتلك صلاحيات تمكنه من تأجيل أو تعطيل إقراره.
وقال «روبيو» فى تصريحات للصحفيين أثناء صعوده الطائرة المتجهة إلى تل أبيب إن الضم سيكون «عكسيا» ويشكل «تهديدا خطيرا» لاتفاق السلام الجارى العمل على ترسيخه، مشددا على أن واشنطن تعارض أى خطوة أحادية الجانب قد تقوض جهود وقف إطلاق النار.
وتأتى زيارة «روبيو» بعد سلسلة من الزيارات رفيعة المستوى لمسئولين أمريكيين، من بينهم نائب الرئيس جى دى فانس ومبعوثان خاصان، ضمن تحركات إدارة ترامب لتثبيت الهدنة فى غزة والانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة السلام الأمريكية المؤلفة من 20 بندا.
المرحلة الأولى من الخطة، والتى دخلت حيز التنفيذ فى وقت سابق من الشهر، تشمل وقفا لإطلاق النار وانسحابا جزئيا للقوات الإسرائيلية وتدفقا منظما للمساعدات الإنسانية إلى القطاع. ورغم تبادل الاتهامات بين إسرائيل وحماس بشأن خروقات محدودة تسببت فى سقوط قتلى، فإن الهدنة لا تزال صامدة حتى الآن.
وأعرب «روبيو» عن تفاؤله بجهود الحفاظ على الهدوء قائلا إن «التهديدات اليومية ستستمر، لكننا نتقدم فى الواقع على الجدول الزمنى المقرر، وتجاوز الأسبوع الأول بنجاح مؤشر جيد للغاية».
أما المرحلة الثانية من الخطة فتتضمن تشكيل حكومة انتقالية فى غزة ونشر قوة استقرار دولية وانسحابا كاملا للقوات الإسرائيلية مع نزع سلاح حركة حماس.
وفى موازاة ذلك، واصل نائب الرئيس الأمريكى فانس جولته فى القدس، حيث زار كنيسة القيامة فى البلدة القديمة قبل أن يتوجه إلى تل أبيب للقاء وزير الدفاع الإسرائيلى وقادة الجيش ومسئولين آخرين فى مقر قيادة الجيش.
وسعى فانس خلال زيارته إلى تهدئة المخاوف من أن واشنطن تمارس ضغوطا مفرطة على حليفتها الإسرائيلية، مؤكدا أن «الولايات المتحدة لا تريد فى إسرائيل دولة تابعة، بل حليفا وشريكا قويا». ورد عليه نتنياهو بعبارات مشابهة، مشيرا إلى أن هناك خلافات فى وجهات النظر، لكنها لا تمس جوهر العلاقة الاستراتيجية بين البلدين.
وصفت الصحف الإسرائيلية توالى الزيارات الأمريكية لضمان التزام تل أبيب بالهدنة بأنه أشبه بـ«جليس بيبى»، فى إشارة ساخرة إلى اللقب الشعبى لنتنياهو «بيبى»، واستحضارا لإعلان انتخابى قديم ظهر فيه وهو يتحدث عن مسئوليته فى رعاية أمن الإسرائيليين.
وقال عاموس هاريل، كبير المحللين العسكريين فى صحيفة هاآرتس، لشبكة CNN: «تُكتب قواعد اللعبة ونحن نتحدث، لكن من الواضح أن الولايات المتحدة هى من تُدير الأمور، وإسرائيل تلتزم بقواعدها». وأضاف: «لن يعترف نتنياهو بذلك أبدًا، ولكن إلى حد كبير، رهنت إسرائيل جزءًا من استقلالها، حيث يتحكم الجنرالات الأمريكيون بعجلة القيادة.
يرى بعض المراقبين والسياسيين الإسرائيليين أن حجم التدخل الأمريكى قد يُرسّخ الاعتقاد بأن إسرائيل تعتمد على إذن الولايات المتحدة، مما يُقوّض سيادتها وحريتها فى استخدام القوة. واتهم زعيم المعارضة يائير لابيد يوم الاثنين نتنياهو بأنه «حوّلنا بمفرده إلى محمية، تقبل الإملاءات المتعلقة بأمنها».
كما لخصت صحيفة «إسرائيل اليوم»، المصنفة يمينية، مشيرةً إلى أن البلاد «أصبحت تعتمد على الولايات المتحدة إلى مستوى لم يسبق له مثيل». أما موقع «واى نت»، الموقع الإلكترونى لصحيفة إسرائيل الرائدة، المصنفة يمين الوسط، فقد استخدم تورية قاسية وهى «رعاية بيبى».