هل توزيع الصدقات عند زيارة القبور بدعة؟.. الإفتاء تحسم الجدل
أكدت دار الإفتاء المصرية أن القول بأن توزيع الصدقات عند زيارة القبور بدعة لا يستقيم، موضحة أن ترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم لفعلٍ معين لا يعني بالضرورة عدم جواز فعله، مشيرة إلى أن هذا الفعل قد استقر عليه عمل المسلمين سلفًا وخلفًا.
وأوضحت الدار أن الاحتجاج على من يفعل ذلك بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» الذي رواه مسلم، لا يصح على إطلاقه، لأن هذا الحديث عامٌّ مخصوص، والمراد به غالب البدع التي تخالف الكتاب أو السنة أو الإجماع، أما ما لا يخالفها فلا يدخل في هذا الوصف.
البدع ليست كلها مذمومة
وبيّنت دار الإفتاء أن العلماء قسّموا البدعة إلى خمسة أقسام: واجبة، ومندوبة، ومحرَّمة، ومكروهة، ومباحة. وقد نقلت عن الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم" قوله إن ليس كل بدعة ضلالة، بل هناك من البدع ما يكون خيرًا ويوافق روح الشريعة.
وأضافت الدار ما قاله الإمام البيهقي في مناقب الشافعي، ناقلًا عن الإمام الشافعي قوله: "المحدثات من الأمور ضربان: أحدهما ما أُحدث يخالف كتابًا أو سنة أو أثرًا أو إجماعًا فهذه البدعة الضلالة، والثانية ما أُحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا، وهذه محدثة غير مذمومة. وقد قال عمر رضي الله عنه في قيام رمضان: نعمت البدعة هذه."
كما أوردت الدار ما ذكره الإمام الغزالي في إحياء علوم الدين أن "ليس كل ما أبدع منهيًّا، بل المنهي هو البدعة التي تضاد سنة ثابتة وترفع أمرًا من الشرع مع بقاء علته."
الصدقة عن الميت جائزة ومستحبة
وشددت دار الإفتاء في بيانها على أن الصدقة عن الميت جائزة ومستحبة شرعًا، ويصل ثوابها إليه بإذن الله تعالى، سواء كانت في شهر رجب أو غيره من الشهور.
وأضافت أن الصدقة في الأوقات الفاضلة، كشهر رجب وشهر رمضان، تكون أرجى للقبول وأعظم ثوابًا، مؤكدة أنه لا مانع شرعًا من توزيع هذه الصدقات عند القبر أو في أي مكان يوجد فيه الفقراء والمحتاجون، ما دام ذلك يتم في إطار الأدب والاحترام دون تجاوزات.
تضييق ما وسّعه الله غير جائز
ونبّهت دار الإفتاء إلى أنه لا يجوز تضييق ما وسَّعه الله ورسوله، فليس هناك دليل شرعي يخص الجواز بزمن أو مكان أو حال معين، ومن ثمَّ فالتصدق عند القبور لا يعد بدعة ولا محرّمًا، بل هو من فضائل الأعمال إذا التزم المسلم بالآداب الشرعية.
وأكدت أنه من الضروري الالتزام بآداب زيارة القبور، ومنها عدم رفع الصوت، والدعاء للميت بالرحمة والمغفرة، وكذلك مراعاة المعايير الصحية والطبية عند توزيع الأطعمة أو المشروبات على المحتاجين في تلك الأماكن.