خط أحمر
الضامن.. والكفيل
أذاعت سفارة فلسطين فى القاهرة أن معبر رفح سيتم فتحه يوم الإثنين من هذا الأسبوع لتمكين الفلسطينيين من العودة لأرضهم، فكان رد مكتب بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة التطرف فى تل أبيب، أن المعبر سيظل مغلقًا من الجانب الفلسطينى حتى إشعار آخر.
ولا أحد يعرف ما إذا كان الشعار الآخر سيكون قد صدر عندما ترى هذه السطور النور، أم أن مكتب رئيس حكومة التطرف سيظل يتحدث عن إشعار لا يجىء؟.. لا أحد يعرف يقينًا.. ولكن ما نعرفه أن هذا الإشعار الآخر يُدين نتنياهو من حيث لا يدرى. فهو كان قد اتهم مصر بإغلاق المعبر، ولكنه بحديثه عن الإشعار الآخر يعترف بأن المعبر مغلق من الناحية الفلسطينية فقط، أما من الناحية المصرية فهو مفتوح طول الوقت ولم تغلقه الحكومة المصرية، وإذا كانت قد فكرت فى إغلاقه فى أى يوم، فإنها كانت ستعلن ذلك على العالم ولا تخفيه، لا لشىء، إلا لأنها تمارس حقًا من حقوقها على أرضها. وليس سرًا أن إسرائيل تسيطر على الجانب الفلسطينى من المعبر منذ مايو ٢٠٢٤، بعد أن دمرت مبانيه ومنعت حركة السفر من خلاله!
الغريب أن فتح المعبر من الجانب الفلسطينى بند من بنود المرحلة الأولى فى اتفاق وقف الحرب على غزة، الذى جرى توقيعه فى شرم الشيخ يوم ١٣ من الشهر، والذى تضمنه أربع دول: مصر، الولايات المتحدة، تركيا، ثم قطر. وإذا كانت دولة واحدة من الدول الأربع تملك إرغام تل أبيب على الالتزام بالاتفاق، فهذه الدولة هى الولايات المتحدة التى طرحت خطة وقف الحرب يوم ٣ أكتوبر.
ولكن إدارة ترمب تغمض عينيها عن رفض حكومة التطرف فتح المعبر، وتراها وهى تبتز الفلسطينيين به، ثم لا تمارس مقتضيات دور الوسيط الذى من المفترض أنها تقوم به، ولا دور الضامن الذى التزمت به يوم أن وضعت توقيعها على الاتفاق!
ولأن توقيع الاتفاق لم يكن على هوى رئيس حكومة التطرف الإسرائيلية، فهو سيظل يماطل مرة ويساوم مرة ثانية، لعله يتهرب أو يتملص مما تضمنه الولايات المتحدة باعتبارها الكفيلة له فى الاتفاق وفى غير الاتفاق.
ولا مجال فى الحقيقة لأى لوم يمكن أن نتوجه به إلى إسرائيل، لأن اللوم كله يجب أن يتوجه إلى إدارة ترمب، بل إلى ترمب شخصيًا الذى طرح خطته، ووقّع على الاتفاق، ثم ترك تل أبيب تلهو كعادتها لتفسد الاتفاق كله.
أى حديث فلسطينى أو عربى بشأن القضية فى فلسطين عمومًا، أو بشأن الاتفاق خصوصًا، لا بد أن يخاطب واشنطن أولًا ثم تل أبيب، فالأولى قادرة على التأثير على الثانية، ولا يوجد دليل على ذلك أقوى من طرح الخطة وتوقيع الاتفاق.