بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

تأملات

شرق أوسط منزوع المقاومة!

بعيدا عن التفاصيل المعقدة للمشهد الراهن فى المنطقة فيما بعد التوصل إلى اتفاق وقف الحرب على غزة، من الواضح أن الهدف الاستراتيجى لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل الذى يتم التركيز على تحقيقه فى الفترة المقبلة هو القضاء على فكرة المقاومة واعتبارها من تراث الماضى فى الشرق الأوسط.

كل المؤشرات تشير إلى أن جهود الجانبين تتواصل فى السر والعلن على إنجاز هذا الهدف بدءا بنزع سلاح حماس وصولا إلى سلاح حزب الله وانتهاء بذلك الخاص بالفصائل العراقية التى ترى واشنطن وتل أبيب أنها مرتبطة بإيران. إذا أضفنا إلى ذلك الحرب التى شنتها إسرائيل على تلك الأخيرة بمساعدة أمريكية وما يجرى التخطيط لمواصلته مستقبلا أمكن لنا التيقن من حقيقة الفكرة التى نؤكد عليها وهى السعى لشرق أوسط منزوع المقاومة!

وللأسف فقد أسفرت هذه الجهود حتى الآن عن تحقيق قدر من النجاح فى تهيئة الأوضاع على أرض الواقع لقبول هذه الفكرة، وهو ما قد يبدو واضحا فى بعض الإشارات من هنا ومن هناك على موافقة حركة حماس ذاتها على نزع سلاحها، وهو أمر ملىء بالألغام ومن المتوقع أن يفجر الأوضاع مرة ثانية على صعيد الحرب على غزة، وعلى ذلك فإن الطرح الذى يجب أن يكون قائما من قبلنا نحن كعرب هو ما مدى شرعية طرح تلك الخطوة ودلالاتها على صعيد مستقبل القضية الفلسطينية والصراع مع إسرائيل؟

 إذا نحَّينا جانبا فكرة أن المقاومة أمر تقره التشريعات الدولية، وإذا نحينا جانبا أنها من طبائع الأشياء، فإن الفكرة نفسها فى ظل عدو مثل إسرائيل، تمثل نوعا من الخنوع والتضحية بكل ما تم بذله على مدار عقود من أجل نيل حقوق الفلسطينيين وأبرزها حقهم فى إقامة دولتهم المستقلة على حدود ما قبل حرب 67.

وإذا كان البعض سيشير إلى أن الاتفاقات تكون نتيجة طبيعية لما هو على أرض المعارك، فإن إسرائيل عسكريا لم تنتصر بالمعنى المتعارف عليه، بل ربما يكون تدخل ترامب لوقف الحرب فى جانب منه إنقاذا لها من تداعيات سيئة وسلبية سواء على المستوى الدولى أو المستوى العملياتى المتعلق بإدارة الحرب ذاتها فى غزة.

وحتى لو تصورنا أن مبدأ نزع السلاح لطرف فى مواجهة آخر فى صراع دولى أمر يمكن أن يكون مطروحا، أو مقبولا فإن ذلك يجب أن يتم فى إطار مبادئ واضحة يتم الاتفاق عليها وليس بنودا غامضة يمكن تفسيرها على أى نحو يريده كل طرف. على سبيل المثال من يضمن للفلسطينيين حال نزع سلاح مقاومتهم أن يتم إقامة دولتهم المستقلة؟ من يضمن لهم رد اعتداء إسرائيل عليهم وقد أصبحوا عزلا من السلاح فى المستقبل وربما ما حدث بعد الاتفاق بأيام يمثل بروفة لما يمكن أن يكون عليه الأمر فى المستقبل؟

إذا أضفنا إلى ذلك جهود واشنطن لنزع سلاح حزب الله والضغوط التى تمارسها على النظام اللبنانى لتحقيق تلك الخطوة أدركنا أن الأمر لا يتعلق فقط بما تمثله المقاومة الفلسطينية من تهديد لأحلام إسرائيل وإنما الأمر يمتد ليمثل رؤية شاملة للإقليم خاصة فى ضوء ما أشارت إليه الأنباء من امتداد الطرح ذاته إلى الجبهة العراقية وتأكيد وزير الخارجية الأمريكى مارك روبيو لرئيس الوزراء العراقى على ضرورة نزع سلاح الفصائل الموالية لإيران، المؤسف أن المساعى الأمريكية على هذا الصعيد تتواصل تعبيرا بشكل مباشر وغير مباشر عن الرؤى الإسرائيلية وسط صمت عربى لا يعبر سوى عن القبول دون الانتباه أو مع تغافل خطورة ذلك على الأمن القومى العربى.

 

[email protected]