هَذَا رَأْيِي
انتخبوا نواب الملايين
لا تصدقوا وعود الجماعة الحنجورية ولا الهتاشين ولا الحلانجية وهاتوا من الآخر، صرختنا أقصد تصويتنا لأصحاب الملايين.. لا تصدق أن أحدًا سيخدمك أو يدافع عنك كل هذه شعارات وكلام مكتوب على لافتات قديمة بألوان جديدة.. لن يمثلك أحد، بل سيمثل عليك.. فهات من الآخر وانتخب أصحاب الملايين المريشين.. انتخب من سيتبرع بكرتونه رز وسكر وزيت أو يعطيك بون كيلو لحم حتى ولو برازيلى!.. مجرد مسرحية مكتوب فصولها قبل العرض ونهايتها معروفة..هما هما.. فقط ما تغير هى البدل ولون الكرفتتات، بدلًا من أن كان سمينًا بشنبات جاء آخر نحيف حليق الرأس وبغمازات..
الإقبال كثيف على الشاشات وستجد جدو محمولًا على الأكتاف ليؤدى الاستحقاق الانتخابى وجدو أصلًا جاى من دار المسنين فرحان لأنهم أفهموه أن أحد أولاده قلبه حن وقرر أن يستضيفه الكام يوم اللى فاضلين فى عمره.. ستجد الجماعة إياهم إخوانا الشرفا نازلين رقص قدام اللجان.. للأسف المخرج فاشل لا يملك ملكات التغيير.. فاز المرشح بإرادة الشعب، لكن الشعب مشغول بقرار جديد لرفع الأسعار ويحسب الفارق فى زيادة انبوبة البوتاجاز وسعر السولار..الوطن الذى لا يُسمَح فيه بالاختيار، يتحوّل تدريجيًا إلى جمهورٍ من المتفرجين، يشاهدون عرضًا مسرحيًا اسمه «الانتخابات»، فى نهاية العرض، يُرفع الستار عن النتيجة المنتظرة: فوز ساحق لمن أرادوا أن يمثلوا علينا، وهزيمة ساحقة لفكرة السياسة والانتخابات والاختيارات.
فى الخارج، يقف المواطن أمام ماكينة الصراف الآلى، يطالع مرتبه الهزيل ومعاشه الذليل، ثم يضحك… تلك الضحكة التى تشبه البكاء.
يقول لنفسه: «فازوا من جديد…ونحن خسرنا من جديد».. إنها انتخابات بلا منافسين، ديمقراطية على المقاس، نتائجها تُطبع كما تُطبع الملصقات.
منذ متى كانت الانتخابات تُجرى بلا منافسة؟ من زمنٍ صارت فيه السياسة حفلًا راقصًا من طرف واحد..الشعب مدعوّ للحضور، لكن ممنوع من الكلام. والمقاعد تُوزّع كما تُوزّع الحقائب الوزارية بالولاء والقرب من القيادات.. الأصوات الحقيقية مش فى طوابير اللجان، دى فى طوابير الغلاء. هكذا تُدار الديمقراطية مسرح بلا جمهور، وصندوق بلا خيار، ووطن يُطالبك بالتصفيق بينما يربط يديك بالسلاسل والجنازير.
هكذا ننتخبهم كل مرة... نمنحهم الشرعية ليتحدثوا باسمنا، ثم نلعنهم باسم أنفسنا.. ننتخبهم فى النهار، ونسبّهم فى الليل، ثم ننام مرتاحين الضمير... كأننا قمنا بالواجب الوطنى كاملًا.. بيقولك: أنا منكم... وبحبكم... وهضحّى عشاكم..بس أول ما ينجح، بيضحى بينا مش عشانا.. وفى النهاية، لما الناس تتعب وتشتكى، يقولك: ما هو الشعب هو اللى اختار!
وأنا بقول: صح، اختار من غير ما يفكر ولا يحتار.
انزل شارك... صوتك أمانة!
وإحنا عارفين إن الأمانة دى هتتوصل فى نفس العنوان القديم.
وأخيرًا... النتيجة ظهرت!
مش محتاجين نشوفها، إحنا حافظينها من قبل ما تطلع..الشعب قال كلمته... والمفاجأة إن مافيش مفاجأة!..المهزوم بيقول: أنا بحترم إرادة الناخبين.
والفائز بيقول: أنا هشتغل ليل ونهار لخدمة المواطن.
وطبعًا المواطن نفسه مشغول بيحسب سعر الأنبوبة بعد الزيادة الأخيرة وبيدور على دواء أو سرير فى المستشفيات وعلى أنبوبة الغاز فى المستودعات.. وعلى رأى عمنا صلاح جاهين: عجبى عليكى يا مصر.. سابقة فى كل عصر.. إزاى نصدق وعدك وأنتى هريان فشر.