جنرال موتورز تراهن على السيارات الكهربائية بدلًا من الهيدروجين

في تحول استراتيجي جديد يعكس الواقع المتغير في صناعة السيارات، أعلنت شركة جنرال موتورز رسميًا إنهاء عمل علامتها التجارية "هيدروتك" المتخصصة في تطوير خلايا وقود الهيدروجين، مؤكدة أن تركيزها خلال المرحلة المقبلة سيتجه بالكامل نحو تقنيات البطاريات والمركبات الكهربائية والبنية التحتية للشحن.
وجاء الإعلان عبر بيان صحفي أصدرته الشركة يوم الجمعة، موضحة فيه أن قرارها لا يعني التخلي الكامل عن أبحاث الهيدروجين، إذ ستواصل التعاون القائم مع شركة هوندا من خلال المشروع المشترك الذي يجمعهما لتطوير أنظمة خلايا الوقود، والتي سيتم توجيه استخدامها مستقبلًا نحو مراكز البيانات وتوليد الطاقة بدلًا من السيارات التجارية أو الاستهلاكية.
وأوضحت جنرال موتورز أن القرار جاء بعد مراجعة شاملة لأداء قطاع خلايا الوقود خلال السنوات الماضية، حيث أثبتت التجارب أن محدودية البنية التحتية لوقود الهيدروجين وارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل شكلت عوائق كبيرة أمام التوسع التجاري لهذه التكنولوجيا، خصوصًا في سوق السيارات الاستهلاكية التي تتطلب حلولًا عملية وسهلة الوصول.
وأضافت الشركة أن سوق المركبات اليوم يتجه بقوة نحو الكهرباء والبطاريات عالية الكفاءة، وهو ما جعلها تركز جهودها في البحث والتطوير على تحسين مدى القيادة وسرعة الشحن وتقنيات تخزين الطاقة، لضمان مكانة ريادية في المنافسة المتصاعدة على مستقبل السيارات النظيفة.
هذا القرار من جنرال موتورز يأتي في وقت تشهد فيه صناعة السيارات العالمية إعادة تقييم شاملة لتقنيات الطاقة البديلة. فعلى الرغم من أن خلايا الهيدروجين كانت تُعتبر يومًا ما الحل الأمثل للمركبات الصديقة للبيئة، فإن الواقع العملي أثبت أن البنية التحتية الضعيفة وغياب محطات التزويد بالهيدروجين جعلا من الصعب اعتمادها على نطاق واسع.
ولم تكن جنرال موتورز وحدها التي غيّرت استراتيجيتها، فقد سبقتها شركة تويوتا في خطوة مشابهة خلال فبراير الماضي. ورغم أن تويوتا لم تتخلّ نهائيًا عن فكرة الهيدروجين، فإنها حوّلت تركيزها من الاستخدامات الاستهلاكية إلى التطبيقات الصناعية مثل تشغيل الشاحنات الثقيلة ومعدات الموانئ والمولدات، في محاولة للاستفادة من الهيدروجين في مجالات أكثر جدوى اقتصادية.
ويرى محللون في قطاع السيارات أن هذا التحول من جانب جنرال موتورز وتويوتا يمثل نقطة مفصلية في مستقبل النقل النظيف، إذ يبدو أن السباق بات محسومًا لصالح البطاريات الكهربائية في الوقت الراهن. فبينما تتسابق الشركات العالمية لتقليل انبعاثات الكربون، أثبتت السيارات الكهربائية بالفعل قدرتها على الانتشار بسرعة أكبر وتكلفة تشغيل أقل، مدعومة بشبكات شحن تتوسع عالميًا كل عام.
وتشير بيانات الصناعة إلى أن مبيعات السيارات الكهربائية شهدت نموًا غير مسبوق خلال العامين الماضيين، بينما بقيت مبيعات المركبات العاملة بخلايا الهيدروجين محدودة جدًا، خصوصًا في الأسواق الأوروبية والأمريكية. هذا التفاوت الكبير في الإقبال يعزز منطق قرار جنرال موتورز، التي يبدو أنها تسعى لتوجيه استثماراتها إلى المجالات التي تَعِد بعائدات واقعية في المدى القريب والمتوسط.
ومع ذلك، تُبقي الشركة الأمريكية الباب مفتوحًا أمام استخدام تقنيات الهيدروجين في مجالات أخرى مستقبلًا، خاصة في الصناعات الثقيلة التي يصعب تشغيلها بالكهرباء فقط. لكنها تؤكد أن الرهان الأساسي اليوم هو على السيارات الكهربائية، التي أصبحت تمثل العمود الفقري لاستراتيجيتها في التحول إلى الطاقة النظيفة.
بهذه الخطوة، ترسم جنرال موتورز ملامح مرحلة جديدة في مسيرتها الممتدة لأكثر من قرن، لتؤكد أن مستقبل النقل الذكي سيُبنى على البطاريات لا الهيدروجين، في ظل عالم يتجه بسرعة نحو الكهربة الشاملة وتقليل الاعتماد على الوقود التقليدي.