بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

لفت نظر

ليست المرة الأخيرة

للمرة العشرين منذ تطبيق آلية السعر التلقائى للوقود يتم رفع سعر البنزين والسولار ورغم تصريحات الدكتور مصطفى مدبولى بأنها قد تكون الأخيرة نجد الحكومة نفسها تراوغ وتقول إنها لمدة عام بحد أدنى. 
وإن كان الأمر خاضعا لتثبيت كما قال مدبولى وتبعته وزارة البترول بأن تلك الأسعار لمدة عام فما فائدة آلية التسعير التلقائى فى الأساس، ولماذا لا نترك الفرصة بدون تثبيت لعل الحكومة تصدق وتنخفض أسعار الوقود طبقًا لانخفاض الأسعار عالمياً، فى الـ20 مرة لم تنخفض الأسعار ولو مرة واحدة رغم وصول برميل البترول إلى ادنى مستوياته فما هى الأسباب التى تؤدى فى كل مرة إلى الزيادة وفقط.
الخطوة أثارت الجدل داخل الشارع المصرى، واعلان الحكومة رفع أسعار البنزين والسولار فى أحدث مراجعة ربع سنوية لأسعار الوقود، مع تثبيتها لمدة عام كامل، وذلك رغم تأكيد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، فى تصريحات سابقة، أن الزيادة الأخيرة ستكون «الأخيرة» فى المدى القريب،  القرار جاء فى ظل تراجع أسعار النفط عالميًا خلال الأسابيع الماضية، مما دفع العديد من المواطنين والمراقبين إلى التساؤل: لماذا ترتفع الأسعار محليا بينما تنخفض فى الأسواق الدولية؟
الحكومة بررت الزيادة الجديدة بأنها تأتى فى إطار «آلية التسعير التلقائى للمنتجات البترولية»، والتى تربط الأسعار المحلية بتغيرات أسعار البترول العالمية وسعر صرف الدولار أمام الجنيه، بالإضافة إلى تكاليف النقل والتكرير.
وبحسب مصادر بوزارة البترول، فإن تثبيت الأسعار لمدة عام يهدف إلى تحقيق «استقرار فى السوق المحلى»، ومنع التقلبات الحادة التى تربك الموازنة العامة، خصوصا مع ارتفاع تكلفة الدعم.
ورغم أن سعر برميل البترول الخام عالميا انخفض مؤخرا إلى ما دون 80 دولارا، فإن المعادلة فى مصر أكثر تعقيدا.
أبرز الأسباب تتعلق بعاملين أساسيين 
من بينهما ارتفاع الدولار مقابل الجنيه المصرى خلال العام الماضى أدى إلى زيادة تكلفة استيراد المواد البترولية ومستلزمات التكرير، مما التهم بعد ذلك آية أثر لانخفاض الأسعار العالمية.
والثانى ارتفاع كلفة الإنتاج والنقل المحلي: شركات البترول العاملة داخل مصر تعتمد فى جزء من تكاليفها على مكونات مستوردة، ومع تضخم أسعار الشحن والتأمين عالميا، تصبح التكلفة النهائية أعلى مما يبدو على الورق.
إضافة إلى ذلك، فإن الحكومة لا تزال تتحمل جزءا من تكلفة دعم السولار، وهو ما يجعل أى تعديل فى السعر العالمى للبترول ينعكس ببطء على السوق المحلى، تجنبًا لزيادة أعباء الموازنة العامة 
قرار رفع الأسعار وتثبيتها لعام كامل يعكس رغبة الدولة فى إرسال «إشارة استقرار» للمستثمرين وللأسواق بأن ملف الطاقة تحت السيطرة، وأن الدعم العشوائى أصبح من الماضى.
لكن فى الوقت ذاته فإن استمرار ارتفاع الأسعار قد يؤدى إلى زيادة تكاليف النقل والسلع الأساسية، مما يفرض على الحكومة الإسراع فى تنفيذ برامج الحماية الاجتماعية وتعويض الفئات الأكثر تضررا.
تصريحات رئيس الوزراء بأن الزيادة كانت “الأخيرة” تعكس النية السياسية فى تهدئة الشارع، لكن الواقع الاقتصادى كان أقوى من التوقعات. فمع ارتفاع كلفة التشغيل وتراجع احتياطى النقد الأجنبى المخصص للطاقة، وجدت الحكومة نفسها مضطرة لاتخاذ القرار، ولو على حساب الشعبية المؤقتة.
يبقى السؤال مطروحا: هل تكون هذه الزيادة حقًا الأخيرة كما وعدت الحكومة، أم أننا أمام بداية مرحلة جديدة من «التعويم السعرى» للوقود فى مصر؟
الشارع المصرى ينتظر الإجابة فى فواتير النقل والأسعار اليومية، بينما تبقى المعادلة الصعبة بين استقرار السوق وحماية المواطن معلقة على خيط رفيع من الحكمة الاقتصادية.

[email protected]