عمرو الليثي: تطوير الإعلام مسئولية مجتمعية

أكد الإعلامي الدكتور عمرو الليثي أن الإعلام يُعدّ ركيزة أساسية في بناء المجتمعات وتشكيل وعيها، مشددًا على أنه لا يمكن الحديث عن تقدم أي دولة دون تطوير منظومتها الإعلامية بشكل شامل ومتوازن.
وقال الليثي، في تصريحات صحفية خاصة، إن الإعلام اليوم لم يعد مجرد وسيلة لنقل الأخبار، بل أصبح أداة للتأثير والتنوير والمساءلة، وهو ما يجعل تطويره مرهونًا بمدى تمتّعه بالحرية، والمصداقية، والمهنية.
وأضاف أن حرية الإعلام تمثل الأساس الأول لعملية التطوير، مشيرًا إلى أنه لا يمكن للإعلام أن يكون مرآة حقيقية للمجتمع ما لم يُتح له هامش كافٍ من الحرية لعرض الآراء المختلفة ومناقشة القضايا بموضوعية.
وأوضح أن ارتفاع سقف الحرية المسؤولة يعزز الثقة بين الإعلام والمتلقي، ويخلق بيئة نقدية بنّاءة تساهم في تصحيح المسار ومساءلة أصحاب القرار.
وشدد الليثي على أن الحرية لا تعني الفوضى أو التجريح، بل تتطلب قدرًا عاليًا من الوعي والالتزام المهني في ممارسة النقد، بحيث يكون الهدف منها هو الإصلاح لا الهدم، والتقويم لا التشهير.
الوصول إلى المعلومات.. ركيزة المصداقية
وأشار الليثي إلى أن تطوير الإعلام يرتبط ارتباطًا وثيقًا بإتاحة المعلومات الصحيحة والدقيقة، مضيفًا أن الإعلامي لا يمكنه أداء دوره ما لم يكن الوصول إلى المعلومة متاحًا وسلسًا وشفافًا.
وأوضح أن ضمان حق الحصول على المعلومات من مصادرها الرسمية والموثوقة يعدّ شرطًا أساسيًا لتعزيز الأداء الإعلامي، مما يتطلب وجود تشريعات واضحة تضمن هذا الحق وتحمي الصحفيين أثناء تأدية مهامهم.
المهنية أولًا.. والتمويل النزيه أساس الثقة
وأكد الليثي أن الإعلامي المعاصر يجب أن يتحلى بأعلى درجات الدقة والحياد، وأن يبتعد عن الانحيازات الشخصية أو التأثيرات الخارجية، مشددًا على أن المهنية ليست ترفًا بل ضرورة لنجاح أي وسيلة إعلامية.
كما شدد على خطورة ما يُعرف بـ"الإعلام المدفوع الأجر"، معتبرًا أنه يُفرغ الرسالة الإعلامية من مضمونها، ويحوّلها إلى سلعة تُباع وتشترى، مما يُفقدها مصداقيتها أمام الجمهور.
وأشار إلى أن تمويل الوسائل الإعلامية يجب أن يكون شفافًا، معتمدًا على الإعلانات الواضحة التي لا تؤثر على المحتوى التحريري أو تُقيّد حرية الرأي.
تفعيل ميثاق الشرف.. وضبط سلوك البرامج
وفي سياق متصل، دعا الليثي إلى تفعيل ميثاق الشرف الإعلامي بوضوح وصرامة على جميع أنواع البرامج، سواء سياسية أو اجتماعية أو رياضية أو ترفيهية، مؤكدًا أن هذا الميثاق يمثل الضمانة الأخلاقية التي تضبط سلوك العاملين في المجال الإعلامي وتحدّد حدود الحرية والاحترام المتبادل.
وحذّر من خطورة الاحتراب الإعلامي الناتج عن الانتماءات الرياضية أو الحزبية، لما يخلّفه من آثار سلبية على وحدة المجتمع، مشددًا على أهمية الخطاب الواعي الذي يُعزز ثقافة الاختلاف ويحارب التعصب والانقسام.
الإعلام مسؤولية وطنية ومجتمعية
وفي ختام تصريحاته، شدد الإعلامي د. عمرو الليثي على أن تطوير الإعلام ليس مسؤولية المؤسسات فقط، بل هو مسؤولية مجتمعية متكاملة، تتطلب إرادة حقيقية من الإعلاميين والجمهور وصنّاع القرار.
وقال إن "الإعلام الحر والمسؤول والمستقل هو الذي يصنع رأيًا عامًا مستنيرًا، ويبني وطنًا أكثر وعيًا وقوة، قادرًا على مواجهة التحديات بثقة واتزان".