بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

يوتيوب يمنح فرصة ثانية للمحظورين.. عودة مشروطة لمثيري الجدل

يوتيوب YouTube
يوتيوب YouTube

في خطوة أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط التقنية والسياسية، أعلنت شركة ألفابت المالكة لمنصة يوتيوب عن إطلاق برنامج جديد يمنح بعض منشئي المحتوى الذين حُظروا سابقًا فرصة العودة إلى المنصة، وذلك بعد إبلاغها اللجنة القضائية في مجلس النواب الأمريكي الشهر الماضي بأنها تراجع سياساتها تجاه المحتوى المضلل المرتبط بجائحة كوفيد-19 والانتخابات.

وبحسب التحديث الذي نشرته الشركة، فإن يوتيوب سيتيح اعتبارًا من اليوم إمكانية تقديم طلب رسمي لإنشاء قناة جديدة لما وصفته ببعض منشئي المحتوى الذين تم إنهاء حساباتهم سابقًا. وأكدت المنصة أن الهدف من الخطوة هو تقديم فرصة ثانية لمنشئي المحتوى الراغبين في العودة إلى الالتزام بإرشادات المجتمع.

لكن رغم الإعلان، لا يزال الغموض يلفّ تفاصيل البرنامج الجديد، خاصةً فيما يتعلق بمن هم المؤهلون فعليًا للاستفادة منه. إذ لم توضح الشركة بعد المعايير الدقيقة لاختيار هؤلاء، كما لم تذكر صراحةً ما إذا كان البرنامج يشمل من حُظروا لنشرهم معلومات مضللة حول كوفيد-19 أو الانتخابات الأمريكية، وهي القضايا التي فجّرت انتقادات حادة من بعض المشرعين الجمهوريين الذين اتهموا المنصة بانتهاك حرية التعبير.

في بيانها الرسمي، اكتفت يوتيوب بالقول إن البرنامج سيكون تجريبيًا في بدايته، وسيتاح خلال الأشهر المقبلة لفئة محدودة من منشئي المحتوى. وأوضحت الشركة أن المراجعة ستكون دقيقة وشاملة لكل طلب، لضمان أن المتقدمين تعلموا من أخطائهم السابقة ولن يكرروا السلوك الذي تسبب في إغلاق قنواتهم الأصلية.

وأضافت المنصة: "لن تكون جميع أنواع إغلاق القنوات مؤهلة لإعادة النظر. سنأخذ في الاعتبار عوامل عدة، مثل مدى خطورة الانتهاكات السابقة، أو ما إذا كان نشاط منشئ المحتوى على المنصة أو خارجها قد ألحق ضررًا بالمجتمع أو يمكن أن يستمر في ذلك".

كما شددت يوتيوب على أن الأشخاص الذين أُغلقت حساباتهم بسبب انتهاكات حقوق الطبع والنشر لن يتمكنوا من التقديم على الإطلاق.

ورغم تأكيد الشركة أن الخطوة تهدف إلى تعزيز العدالة وإتاحة فرصة الإصلاح، فإنها أوضحت أن العائدين إلى المنصة لن يتمكنوا من استعادة قنواتهم القديمة أو مشتركيهم السابقين. بمعنى آخر، سيُطلب منهم البدء من الصفر عبر إنشاء قناة جديدة كليًا، وهو ما يعتبره بعض المراقبين عقوبة غير مباشرة تقلل من قيمة الفرصة الثانية المزعومة.

ويأتي هذا القرار في ظل تصاعد الضغوط السياسية على شركات التكنولوجيا الكبرى من جانب الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة، الذي يتهمها منذ سنوات بممارسة رقابة ضد الأصوات اليمينية أو المحافظة. وقد شمل هذا الجدل حالات بارزة مثل حظر شخصيات مثيرة للجدل كـ أليكس جونز ونيك فوينتس، اللذين حاولا في الشهر الماضي العودة إلى المنصة بعد نشر ألفابت رسالتها للكونجرس، لكن حساباتهما حُذفت على الفور بعد ساعات.

تجدر الإشارة إلى أن رسالة ألفابت إلى اللجنة القضائية بمجلس النواب الشهر الماضي استخدمت لغة أكثر وضوحًا، إذ قالت الشركة حينها: "سيمنح يوتيوب جميع منشئي المحتوى الذين أُغلقت قنواتهم بسبب انتهاكات متكررة لسياسات كوفيد-19 أو نزاهة الانتخابات – التي لم تعد سارية الآن – فرصة للعودة إلى المنصة".

إلا أن البيان الجديد بدا أكثر حذرًا، متجنبًا الإشارة المباشرة إلى هذه الفئات المثيرة للجدل، ما دفع بعض المراقبين إلى القول إن الشركة تسعى إلى موازنة الموقف السياسي الحساس مع الحفاظ على مصداقيتها أمام المستخدمين والمعلنين.

ويرى محللون أن هذه الخطوة تأتي في سياق محاولات يوتيوب لاستعادة الثقة وسط تراجع مكانتها أمام منافسين مثل تيك توك وإنستغرام ريلز، إلى جانب تصاعد النقاش حول حرية التعبير ومسؤولية المنصات الرقمية في مكافحة التضليل.

وبينما تعتبر يوتيوب أن هذه الخطوة تمثل "فرصة لإعادة الدمج ضمن بيئة آمنة ومتوازنة"، يرى منتقدوها أنها قد تفتح الباب أمام عودة محتوى مضر وخطير، خصوصًا إذا لم تترافق مع ضوابط شفافة وآليات رقابة دقيقة.

في نهاية المطاف، يظل السؤال الأبرز: هل ستكون هذه الفرصة الثانية بداية لنهج أكثر انفتاحًا في يوتيوب؟ أم مجرد خطوة شكلية لتهدئة الانتقادات السياسية المتزايدة؟
الأشهر المقبلة ستكشف ما إذا كانت المنصة قادرة حقًا على تحقيق التوازن بين حرية التعبير والمسؤولية الاجتماعية في عصر تتنازع فيه الحقائق والمعلومات.