إنتل تكشف عن معالجات Core Ultra 3 بتقنية 2 نانومتر لإعادة أمجادها في عالم الرقائق

في محاولة قوية لاستعادة موقعها الريادي في صناعة المعالجات، أعلنت شركة إنتل عن تفاصيل جديدة حول الجيل القادم من معالجاتها Core Ultra Series 3، المعروفة بالاسم الرمزي Panther Lake، والتي ستعتمد على أحدث تقنيات التصنيع المتطورة 18A بدقة 2 نانومتر، لتشكل حجر الأساس في خطط الشركة للعودة بقوة إلى سباق الرقائق العالمي.
وأكدت إنتل أن هذه المعالجات الجديدة سيتم إنتاجها بالكامل في مصنعها بأريزونا في الولايات المتحدة، ما يمثل خطوة استراتيجية لتعزيز الاكتفاء المحلي في تصنيع أشباه الموصلات، وتقليل الاعتماد على المصانع الآسيوية.
وتهدف الشركة من خلال هذا المشروع إلى استعادة ثقة السوق والمستثمرين بعد سنوات من التراجع أمام منافسين مثل AMD وإنفيديا وTSMC.
وذكرت الشركة أن Core Ultra Series 3 ستكون موجهة في الأساس إلى أجهزة الحواسيب المحمولة عالية الأداء، بما في ذلك أجهزة الألعاب المتطورة وحلول الحوسبة الطرفية (Edge Computing)، مع وعد بتقديم توازن مثالي بين كفاءة استهلاك الطاقة ومستوى الأداء، بفضل الجمع بين كفاءة الطاقة في معمارية Lunar Lake وقوة الأداء في Arrow Lake.
وبحسب البيانات الفنية التي كشفت عنها إنتل، فإن المعالجات الجديدة ستوفر زيادة في أداء المعالجة تصل إلى 50% مقارنة بالأجيال السابقة، مدعومة بما يصل إلى 16 نواة للأداء (P-Cores) وعدد متغير من أنوية الكفاءة (E-Cores)، ما يمنحها قدرة استثنائية في التعامل مع العمليات المتعددة والمهام المعقدة.
كما أوضحت الشركة أن كثافة الترانزستورات في هذه الرقائق ستتحسن بنسبة 30%، فيما سيرتفع الأداء لكل واط بنسبة 15%، وهو ما يعكس تحسينات كبيرة في التصميم الداخلي.
من جانب آخر، شهدت وحدة الرسوميات المدمجة Arc تطورًا لافتًا، إذ تحقق زيادة في الأداء بنسبة 50% مقارنة بالجيل السابق، وتضم ما يصل إلى 12 نواة رسومية في الطرازات الأعلى.
كما تم تحديث تصميم وحدة XPU لتسريع قدرات الذكاء الاصطناعي، بحيث تصل إلى معالجة 180 تريليون عملية في الثانية (TOPS)، ما يجعلها منافسًا محتملًا لمعالجات الذكاء الاصطناعي المخصصة مثل تلك التي تطورها إنفيديا وكوالكوم.
وأشارت إنتل إلى أن تقنية 18A هي "أكثر عقدة تصنيع أشباه موصلات تطورًا تم تطويرها داخل الولايات المتحدة"، مؤكدة أن خطوط الإنتاج تعمل الآن بكامل طاقتها استعدادًا للتصنيع التجاري واسع النطاق في وقت لاحق من العام الجاري.
ومع ذلك، كشفت تقارير مالية حديثة أن الشركة لا تزال تواجه تحديات تمويلية كبيرة، إذ عانت قبل أشهر قليلة من نقص في الإيرادات اللازمة لتوسيع خطوط الإنتاج وتحقيق الأرباح المستهدفة.
ورغم طموحاتها التقنية، تمر إنتل بمرحلة دقيقة على الصعيد المالي والإداري. ففي أغسطس الماضي، تصدّر اسمها العناوين بعدما دعا الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الرئيس التنفيذي للشركة ليب بو تان إلى الاستقالة، قبل أن يتراجع عن تصريحاته إثر اجتماع ناجح بين الجانبين. وفي خطوة غير مسبوقة، أعلنت الإدارة الأمريكية لاحقًا عن الاستحواذ على حصة تبلغ 9.9% في إنتل بقيمة تصل إلى 8.9 مليار دولار لدعم صناعة الرقائق المحلية.
كما كشفت شركة إنفيديا في الشهر الماضي عن تقديم دعم مالي بقيمة 5 مليارات دولار لإنتل لتطوير وحدات المعالجة المركزية الموجهة للحواسيب ومراكز البيانات، في خطوة تُعدّ مؤشرًا على التعاون المتزايد بين عملاقي التقنية في مواجهة الطلب العالمي المتسارع على حلول الذكاء الاصطناعي.
لكن هذه التطورات لم تُخفِ واقعًا صعبًا تواجهه الشركة، إذ أعلنت إنتل في تقريرها المالي للربع الثاني من عام 2025 عن خسارة بلغت 2.9 مليار دولار، إلى جانب خطط لتسريح نحو 20% من موظفيها ضمن إجراءات إعادة الهيكلة وتقليل النفقات.
ويرى محللون أن معالجات Core Ultra Series 3 تمثل اختبارًا حقيقيًا لقدرة إنتل على استعادة مكانتها في سوق المعالجات بعد عقد من التراجع. فإذا نجحت في تحقيق وعودها المتعلقة بالأداء والكفاءة، فقد تكون هذه الخطوة بداية عصر جديد لإنتل في عالم الرقائق، خاصة في ظل سباق عالمي محتدم تقوده إنفيديا وآبل وTSMC للسيطرة على مستقبل الحوسبة والذكاء الاصطناعي.
وبينما يترقب العالم أولى الأجهزة المزودة بمعالجات Panther Lake في عام 2026، يبدو أن إنتل تراهن بكل قوتها على أن تكون هذه الشريحة هي مفتاح العودة إلى القمة، بعد سنوات من التراجع في مضمار كانت هي من وضع قواعده يومًا ما.