أكتوبر المجيد معركة العزة والكرامة
تحتفل مصر وقواتها الباسلة المسلحة بالذكرى الثانية والخمسين لانتصارات أكتوبر المجيدة عام ١٩٧٣، ذلك النصر المبين الذى قاتل المصريون من أجله ودفعوا ثمنًا غاليًا من دمائهم الطاهرة ليستردوا جزءًا عزيزًا من أرض الوطن، هو أرض الفيروز «سيناء الحبيبة».
حقق جيل أكتوبر العظيم ملحمة النصر، واستطاعوا تحطيم أسطورة جيش الاحتلال الإسرائيلى الذى لا يقهر، ورفع راية الوطن على ترابه المقدس، وأعاد للعسكرية المصرية والجيش المصرى العظيم الكبرياء والشموخ، حين عبر عشرات الآلاف من أبطال القوات المسلحة، يوم ٦ أكتوبر عام ١٩٧٣، إلى الضفة الشرقية لقناة السويس، لاستعادة أغلى بقعة فى الوطن هى سيناء الحبيبة، واستعاد المصريون معها كرامتهم واحترام العالم.
وتعد حرب أكتوبر المجيدة علامة مضيئة فى تاريخ العسكرية المصرية العريقة فقد تبارت فيها جميع التشكيلات والقيادات فى أن تكون مفتاحًا لنصر مبين، إذ علمت العالم أن الأمة المصرية قادرة دومًا على الانتفاض من أجل حقوقها وفرض احترامها على الآخرين، وأن الحق الذى يستند إلى القوة تعلو كلمته وينتصر فى النهاية، وأن الشعب المصرى لا يفرط فى أرضه حتى تفيض روحه وقادر على حمايتها والذود عنها.
* حرب أكتوبر المجيدة لا تزال ملحمة وطنية مصرية متكاملة، عادت فيها أرض سيناء الحبيبة إلى وطنها الأم، تجمعت فيها كل المبادئ الوطنية والقيم السامية وأسس النجاح والتميز، من إرادة حديدية وإيمان بالله وثقة فى النصر والولاء والانتماء للوطن.
فى ٢٣ يوليو ١٩٧٢، طلب الرئيس المصرى الراحل محمد أنور السادات، سحب المستشارين العسكريين السوفييت من مصر، وقرر أن الحرب ستجرى بما هو متوفر من السلاح والمعدات وضمن طاقتها التى تسمح بها، وعملت هيئة عمليات القوات المسلحة على تحديد أنسب التوقيتات للهجوم، ووُجد أن يوم السبت–عيد الغفران- ٦ أكتوبر ١٩٧٣م والموافق ١٠ رمضان ١٣٩٣هجرية، الأنسب، لأنه اليوم الوحيد فى السنة الذى تتوقف فيه الإذاعة والتليفزيون عن البث، ما سيتطلب من إسرائيل وقتًا أطول لاستدعاء الاحتياطى الذى يمثل القاعدة العريضة لقواتها.
و فى تمام الساعة الثانية من ظهر يوم ١٠ العاشر من رمضان سنة ١٣٩٣هجرية الموافق ٦ أكتوبر ١٩٧٣، شنت القوات المسلحة المصرية هجومًا شاملًا على طول جبهة القتال واقتحمت قناة السويس ٢٢٠ طائرة حربية مصرية نفذت ضربات جوية على الأهداف الإسرائيلية شرقى القناة، وحققت الضرابات ٩٥٪ من أهدافها الموضوعة.
وبعد عبور الطائرات المصرية بخمس دقائق، بدأت المدفعية المصرية قصف التحصينات والأهداف الإسرائيلية الواقعة شرق القناة بشكلٍ مكثفٍ تحضيرًا لعبور المشاة، فيما تسللت عناصر سلاح المهندسين والصاعقة إلى الشاطئ الشرقى للقناة لإغلاق الأنابيب التى تنقل السائل المشتعل إلى سطح المياه، وضربت المدفعية ذات خط المرور المُسطح على مواقع خط بارليف لتأمين عبور المشاة من نيرانها.
وتدفقت القوات المصرية الباسلة عبر القناة وتواصل تقدمها شرقًا والاشتباكات الأرضية والجوية مستمرة، حتى وقع نصر أكتوبر المجيد، ونجحت فى عبور قناة السويس وخط بارليف المنيع، وتم رفع العلم المصرى فوق أرض سيناء ليشهد العالم كله بانتصار الجيش المصرى على جيش الاحتلال الإسرائيلى، بدءًا من الضربة الجوية على الأهداف الإسرائيلية شرقى قناة السويس، ثم جاء التمهيد المدفعى بنجاح مطلق فى قصف التحصينات والأهداف الإسرائيلية من خلال المدفعية المصرية، وأخيرًا جاءت لحظة عبور الدبابات المصرية بعد فتح الثغرات فى الساتر الترابى، وهنا جاءت اللحظة الحاسمة، إذ نجحت القوات المصرية فى اختراق خط بارليف الدفاعى واستولى الجيش المصرى على تحصيناته.
إنها الملحمة العسكرية المصرية
تعد حرب أكتوبر ١٩٧٣ من الحروب التى سيظل التاريخ يتحدث عنها لفترة طويلة كونها كانت ملحمة عسكرية مصرية متكاملة الأركان، لقد فرضت المعجزة المصرية نفسها حينذاك على كل وسائل الإعلام الدولية عامة والأمريكية خاصة رغم انحياز واشنطن الواضح لإسرائيل، لكن الانحياز لم يتحمل هول صدمة المفاجأة، فتصدر نصر أكتوبر صدر عناوين مختلف وسائل الإعلام، كما علق العديد من قادة العالم على الحرب، وتسابق الأدباء فى تسجيل كواليس ومراحل الحرب المختلفة ونتائجها.
إن حرب أكتوبر المجيدة كانت بمثابة الزلزال، فهى السابقة الأولى فى تاريخ الصهيونية لمحاولة العرب والذين نجحوا فى فرض أمر واقع بقوة السلاح ولم تكن النكسة مجرد نكسة عسكرية، بل إنها أصابت جميع العناصر السيكولوجية والدبلوماسية والاقتصادية التى تتكون منها قوة وحيوية أى أمة.
الأستاذة بجامعة الأزهر الشريف