فى الحومة
أما بعد شرم الشيخ للسلام
أما قبل، فغزة باتت حديث العالم بسبب حالة الدمار المستمر والإبادة الجماعية لحرب لا هوادة فيها أكملت عامها الثانى للقضاء على البشر والحجر فى ماسأة لم تشهدها الإنسانية من قبل، وباتت مسألة التهجير القسرى أو الطوعى سياسة العدو لإخلاء قطاع غزة فى حرب إبادة وتطهير عرقى وقتل آلاف المدنيين الفلسطينيين من الأطفال والنساء وتدمير المستشفيات والمدارس وملاحقة المسعفين وتدمير البنية التحتية وتجويع أهل غزة ومحاصرتهم ومنع المساعدات الغذائية والدوائية والطبية عنهم بغلق كافة المنافذ بهدف إجلاء الشعب وتهجيره قسرا وطوعا، وأصبحت خطة التهجير تعمل بوتيرة سريعة وبمنهجية يستخدم فيها الكيان الغاصب كل السبل والمناورات والخداع لتحقيق هدفه باحتلال قطاع غزة، وغضبت الشعوب الحرة وتنادت لوقف الحرب المسعورة واستجابة معظم دول العالم لحل الدولتين وأصبحت دولة الاحتلال تعانى من صمود المقاومة والعزلة الدولية، وبدأت الدول الأوربية وأمريكا الجنوبية والعديد من الدول تتخذ إجراءات المقاطعة السياسية والاقتصادية للضغط على دولة الكيان الغاصب بوقف الحرب وفك الحصار وإدخال المساعدات الإنسانية لاهل غزة.
والحقيقة أن كل تلك الأجواء ساعدت فى نجاح الطرح الأمريكى بوقف الحرب وإطلاق سراح المحتجزين وتبادل الأسرى وإدخال المساعدات الإنسانية والدخول إلى المرحلة الثانية بإعادة تعمير لغزة مع تسليم حماس للسلطة ونزع سلاحها وذلك وفق ما يسمى بخطة السلام الإبراهيمى فى الشرق الأوسط، وهو ما يعنى تطبيع البلاد العربية مع دولة الاحتلال بالإضافة إلى ضم الدولتين الكبيرتان إيران وتركيا إلى هذه الخطة لإعادة رسم الشرق الأوسط الجديد برئاسة ترامب وإدارة تونى بلير فى مجلس للسلام يدير الشرق الأوسط ويوظف طاقاته لإدارة مشروعه، وجاء مؤتمر شرم الشيخ للسلام ملبيا لوقف الحرب وإرساء السلام وتبادل الأسرى وإدخال المساعدات ووضع خريطة طريق لإعادة الإعمار والتعافى المبكر لقطاع غزة، وإن كان هذا الحلم بات حقيقة فلا يمكن إغفال الدور المصرى الرائد فى التصدى وبقوة للرؤية الأمريكية المبكرة بدعاوى التهجير القسرى والطوعى وعملت مصر على إيقاف هذه الفكرة المجنونة وتواصلت مع كافة الدول لإجهاض هذا المشروع وأعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ اللحظة الأولى أن هذا المشروع خيالى وغير قابل للتطبيق ويقوم بتصفية القضية الفلسطينية ومصر ترفضه رفضا باتا، ودعت جميع الدول لمناصرة القضية الفلسطينية ووقف الحرب وإدخال المساعدات وكان لهذا الموقف المصرى بالغ الأثر فى وحدة الدول العربية والإسلامية لمنع التهجير القسرى ووقف حرب الإبادة، مما دعا الرئيس ترامب إلى تبنى رؤية أخرى بعيدة عن الإبادة والتهجير وطرح مشروعه لوقف الحرب الذى وافقت عليه حماس لمنع مزيد من الدماء والتدمير والتهجير لأهل القطاع وقامت بتسليم الأسرى ورفات جثث الموتى ووعدت بتسليم السلطة إلى سلطة فلسطينية يشترك فى اختيارها كل مكونات الشعب الفلسطينى، وأما بعد، فإننا إزاء عقبات كثيرة تكبل مسيرة السلام التى يدعو إليها ترامب التى تتبنى مشروع السلام الإبراهيمى للتطبيع مع دولة الاحتلال وواقع يتعلق بحق تقرير المصير وإقامة دولة مستقلة، والحق الطبيعى للمقاومة فى حالة وجود العدوان وأن تكون سلطة الحكم فلسطينية وليست سلطة انتداب يتولاها تونى بلير، على أية حال هذه الهدنة مهمة وضرورية لالتقاط الأنفاس ووضع كافة السيناريوهات المحتمل حدوثها والاستعداد لها وتكوين جبهة صلبة فى الداخل والخارج لمجابهة كافة المخاطر والتحديات.