بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

مصر تتحدث عن نفسها


حاولوا جاهدين أن يهمشوا دور مصر، وأن يصوروا للعالم أنها فقدت تأثيرها في محيطها، بل بالغوا في محاولاتهم حين حاولوا أن يلصقوا بمصر تهمة أنها وراء منع دخول المساعدات عبر معبر رفح، وكأنهم يريدون محو حضورها الإنساني قبل السياسي. لكن إرادة الله شاءت أن تكون النهاية مختلفة تمامًا عمّا أرادوه وخططوا له.
فإذا بالاتفاق التاريخي لوقف الحرب على غزة يتم برعاية مصرية،و توقيع مصرى وعلى أرض مصرية، وبمفاوض مصري يقود المشهد بحكمة وهدوء، كما اعتادت القاهرة أن تفعل في كل المنعطفات الكبرى التي تخص أمن المنطقة واستقرارها. اجتمع الجميع في شرم الشيخ، ليس لأنهم أرادوا ذلك، بل لأنهم أدركوا في النهاية أنه لا سلام يُكتب في الشرق الأوسط دون بصمة مصرية.
الذين راهنوا على تغييب مصر، اكتشفوا أن دورها لا يُلغى بقرار ولا يُمحى بتصريحات، فمصر ليست طارئة على مشهد السياسة أو الوساطة، بل هي ركيزة ثابتة في بناء السلام الإقليمي، وصاحبة الكلمة المسموعة حين يلتبس الطريق وتتعقد الخيوط.
كانت الرسالة الأوضح في مشهد اتفاق  السلام وقف الحرب فى شرم الشيخ 
أن مصر لا تحتاج إلى أن تُثبت حضورها، لأنها ببساطة موجودة، تُمارس دورها الطبيعي، تحمي أمن المنطقة وتُدير الملفات المعقدة بعقل الدولة الكبرى التي لا تنفعل، بل تتصرف بوعي وإدراك لتوازنات القوى.
ولعل أكثر ما لفت الأنظار في هذه القمة هو ما قاله
الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أدرك حجم الدور المصري الحقيقي، فقال في تصريحاته على هامش القمة مساء الاثنين: «تلك الفترة لم يشهدها أحد من قبل، وأجلس الآن إلى جانب قائد قوي هو صديق لي، الرئيس والجنرال عبد الفتاح السيسي».
ثم أضاف واصفًا الرئيس السيسي بأنه «شخص رائع، وقام بعمل رائع في وقت قصير لتحسين الأوضاع في المنطقة»، مؤكدًا أن الولايات المتحدة تدعمه بشكل كامل.
وتابع ترامب قائلًا: «الجنرال السيسي لعب دورًا مهمًا للغاية، خاصة مع حماس، كان دوره محوريًا، فهم يحترمون قيادة مصر، وأقدر له قيامه بذلك».
وأعرب عن فخره بعلاقته بالرئيس السيسي، مضيفًا: «نعرف بعضنا منذ وقت طويل، ومنذ المرة الأولى كان هناك تناغم كبير فيما بيننا ومستمر حتى اليوم».
كلمات ترامب لم تكن مجاملة دبلوماسية، بل تعبيرًا عن إدراك حقيقي بأن القاهرة عادت لتتصدر المشهد، وأن سياستها المتزنة وحكمة قيادتها أصبحت صمام أمان في منطقة مضطربة.
هذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها البعض تجاوز مصر، لكنها دائمًا تُثبت أن من يتجاوزها يعود إليها، ومن يظن أنه قادر على إقصائها يعود ليطرق بابها في النهاية.
ويكفي أن نستعيد ما قاله ترامب نفسه حين وصف
الرئيس عبد الفتاح السيسي بأنه «رئيس قوي»، مؤكدًا أن بلاده «معه دائمًا». شهادة جاءت لتؤكد أن قوة مصر تنبع من قيادتها، وأن احترام العالم لها لم يكن يومًا صدفة، بل نتيجة مواقفها الثابتة وقدرتها على إدارة الأزمات بحكمة وصلابة.
ولأنها مصر… فإنها حين تُختبر، تُثبت أنها أصل الصمود ومعنى البقاء، وحين تُحاصر، تتحول إلى منارة تهدي الجميع إلى طريق السلام.
وكأن الشاعر العظيم حافظ إبراهيم كان يرى هذا المشهد بعين البصيرة حين جعل مصر تتحدث عن نفسها قائلة:
> وقف الخلق ينظرون جميعًا
كيف أبني قواعد المجد وحدي
وبناة الأهرام في سالف الدهر
كفوني الكلام عند التحدي
أنا تاج العلاء في مفرق الشرق
ودراته فرائد عقدي
إن مجدي في الأوليات عريق
من له مثل أولياتي ومجدي