بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

بطل من أبطال أكتوبر "صالح السروجي" ...

52 عاما في الظلام اتحسس النور بقلبي وبصيرتي

صالح السروجي : كان اخر ما شاهدته بعيني جثث العدو الاسرائيلي  مع صيحات التكبير
 


" كان اخر ما رأت عيني الالغام الارضية التي زرعناها في الدفرسوار وهي تنفجر في الدبابات الاسرائيلية ..كان هذا اخر عهدي بالنور واخر ما شاهدته بعدها لم ارى النور مرة اخرى .ويكفيني فخرا ان اخر ما رأت عيني كان الانتصار الذي كنا نحققه وصيحات التكبير لا تتوقف من حناجرنا " هكذا جاءت كلمات المهندس صالح حسن ذكي السروجي ابن مدينة الاسماعيلية واحد ابطال حرب اكتوبر المجيدة .


وتابع في حديثه لبوابة الوفد " 52 عاما مرت على فقداني  البصر  لم ارى فيهم قط  اقرب الناس لقلبي زوجتي وابناءي واحفادي ولكنني كنت دائما واثقا في حكمة الله وحامدا لفضله  بانني لم  افقد البصيرة وطريقي الى الله وعوضني الله  بعائلة طيبة وذرية صالحة "
وقال صالح " تخرجت من كلية الزراعة عام 1970  والتحقت بعدها بالقوات المسلحة مجندا بسلاح المهندسين .وطوال ثلاثة سنوات قبل حرب اكتوبر كنت قد تلقيت وزملاءي مجموعة تدريبات عالية على اعلى تقنية .كانت الروح المعنوية بداخلنا تزداد كل يوم ولدينا قناعة ان الحرب قادمة والنصر قريبا …حالة من التفاؤل بين الجنود كانت تسيطر علينا رغم الاحباط واليأس الذي كانت تعيشه البلاد بعد هزيمة 67 ."

 

تدريب على نصب الكباري البرمائية في ٨ دقائق

 واضاف "كان اهم ما تدربنا عليه في سلاح المهندسين  هو نصب الكباري البرمائية وفكها في أسرع وقت ووصلنا بالتدريبات ان تمكنا من نصب الكباري في موعده اقصاه 8 دقائق فقط وهو انجاز في وقت قياسي غير مسبوق .كنا نعلم ان المقصود من التدريبات تهيأتنا للمعركة الكبرى وعبور قناة السويس ولكننا لم نكن نعلم موعد العبور ولا ساعة الصفر  حتى جاء يوم السادس من اكتوبر "
واضاف "كان تمركز الكتيبة التي انتمي لها في منطقة الدفرسوار وكانت المهمة المحددة التي تكلفنا بها  يوم 10 اكتوبر زرع حقول الغام بالضفة الشرقية لقناة السويس بمنطقة الدفرسوار، وصدرت لنا الأوامر ايضا بزرع  حقل آخر من الألغام على بعد 20 كيلو من الحقل الأول وذلك بغرض التمويه للعدو، وبالفعل تم تنفيذ الأمر وكان نتيجة ذلك حدوث خسائر كبيرة ووقوع قتلى في صفوف العدو عند مرورهم بحقل الألغام الأول والذى قمنا بزرعه، وباليوم التالى الموافق 11 اكتوبر عندما طلب منا ازالة حقل الألغام الذى وضعناه بغرض التمويه شن الطيران الإسرائيلى غارة  علينا .وقتها فقدت الوعي ولا ادري ما الذي حدث حتى افقت على سرير المستشفى بالقصر العيني ".


وتابع "عندما استعدت وعي لم ارى شيئا كانت عيني مغممة وتخيلت وقتها انني لازالت على الجبهة وظللت لدقائق انادي على زملائي الذين كانوا بجواري وكان الرد من التمريض انني مصاب وانني في المستشفى وانني نقلت الى هنا منذ عدة ايام " .

وقال "جاءت امي لزيارتي ومعها اشقائي وابي وكنت وقتها اظن ان اصابتي ستأخذ فترة وانني سأعود للنظر مرة اخرى بعد خضوعي لعدد من العمليات الجراحية ولكن الامر طال وعلمت بعدها ان عدد من زملائي استشهد وان ابن خالي الملازم اول سيد وصفي استشهد هو الاخر في الحرب " واضاف "ظللت بالمستشفى عدة اشهر انتقلت خلالها من مستشفى القصر العيني لمستشفى المعادي العسكري. 

رحلة علاج طويلة


واضاف "انقطع ابي عن زيارتي لفترة وكنت كلما سألت اشقائي وامي عنه تحججوا انه مشغول في عمله حتى علمت من ابن عمي وكن وقتها طفلا ان ابي مات على باب المستشفى بعد زيارتي من عدة اسابيع بعدما علم من الاطباء انني فقدت البصر نهائيا وانه لا امل من اجراء اية جراحات لاستعادة بصري مرة اخرى . وقال " كانت الصدمة لي كبيرة في فقداني ابي وهو سندي وعضدي وفي فقداني بصري وانا عمري 21 سنة  .ولا انكر انني دخلت في حالة من الحزن الشديد وقتها لكن امي رحمة الله عليها كان لها الفضل في مساعدتي للخروج من الازمة " .
وقال "كان اخر عهدي بالعمليات الجراحية والمحاولات الطبية عندما اوفدت القوات المسلحة مجموعة من المصابين لرومانيا  لتلقي العلاج اللازم وهناك اجريت لي عملية جراحية ولكنها باءت بالفشل وعدت الى القاهرة مرة اخرى وكانت اصابتي كما مدونة  بالتقرير الطبي " فقد كامل بالعين اليسرى وضمور بالعين اليمنى " 
وتابع بعد  الهجرة  وعودتي لمدينة الاسماعيلية . التحقت بالعمل كمدرس مواد زراعية في احدى مدارس الاسماعيلية  وحصلت بعدها على اجازة اصابة لاني من مصابي حرب اكتوبر حتى اكرمني الله بزوجتي التي كان لها دور كبير في دعمي ومساندتي معنويا وانشغلت مع ابناءي الثلاثة "حسن  صيدلي واميرة مدرسة وهما   توامان .,وياسمين  الابنة الصغرى وتعمل طبيبة بيطرية "في مذاكراتهم ودروسهم حتى تخرجوا جمعيا من كلياتهم .
وقال " كلما احسست بلحظة بضيق تذكرت الانتصار .وكلما استشعرت بهم تذكرت الوطن الذي كان يستحق الكثير من اجله .فهناك من ضحى بروحه فكيف لي ان احزن وانا حي ارزق اعيش بين ابناءي واحفادي وكانت دائما زوجتي تقول لي "اخذ الله منك عينين وارسل اليك 6 اعين " كانت تقصد بذلك اعين ابناءي.واكرمها الله ان تستحق عن جدارة لقب الام المثالية عن محافظة الاسماعيلية في عام 2005 لوقفتها بجواري ودورها في تربية الابناء .
وقالت فردوس محمد زوجة المهندس صالح " كنت فتاة في التاسعة عشر من عمري عندما وقعت حرب اكتوبر وهاجرت مع  اسرتي من الاسماعيلية للصعيد .كنت اتابع بشغف اخبار الحرب والمعارك طوال حرب الاستنزاف  على امل تحرير سيناء وعودتنا مرة اخرى لبيتنا في الاسماعيلية .ولا اخفي سرا  كم كنت اتمنى من الله ان ارتبط بزوج من ابطال حرب اكتوبر .كنت بدعي ربنا ان اتزوج واحد منهم وده كان احساس بيمتلكني كل ما تابعت اخبار المصابين وصورهم في الجرائد والمجلات .ولان تربيتي الصعيدية كانت تمنعني من البوح بمثل هذه الامنية لاحد ...وكنت اعرف صالح لانه كانت خالته جارتنا لكنني لم يخطر على بالي ان ارتبط به حتى كان النصيب وقامت احدى جارتنا بالحديث معي عن راي في الارتباط بصالح وبالفعل وافقت وتم الزواج وانا فخورة بارتباطي ببطل من الحرب "وقالت " صالح رجل خلوق ويعتمد على نفسه في كل شيء حتى انه كان يستذكر دروس الابناء ويتابعهم في مدارسهم وكان دائما يحكي للابناء ومن بعدهم الاحفاد عن الحرب وبطولات زملاءه .