منظمة المرأة العربية تختتم ورشة عمل إقليمية حول المسنين وذوي الإعاقة في بيروت

اختتمت اليوم الموافق 9 أكتوبر/2025 فعاليات ورشة العمل الإقليمية حول: "حقوق واحتياجات كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة في اقتصاد الرعاية في المنطقة العربية" والتي عقدتها منظمة المرأة العربية بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة والهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية على مدار ثلاثة أيام في العاصمة اللبنانية بيروت.
شارك في الافتتاح المحامية/ نتالي زعرور أمينة سر الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية عضوة المجلس التنفيذي لمنظمة المرأة العربية، ممثلة السيدة نعمت عون اللبنانية الأولى ورئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، وأكدت أن اقتصاد الرعاية يُشكّل أحد الأعمدة الأساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة والعمل اللائق، كما يُسهم بشكل مباشر في تعزيز المشاركة الاقتصادية للنساء.
وذكرت أن الاستراتيجية الوطنية للمرأة في لبنان وخطة عمل الهيئة الوطنية للسنوات الثلاث المقبلة تتضمن محاور خاصة تُعنى بالرعاية وإدماج كبار السن وذوي الإعاقة، كما أبرزت قيام فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية في أبريل 2025 بالتوقيع على وثيقة إبرام الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والبروتوكول الاختياري الملحق بها، كما أطلقت زارة الشؤون الاجتماعية خطة العمل التنفيذية للاستراتيجية الوطنية لكبار السن ، وتعمل حالياً على إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق ودمج الأشخاص ذوي الإعاقة في مسار وطني متكامل يعزّز الرعاية والحماية الاجتماعية.
وفي الكلمة الافتتاحيةاوضح / رودريغو مونتيرو كانو، ممثل المكتب الإقليمي في الدول العربية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، أن الورشة تأتي ضمن إطار العمل الذي تأسس في المؤتمر رفيع المستوى الذي عقد بالعاصمة الأردنية عمَّان في فبراير/شباط 2025، وشارك فيه أكثر من 80 شخصًا من المسؤولين رفيعي المستوي ومتخذي القرار في الدول العربية بهدف وضع خارطة طريق إقليمية لاقتصاد الرعاية في المنطقة العربية، مضيفًا أن الورشة الأولى في هذا السياق قد عقدت ببيروت في ابريل/نيسان وتناولت موضوع الحضانات.
وأكد أن درجة تقدم أي مجتمع لا تقاس بالغنى أو القوة وإنما بالطريقة التي يعامل بها ذوي الإعاقة وكبار السن ، وإلى أن مدى يستطيع المجتمع أن يوفر لهؤلاء الأشخاص العيش بكرامة واحترام، بما يمكنهم من أن يكونوا مستقلين ومندمجين في المجتمع.
وأضاف أنه مع حلول عام 2050 ، سيكون هناك أكثر من 100 مليون شخص مسن في العالم، أي 15% من سكان العالم ككل سيكونون من المسنين، لهذا السبب فإن البلدان والمجتمعات يجب أن تستعد للاستجابة لتوفير احتياجاتهم بما يشمل الخدمات الصحية وتوفير المأوى وغيرها.
/ ماتياس فاغنر، مدير مكتب لبنان GIZ، ثمن الورشة باعتبارها جهدا جماعيًا لإعادة التفكير في اقتصاد الرعاية — ليس باعتباره عبئًا، بل استثمارًا في مجتمعاتنا. وأشار سيادته إلى أن النساء هن العمود الفقري غير المرئي لأنظمة الرعاية.
وأضاف أن GIZومن خلال مشروع WoMENA الإقليمي، تعمل منذ عام 2022 مع منظمة المرأة العربية والشركاء الإقليميين والمحليين لتسليط الضوء على واقع خدمات الرعاية بما يتضمنه من تحديات.
وشدد على أن الاستثمار في الرعاية يعني الاستثمار في الإنسان، وفي المساواة، وفي النمو الاقتصادي. ودعا إلى تعزيز أنظمة الحماية والاستثمار في البُنى التحتية الداعمة لاقتصاد الرعاية وإعادة الاعتبار لمهمة الرعاية نفسها باعتبارها على رأس المهام المجتمعية.
وفي ختام كلمته أكد التزام GIZ
بالأجندة المشتركة لتمكين النساء، وتعزيز الحماية الاجتماعية، وجعل اقتصاد الرعاية ركيزة حقيقية للمساواة والصمود في المنطقة العربية..
وفي كلمتها وجهت الدكتورة/ فاديا كيوان المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية كل الشكر والتقدير للجهات الشريكة والمتعاونة مع المنظمة في عقد ورشة العمل، كما وجهت شكرًا خاصا نعمت عون اللبنانية الأولى وللجمهورية اللبنانية والهيئة الوطنية لشؤون المرأة.
ولفتت إلى أن موضوع الورشة على درجة كبيرة من الأهمية وأن الورشة تعمد إلى مقاربته بطريقة تطرح الإشكاليات الرئيسية على بساط البحث والنقاش، وعلى رأس هذه الإشكالات أن النساء هن من يقع عليهن العبء الأكبر لأعمال الرعاية بوجه عام مما يؤثر سلبًا على قدرتهن على المشاركة الفاعلة في المجال العام وفي سوق العمل، ولفتت إلى أن أعمال الرعاية يُنظر إليها نظرة دونية، وهي في كثير من الأحيان غير مدفوعة الأجر.
وأكدت د فاديا علي ضرورة النظر لاقتصاد الرعاية من زاوية تصحيح الاختلال في العلاقة بين الرجل والمرأة في الأسرة، والعمل على تحقيق التوازن وتوزيع الأعباء بشكل عادل، وذلك من خلال إعادة النظر للرعاية بوصفها مهمة رفيعة ومعتبرة وغير دونية، وبوصفها خدمات لها قيمة اقتصادية سواء مدفوعة الأجر أو غير مدفوعة.
وأوضحت في الأخير أن الورشة هي مجال لتشاور عربي-عربي مثمر وتسعى الخروج بأجندة عربية تلتقي وتتكامل مع الأجندات الدولية الأخرى .
وفي كلمته المسجلة ، أكد الدكتور/ نواف كبارة، رئيس التحالف الدولي للإعاقة على أهمية الورشة في سياق الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة العربية والعالم بشكل عام. واعتبر أن تناول موضوع الاقتصاد الرعائي هو بصيص أمل للكثير من الفئات الاجتماعية التي تتولى تقديم الدعم للأشخاص ذوي الإعاقة ولكبار السن ولكنها مع ذلك تفتقر إلى الدعم المجتمعي لها في أداء هذه المهمة.
وأوضح أن الفكر الدولي انتقل من تبني المنظومة الفكرية القائمة على الرعاية عند التعاطي مع قضية الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن ، إلى المنظومة الفكرية القائمة على الحقوق والإدماج.
ولفت إلى تأثير السياقات الصعبة التي تعايشها المنطقة العربية على الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن، بما في ذلك الحروب والكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات وغيرها، وهي السياقات التي تفرض على تلك الفئات تحديات أكبر في ظل غياب الحماية الكافية .
وقد شارك في ورشة العمل خبراء وخبيرات من عدة دول عربية هي: الأردن، وتونس، والسودان، والعراق، وعمان، وفلسطين، ولبنان، وليبيا، ومصر، وموريتانيا، واليمن، كما شارك ممثلو وممثلات الهيئات الدولية والإقليمية ومنظمات المجتمع المدني ذات الاهتمام المشترك بموضوع الورشة.
وتوزعت أعمال الورشة على إحدى عشرة جلسة عمل تناولت أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة وأوضاع المسنين في المنطقة العربية من سائر الجوانب القانونية والاجتماعية والاقتصادية..الخ واستعرضت وجهات النظر وخبرات الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وكذلك خبرات ورؤى المنظمات الدولية والإقليمية .
وقد تطرق الحضور إلى عدة قضايا مهمة منها أهمية توفير البيانات الدقيقة والمصنفة حسب الجنس عن أوضاع المسنين والأشخاص ذوي الإعاقة واقترحوا انشاء قاعدة بيانات عربية حول أوضاع هاتين الفئتين، كما شددوا على أهمية استمرار عملية تبادل التجارب العربية في هذا المجال من خلال تواصل اللقاءات واقتراح البعض توثيق التجارب والممارسات الناجحة على المستوى العربي، كما اقترحوا انشاء منصة الكترونية مخصصة لتبادل الخبرات العربية حول حقوق واحتياجات كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة. كما تم اقتراح تطوير دليل اجرائي موحد حول العمل في مجال الرعاية والخدمات المقدمة للمسنين والأشخاص ذوي الإعاقة ينص على معايير الجودة الواجب الالتزام بها. ولفتوا إلى أهمية تعزيز الخدمات القائمة على الرقمنة مثل البطاقات الصحية الذكية والتعريف بالتجارب الناجحة في هذا المجال.
أكد المشاركون كذلك على أهمية الاستثمار في تأهيل مقدمي الرعاية وتخصيص دورات تدريبية لهذا الغرض.
وفي ختام أعمال الورشة وجهت الدكتورة فاديا كيوان، المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية جزيل الشكر لجميع المشاركات والمشاركين
وأشارت سيادتها إلى أن المسنين والأشخاص ذوي الإعاقة هم كأي إنسان لهم حقوق يجب أن تحترم
ومن واجب الدولة أن تحرص على تعزيز قدراتهم وتوفير الوسائل التي تمكنهم من الاعتماد على أنفسهم والاندماج الفاعل في المجتمع.
وأكدت على ضرورة الاهتمام بمقدمي خدمات الرعاية، خاصة غير مدفوعة الأجر داخل الأسرة، وأن تكون هناك نظرة استراتيجية تقارب وضع هذه الفئات من خلال نظرة عامة للمجتمع المحيط وإلى الأسرة وإلى البيئة الحاضنة للمسن/ة أو لذوي/ذوات الإعاقة.
ولفتت إلى أن القضايا المرتبطة بتعزيز اقتصاد الرعاية أكبر من أن يتحملها طرف واحد سواء أكان أسرة أو جمعية أو مجتمع محلي أو القطاع الخاص أو الأهلي، إنما يجب أن يكون هناك عمل تشاركي تقوده الحكومات باسم شعبها ومجتمعها.
وحثت على أن تستند صياغة السياسات العامة في هذا المجال إلى حوار مجتمعي تقوده الحكومات وتشترك فيه كل الأطراف ذات الصلة بما فيها الفئات المستهدفة من المسنين وذوي الإعاقة.
وعلى صعيد آخر دعت إلى العمل على
تحويل القيم المجتمعية إلى قيم إنسانية
وقالت "الزمن الحالي هو زمن ليبرالي متوحش لا يرى قيمة إلا للإنتاج والكسب ولا يرى هناك حقوق إلا بقدر ما يكون من قوة، وهذا الأمر يخالف حضاراتنا لأن هذه الحضارات قائمة على احترام حقوق الإنسان والمحافظة على كرامة الإنسان وحمايته، فيجب العمل من عمق المجتمعات العربية -من خلال التربية والثقافة والإعلام- لإعادة الغلبة إلى القيم الإنسانية على حساب القوة وذلك لكي ننسجم مع حضاراتنا"
وأوضحت د فاديا أنه يجب البدء من مرحلة الطفولة
لتربية النشء على قيمة التعاطف الإنساني الذي يجسد ما يربط الإنسان بأخيه الإنسان، والعمل على إعادة قيمة التكافل إلى المجتمعات، مشيرة إلى أن هذه القيمة موجودة في جميع الأديان السماوية والحضارات عبر تجليات ومفاهيم مختلفة.
وبينت أن هذا التوجه بات لازما في ضوء تراجع قدرة الدولة على أداء الأدوار الحمائية، فدولة العناية أو العناية ولَّت، واليوم هناك ضغط كبير على الحكومات لتقليص الخدمات الاجتماعية والإنفاق الاجتماعي والوزارات الاجتماعية لصالح الاستثمار.
ودعت إلى التركيز على إصلاح العلاقات بين البشر لتعود أكثر إنسانية، وتعود الأسرة لتكون الحاضنة الأولى لذوي/ذوات الإعاقة وللمسنين، ومن ثم يجب دعم الأسر من خلال خدمات الضمان الاجتماعي والمساعدات،
ولفتت انه لا ينبغي أن يقترن تقديم الدولة للدعم بتفكك الأسرة، بل على العكس، داعية لأن تقدم المجتمعات العربية تجربة متميزة يقترن فيها الدعم الحكومي لتلك الفئات بتعزيز الأواصر الاأسانية والعائلية لا ضعفها.
وأكدت أنه وإذ تعتبر النساء على رأس مقدمي الرعاية فلابد من العمل على دعمهن وضمان استهدافهن ببرامج الضمان الاجتماعي مباشرة لا فقط من خلال الزوج أو الابن.
وفي الختام وجهت دعوة للمجتمعات العربية قائلة (تعالوا لنتعاضد من جديد ولنعيد الدفء إلى العلاقات البشرية وليكون هناك تعاطفًا إنسانيًا فيما بين الناس، ولنتحمل معًا مسؤولية أولئك الأكثر ضعفا في صفوفنا، وأن نعمل معًا على إعلاء شأنهم لكي نصل ليس فقط للرضا الشخصي بل للرضا عن الذات والرضا عن المجتمع ولحالة يكون فيها الأمل هو السائد للناس أجمعين)