بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

لازم أتكلم

فخ الاتفاقيات الإبراهيمية

هل كسبت حماس «الرهان» بعد هجومها الذى راح ضحيته 66 ألف شهيد من الأطفال والنساء والرجال الفلسطينيين، مقابل عدد قليل جدا من الجنود والضباط الإسرائيليين؟ هل تحقق هدفها فى إحباط خطة التطبيع أو ما يسمى بالاتفاقيات الإبراهيمية بين العرب وخاصة السعودية وبين إسرائيل؟! 

الواقع يؤكد أنه على مدى عامين من الحرب بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل، فإن الحركة خسرت الكثير، وأدى اندفاعها وعدم تخطيطها الجيد لما أقدمت عليه إلى نشوء توازنات إقليمية ودولية جديدة فرضت فيها إسرائيل نفسها كقوة عسكرية مدعومة أمريكيًا، لبسط نفوذها فى المنطقة ومواجهة إيران عدوها التقليدى بجميع أذرعته وفروعه فى لبنان وسوريا واليمن.

ورغم أن حماس نجحت فى تقويض الموجة الأولى من الاتفاقيات الإبراهيمية التى ترعاها أمريكا لصالح إسرائيل، إلا أنها حتما ستخسر وجودها وفقا للخطة الترامبية العشرينية التى لو تحققت على أرض الواقع سيختفى اسم حماس من الوجود بعد أن يحل السلام فى المنطقة، وتبدأ الخطوات الفعلية لمسار حل الدولتين، الذى سيستغرق العديد من السنوات كى يصبح واقعًا ملموسًا.

هذا المسار غير المضمون والمحفوف بالمخاطر والتحديات والعقبات، سيظل دومًا رهين ألاعيب «ترامب» ورغبته فى الإعلان عن الصفقات قبل دراستها أو بحثها جيدا، وكذلك رهانات «نتنياهو» على بقائه فى السلطة والقضاء على حماس نهائيا وحصوله على عفو عام من تهم الفساد بعد استعادة الرهائن وترميم الداخل الإسرائيلى، إضافة إلى رهان حماس والمناورة بما تملكه من أدوات ضغط للخروج من أزمة خلقتها دون أن تخسر كل شىء، ويكفيها هنا أنها أعادت الضوء إلى القضية الفلسطينية التى كانت مهددة بالزوال بعقد بالاتفاقيات الإبراهيمية.

لقد ناورت حماس عندما تعاملت مع الخطة الترامبية بذكاء شديد، فهى لم ترفض ولم تقبل بكل الشروط، ولم تقف عند تفاصيل كثيرة مهمة كانت سببًا فى تعثر المفاوضات، ولكنها تعلن فى الوقت نفسه عن عدم تخليها تماما عن السلاح إلا بعد تحقيق حل الدولتين وإعادة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم، وليس تهجير المقيمين، مستغلة فى ذلك تحرك المجتمع الدولى بشكل أكبر واقوى، ضد جرائم نتنياهو الذى يعيش فى عزلة سياسية دولية أجبرته على قبول خطة ترامب أملًا فى التطبيع وتنفيذ الاتفاقية الإبراهيمية الموعودة مع السعودية.

وبغض النظر عن حلم ترامب بجائزة نوبل للسلام بعد وقف حرب الإبادة الجماعية فى غزة، كهدف أول من كل ضغوطه على نتنياهو، فإن هذه الاتفاقيات ستعود بقوة مجددًا للمنطقة، وهذا حلم آخر لـ«الصهيوأمريكية» لن تستطيع حماس مقاومته فى ظل العلاقة المتينة بين واشنطن والرياض العاصمة الأقرب للتطبيع مع تل أبيب بعد الإمارات.

والاتفاقيات الإبراهيمية فخ أمريكى إسرائيلى، وفكرة تم طرحها للعزف على وتر الجانب الدينى، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى نبى الله إبراهيم التى تنتسب إليه الديانات الثلاث (الإسلامية والمسيحية واليهودية)، وهدفها تحقيق التطبيع والشراكة الاقتصادية والثقافية والسياسية بين العرب وإسرائيل مقابل تحقيق السلام والتعايش فى أمان.

ورغم أن مصر نفذت التطبيع (1978) والأردن (1994)، إلا أن هذا التطبيع يختلف عن «الاتفاقيات الإبراهيمية» كون الأخيرة لم تُبرَم نتيجة حرب مع العدو، وإنما نتيجة «مواءمة سياسية» شاملة لا تخلو من تعاون عسكرى واستراتيجى يدعم النفوذ الامريكى فى الشرق الأوسط.

ويراهن ترامب على ضم إيران إلى الدول العربية والخليجية إلى هذه الاتفاقيات مستقبلا، بعد حسم ملفها النووى، وإجبارها على الرضوخ للإملاءات الأمريكية بفرض المزيد من العقوبات الدولية والأوربية.

إن الأيام القادمة ستكشف إلى أى مدى خسرت حماس القضية والسلاح معا؟ وإلى أى دولة خليجية سيتوقف عندها قطار التطبيع الإبراهيمى غير المشروط مع تل أبيب، الذى يراه البعض خطوة مضادة تتناقض وكل المواقف السياسية والعسكرية المرتبطة بالقضية الفلسطينية.

 

[email protected]