في مهرجان القاهرة لمسرح العرائس.. تكريم اسم الفنان الكبير جمال الموجي

شهدت قاعة ثروت عكاشة بأكاديمية الفنون، فعاليات الأمسية الثانية من ندوات الدورة الأولى لـ«مهرجان القاهرة لمسرح العرائس»، والتي أُهديت إلى اسم الفنان الكبير د. جمال الموجي، أحد أبرز رموز هذا الفن في مصر.
أدار الأمسية الناقد جرجس شكري، الذي رحب بضيوف المنصة وجمهور الحاضرين، قبل أن تنطلق فعاليات الندوة بمحورين رئيسيين.
في المحور الأول، قدمت الناقدة منار خالد قراءة نقدية لثلاثة عروض مسرحية عرائسية هي: «خيال»، و«متوالية متلازمة سليم»، و«من وحي التراث المصري»، مشيدة بالتجارب المسرحية المختلفة التي طرحت رؤى فنية متنوعة وثرية.
أما المحور الثاني، فتحدث خلاله فنان العرائس عبد الحميد حسني، الذي عبّر عن سعادته بالتواجد في أمسية يكرَّم فيها أستاذه وقدوته، الفنان جمال الموجي، مشيرًا إلى العلاقة الخاصة التي يجب أن تربط فنان العرائس بالدمية، فهي ليست مجرد أداة تحريك، بل كائن ينبض بالحياة والإحساس.
وأوضح حسني أن بناء العمل المسرحي العرائسي يبدأ بالنص، وتليه الرؤية الإخراجية المناسبة، ثم تصميم العرائس والديكور، مشددًا على ضرورة اختيار النوع الأنسب من العرائس للفكرة – سواء كانت خيال ظل، عرائس خشبية، جلدية، أو غيرها.
كما استعرض أنواع العرائس المستخدمة في المسرح، منها: الماريونت، عرائس العصا، عرائس القفاز، عرائس الظلؤ العرائس العملاقة أو الأقنعة، عرائس المنضدة، العرائس الميكانيكية، عرائس الأصابع والمسرح المائي.
وأشار إلى تجربته في المسرح المائي بالتعاون مع د. مي مهاب، حيث شارك في أول عرض مصري سافر إلى فيتنام بعنوان «إيزيس وأوزوريس»، ولاقى إقبالاً جماهيرياً كبيرًا هناك.
وتوقف حسني عند ذكرياته العائلية، مشيرًا إلى أن والده الفنان الراحل حسني عبد الحميد، كان أول داعم له، وأنه ينتمي لعائلة فنية؛ فشقيقه عزت حسني فنان تشكيلي متخصص في عرائس القفاز، وشقيقه رحمي حسني كذلك.
ومن أبرز المواقف التي رواها، لقاؤه بفنان إسكتلندي يُدعى "براند"، جاء بتصميم جديد لعروسة، ليتفاجأ بأن جمال الموجي كان قد نفذ النموذج ذاته قبل عشرين عامًا بعروسة اسمها «فوكس»، استخدمت لاحقًا في عرض «80 يوم حول العالم»، وهو ما يعكس عبقرية المدرسة المصرية في هذا الفن.
وفي فقرة الكتب والمكرمين، تحدث الدكتور حسن الحلوجي عن كتابه «أصابع الخيال»، الذي وثق فيه تاريخ مسرح العرائس عبر السير الذاتية لفنانيه وعرائسه، وارتباطهم الإنساني العميق بهذه الشخصيات، مشيرًا إلى أن كل عروسة تحمل حكاية، كما في حالة الفنانة فوزية عبد اللطيف التي سمّت إحدى عرائسها «نانا» على اسم ابنتها.
واستعرض الحلوجي كذلك تجربة الفنان رفعت الشربيني في عرض «حمار شهاب الدين» بتعاون مع ناجي شاكر أثناء بعثته في ألمانيا، والذي خرج للنور خلال أقل من ستة أشهر وفاز بجائزة.
واختتم الفنان القدير جمال الموجي الأمسية بكلمة مؤثرة، عبّر فيها عن سعادته الكبيرة بالتكريم، مؤكدًا أن "فن العرائس لا يعرف التحريك فقط.. بل هو تمثيل حقيقي وانفعال داخلي"، داعيًا الجيل الجديد إلى استكمال المسيرة والارتقاء بالمهرجان، كما طالب بمزيد من الدعم الرسمي لهذا الفن المهمش.
وكشف الموجي عن بداياته المبكرة مع الأراجوز، وكيف نشأت علاقته الأولى بالعرائس من خلال مشاهدته لعروض الحاوي «عم نعمان» في حواري السيدة زينب، حيث عمل معه في طفولته مقابل إعفائه من دفع تعريفة الدخول، وكان يعزف على الترومبيت لجذب الأطفال للعروض.
وروى الموجي قصة أول عروسة حرّكها، وكانت راقصة قطنية صنعها بمساعدة والدته خلال حفل زفاف شعبي في الشارع، حيث أنزلها من شباك شقته بالدور الثاني، وتفاعل معها العازفون والمعازيم.
وأشار إلى مشروع تخرجه بالكلية الذي حمل عنوان «وادي اللا شيء» عن المسرح الأسود، وشارك فيه أخوه سعد الموجي والشاعر أحمد فؤاد نجم، وكان يحتوي على 120 لوحة فنية تمثل كل مشهد وحركة على المسرح، لكنه لم يُنفذ بسبب ظروف مختلفة.
وختم كلمته بتأكيده على أن انضمامه إلى مسرح العرائس جاء من حب داخلي حقيقي، حيث بدأ مساعدًا في عرض «مدينة الأحلام» من إخراج ناجي شاكر، وكان كل مشهد في العرض بمثابة لوحة تشكيلية متكاملة.