بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

٦ أكتوبر يوم النصر المنشود

أَشْرَقَت شمس الصباح، ليوم السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣ميلاديًا، العاشر من رمضان عام 1393 هجريًا، وهى تسطع بِنُورِ رَبِّهَا، الذى ينتشر ويعلو ويرتفع فوق أرض سيناء المباركة، وفى ظهيرة هذا اليوم وتحديدًا الساعة الثانية وخمسة دقائق، كان العبور العظيم لقواتنا الباسلة لقناة السويس، وهم ينطقون بأَفْواهِهِمْ صيحات ألحق، بندَاءٍ أَعلَى الله أكبر الله أكبر، فقد تجمعت فى قلوبهم الروح القتالية القوية، وتألفت على شعائر الجهاد الدينية، فهم لايهابون الموت لأنهم يضعون آمالهم فى نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ، لاسترداد تراب الوطن المقدس، الذى كان مفقودًا فى خضام نكسة ٥ يونيو من عام ١٩٦٧، فقد كان لقواتنا المسلحة الصدق مع الله، والعزم على الثأر من الهزيمة، والأخذ بدم شهدائنا الأطهار الأبرار، الذين ارتوت بدمائهم النقية الذكية أرض التية المباركة، فكان الاستعداد للمعركة، وتنفيذ خطة الهجوم مُهْتَدِينَ إلى قول الحق تعالى: «إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ» الآية رقم (7) من سورة محمد.

ولعل أصعب ما واجه القيادة العسكرية المصرية، من عقبات فى تنفيذ خطة العبور الشرقى للقناة، عندما اعتمدت قوات العدو وارتكزت إلى فكرة شيطانية، بتصنيع أعداد كثيرة من مستودعات الوقود ذات الأحجام الكبيرة، وتم دفنها فى أعماق الأرض متصلة بخطوط أنابيب طويلة، لها مواصفات قياسية خاصة فى التصنيع، تكون قادرة على نقل الغازات والوقود والنبالم الحارقة، بحيث يكون بلف التحكم الخاص بتدفق المواد الملتهبة والمتفجرة، فى غرفة عمليات العدو، وفُوهة الأنبوب تحت سطح مياه القناة، وإذا أقترب المصريين منها، يصبح المجرى المائى عبارة عن فُوهة بركان مندفع، من الحمم وجحيم مشتعل من النيران، ولم تكن هذه العقبات تنثنى أوتضعف عزائم الأبطال، لأن لقادتنا عزيمة لا تنثنى بل بذلو الجهد فى تذليل العقبات، التى تعوق نجاح عمليات العبور، واستطاعت قواتنا السيطرة على مستودعات الوقود والتحكم فيها، وإغلاق فوهات خطوط الأنابيب بتركيبة كيميائية فريدة من مواد البناء، بمادة اسمنتية لها القدرة على تحمل درجة الحرارة العالية ومقاومة المياه، حتى لا تتسرب المواد الخطرة وتطفو مشتعلة على سطح القناة.

ولعل خط بارليف ومواقعه، المكونة ما يقارب من ٣٥ موقعًا حصينًا، لأطول خط دفاع عسكرى فى التاريخ، وأمامه الساتر الترابى المنيع، وهؤلاء كانوا يعتبرون العثرة العسيرة القاسية، التى واجهت قواتنا لكى تعبر بأسلحة الميدان الثقيلة إلى أرض المعركة، وهذه الأسلحة والمعدات العسكرية المتمثلة فى سلاح القوات البرية، مثل سلاح المدرعات والمشاة ومدفعية الميدان وسلاح المركبات.... لأن العقيدة القتالية لقوات العدو الإسرائيلى، اعتمدت طوال تاريخها العدوانى، فى أطماعها التوسعية من الأراضى العربية، بأن تكون محصنة وهى تحارب، طبقًا لقوله تعالى: «لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِى قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ ..» الآية رقم (14) من سورة الحشر.

ولكن بِفَضْلِ اللَّهِ ثم بفكر وعبقرية سلاح المهندسين المصريين، استطاعوا هؤلاء الأبطال القادة الأفذاذ، أن يستخدمو مضخات المياه ذات الضغط العالى، بفتح ثغرات فى الساتر الترابى بتجريفه، لكى يكون ممر وطريقا سهل لعبور القوات، وقد استطاعت قواتنا اختراق خط بارليف وموانعه الحصينة المليئة بالألغام والأسلاك الشائكة والمتفجرات، بإقامة الجسور وعمل الكبارى لعبور المعدات القتالية والمركبات، وكان التفوق العسكرى للجيش المصرى برًّا وبحرًا وجوًّا، فكان النصر حليفًا لمصر واستردادًا للأرض وطَرِيقَا للسلام، فكل التحية للشهداء الأبرار، وكل التحية للشهيد البطل الرئيس محمد أنور السادات، التى تجلت عبقريته فى قراره للحرب وقراره للسلام،وخير خِتامًا قوله تعالى: «وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا  بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ» الآية رقم (169) من سورة آل عمران.