بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

قصة في فتح مكة تكشف عظمة قلب الرسول ﷺ

بوابة الوفد الإلكترونية

أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن رسول الله ﷺ كان على الخُلُق الأتم، ومؤيدًا من ربه ليكون رحمةً للعالمين، مشيرًا إلى أن الله تعالى بدأ كتابه له بقوله: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، وهو ما يعكس أن النبي ﷺ كان الرحمة مجسدةً في شخصه وسيرته، إذ عاش عمره كله ناشرًا للرحمة بين الناس والخلق كافة.
 

 يوم فتح مكة

وأضاف جمعة أن من أعظم المواقف التي تُجسِّد هذه الرحمة ما حدث في يوم فتح مكة، حين كان النبي ﷺ يسير بجيشه العظيم نحو المدينة المقدسة، في مشهد مهيب يليق بسيّد الخلق الذي فاق الملوك جلالةً ومهابةً في الدنيا، وهو عند ربه أعلى المقام في الآخرة. وقال جمعة مستشهدًا ببيت الشعر:مَدَحتُ المالِكينَ فَزِدتُ قَدراً.. فَحينَ مَدَحتُكَ اِقتَدتُ السَحابا

وأوضح جمعة أنه بينما كان النبي ﷺ مشغولًا بتدبير شؤون الفتح وإقامة شرع الله، رأى كلبة تهرّ على أبنائها من شدة الخوف من مرور جيش المسلمين. عندها نادى ﷺ جعيل بن سراقة، وأمره أن يقف عندها حارسًا يحميها من اقتراب الجيش حتى لا تفزع، ويؤمّن صغارها حتى تمر الجيوش بسلام.

وبيّن الدكتور علي جمعة أن هذا الموقف النبوي الجليل يُظهر مدى رقة قلب النبي ﷺ ورحمته حتى بالحيوانات الضعيفة، مع أن جمهور الفقهاء يرون الكلب نجسًا، إلا أن رسول الله ﷺ عامله كمخلوقٍ من خلق الله، قائلاً: «في كلِّ ذاتِ كبدٍ رطبةٍ أجرٌ».

وأشار جمعة إلى أن الرحمة لا تُنزع إلا من شقي، فهي علامة الإيمان، ومن لا يملك رقّة القلب لا يملك إيمانًا، ومن حُرم الإيمان فهو شقي، لذا فإن غلظة القلب من علامات البُعد عن الله.

وتابع عضو هيئة كبار العلماء قائلاً إن المسلمين ورثوا عن نبيهم هذا الخُلُق العظيم وطبقوه في حضارتهم تطبيقًا عمليًا، فأنشؤوا مساقي للكلاب والطيور والحيوانات الضعيفة رأفةً بها، عملًا بقول النبي ﷺ: «في كلِّ ذاتِ كبدٍ رطبةٍ أجرٌ».

كما أشار إلى أن المسلمين علموا أن امرأة دخلت النار في هرّة حبستها، بينما دخلت أخرى الجنة في كلبٍ سقته، ما يدل على أن الرحمة بالحيوانات ليست عملاً ثانويًا، بل عبادة يؤجر عليها الإنسان.

وختم جمعة حديثه بالإشارة إلى أن العصر المملوكي شهد مظاهر واضحة لتجسيد هذا الخلق النبوي، ومن ذلك ما حدث في تكية محمد بك أبو الذهب، حيث بُنيت صوامع للغلال لتأكل منها الطيور، في صورة حضارية راقية جسدت كيف حول المسلمون توجيهات نبيهم إلى واقعٍ عمليٍ يعيشون به، فحازوا العز والشرف وخير الدنيا والآخرة.