بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

مايكروسوفت تكشف عن تقنية تبريد ثورية للذكاء الاصطناعي بتقليد عروق أوراق الشجر

بوابة الوفد الإلكترونية

في وقتٍ يتصاعد فيه القلق العالمي بشأن استهلاك الذكاء الاصطناعي للطاقة وانبعاثاته الكربونية، أعلنت شركة مايكروسوفت عن ابتكار جديد في مجال تبريد الرقائق الإلكترونية قد يُغير قواعد اللعبة في مراكز البيانات.

 التقنية الجديدة، التي تعتمد على الموائع الدقيقة، تهدف إلى مواجهة التحديات المتزايدة لتبريد وحدات معالجة الرسومات (GPUs) التي تُعد المحرك الأساسي لتقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة.

بحسب مايكروسوفت، فإن النظام الجديد قادر على تحسين كفاءة التبريد بمعدل يصل إلى ثلاثة أضعاف مقارنة بالطرق التقليدية المعتمدة اليوم، مثل استخدام الصفائح الباردة. 

ويُتوقع أن يُسهم هذا التقدم في رفع الأداء مع تقليل المخاطر المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة، وهو ما يُمثل خطوة حيوية في ظل النمو المتسارع للتطبيقات الذكية والطلب الهائل على البنية التحتية للحوسبة السحابية.

كيف تعمل تقنية الموائع الدقيقة؟

النهج الذي تتبناه مايكروسوفت يقوم على تمرير سائل التبريد عبر قنوات دقيقة محفورة مباشرة على الجزء الخلفي من الشريحة. هذه القنوات، التي صُممت باستخدام الذكاء الاصطناعي، تضمن وصول السائل إلى أقرب نقطة من مصدر الحرارة، ما يمنحها تفوقًا واضحًا على أنظمة التبريد التقليدية التي يفصلها عدة طبقات عن وحدة المعالجة.

الأمر اللافت أن تصميم القنوات استُلهم من الطبيعة، إذ تُشبه أنماطها عروق أوراق الشجر أو أجنحة الفراشات، هذا النهج المستوحى من "الذكاء الطبيعي" يمنح التقنية قدرة أكبر على توزيع السائل بكفاءة وتبديد الحرارة بسرعة، وهو ما لم تنجح المحاولات السابقة في تحقيقه على نفس المستوى.

نتائج واعدة للأداء

تؤكد مايكروسوفت أن هذه التقنية قادرة على تقليل ارتفاع درجات حرارة السيليكون داخل الرقائق بنسبة تصل إلى 65%، وهو إنجاز قد يُحدث نقلة نوعية في قدرات وحدات معالجة الرسومات، هذا التحسن يعني إمكانية رفع تردد التشغيل دون الخوف من تلف الشريحة، كما يُتيح تقارب الخوادم ماديًا داخل مراكز البيانات، ما يقلل من زمن الوصول ويحسن من سرعة المعالجة.

كذلك، سيسمح النظام الجديد باستخدام الحرارة المهدرة بجودة أعلى، ما قد يفتح المجال أمام تطبيقات جديدة في استغلال الطاقة.

ورغم أن التقنية تحمل وعودًا واضحة بتقليل استهلاك الطاقة والانبعاثات، ركّز إعلان مايكروسوفت بشكل أكبر على تحسين الكفاءة والأداء. فقد شددت الشركة على قدرة النظام على دعم طموحاتها في تقديم خدمات أسرع وأكثر استقرارًا في مجالات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، بينما جاء الحديث عن الفوائد البيئية بشكل ثانوي ضمن إطار "الاستدامة".

ومع ذلك، فإن المحللين يرون أن الفوائد البيئية قد تكون من أبرز مكاسب هذه التقنية على المدى الطويل، إذ يُمثل الذكاء الاصطناعي تحديًا متناميًا في استهلاك الطاقة عالميًا. وتشير التقديرات إلى أن تدريب النماذج الذكية الضخمة يستهلك كميات هائلة من الكهرباء تُعادل ما تحتاجه مدن صغيرة بالكامل، ما يجعل أي تحسين في كفاءة التبريد خطوة بالغة الأهمية في الحد من الانبعاثات.

يرى خبراء التكنولوجيا أن ابتكار مايكروسوفت يُعد بمثابة نقلة استراتيجية في تطوير مراكز البيانات الذكية، خصوصًا مع الارتفاع المستمر في الطلب على الخدمات السحابية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي. فمن خلال تقليص الحاجة إلى أنظمة تبريد ضخمة ومعقدة، قد تتمكن الشركات من بناء مراكز بيانات أكثر كثافة وأقل تكلفة تشغيلية، مع تعزيز موثوقية الأداء.

يبقى السؤال، هل ستُترجم هذه التقنية إلى مكاسب بيئية ملموسة، أم ستبقى مجرد أداة لتعزيز السرعة والكفاءة؟ في كل الأحوال، فإن نجاح مايكروسوفت في إدخال الموائع الدقيقة إلى مراكز البيانات يُمثل تقدمًا كبيرًا، وقد يُعيد رسم ملامح صناعة الذكاء الاصطناعي في المستقبل القريب.