بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

فى الذكرى الـ44 لرحيله.. وذكرى النصر العظيم

«السادات» قاهر إسرائيل

بوابة الوفد الإلكترونية

قاد خطة الخداع الاستراتيجى.. أذاق العدو هزيمة تاريخية

دور بطولى للمخابرات العامة المصرية بعمليات إعجازية مهدت للنصر

«السادات» طلب من عمر الشريف الاتصال بـ«بيجين» قبل ذهابه للقدس

استطاع إقناع الولايات المتحدة بالضغط على إسرائيل لتحرير سيناء

 

اليوم ذكرى النصر العظيم 6 أكتوبر 1973، وهو يوم خالد فى تاريخ مصر والعالم العربى؛ إنه يوم النصر.. هذا النصر الذى أعاد الكرامة لمصر والعالم العربى فى نفس هذا اليوم من عام 1981 استشهد بطل الحرب والسلام الرئيس الراحل أنور السادات. شاء القدر أن يرحل فى يوم نصره على العدو الإسرائيلى، إنه الزعيم الخالد قاهر إسرائيل نستعرض فى هذا التقرير كيف قهر «السادات» إسرائيل حرباً وسلاماً.. «السادات» تلك العقلية الفذة التى أبهرت العالم ويعتبر بلا جدال من أبرز الزعماء فى القرن العشرين.. «الوفد» يقدم لمسة وفاء للزعيم الراحل فى ذكرى استشهاده بعد توليه الرئاسة.. وقضائه على مراكز القوى فى عهد «عبدالناصر».

فى يوم 16 أكتوبر 1970 تولى الرئيس أنور السادات حكم مصر بعد 18 يوماً من رحيل الرئيس جمال عبدالناصر، من المعروف أن الرئيس الراحل «عبدالناصر» رغم الهزيمة فى 1967 كان يتمتع بشعبية هائلة بين المصريين، عندما تولى «السادات» الحكم كانت المهمة تبدو صعبة فى ظل سيطرة رجال جمال عبدالناصر على مفاصل الدولة. بعد شهرين فقط من توليه الحكم أصدر السادات قراراً بإلغاء الرقابة على التليفونات، وأعلن أن مصر ستسير على درب الحرية والديمقراطية.. ومع مطلع عام 1971 بدا الصراع بين «السادات» ورجال «ناصر».

أيقن الرئيس الراحل أنه لن يستطيع فعل شىء فى ظل وجود هؤلاء بدون تفاصيل، فاستطاع بدهاء شديد التخلص منهم جميعاً فيما يسمى بـ«ثورة التصحيح»، فى 15 مايو 1971 وتمت محاكمتهم وحكم عليهم بالسجن، بعد القضاء على هؤلاء، أيقن «السادات» أنه سوف يستطيع تحقيق أحلامه فى النصر وقيادة مصر لمنطقة أخرى فبدأ اختيار قيادات جديدة فى مختلف مفاصل الدولة للبدء فعلياً فى الاستعداد لمعركة النصر.

بداية خطة الخداع، والاستعداد للمعركة فى مايو 1971 أصدر «السادات» قراراً بتعيين اللواء أحمد إسماعيل على رئيساً لجهاز المخابرات العامة. مع تكليفه بإعداد خطة الدفاع الاستراتيجى بشقيها المدنى والعسكرى وقد بدأ الشكل الأول للخطة، وفى ظل هذا كان المصريون والعالم يشعرون بأن «السادات» لن يحارب، بل ظن البعض أنه رجل ضعيف، خاصة بعد أن أعلن أن الحرب ستقام فى عام 1972 الذى سمى عام الضباب.

فى أوائل يوليو 1972 عقد «السادات» اجتماعاً مهماً للغاية فى مقر المخابرات العامة بحضور القيادات العسكرية، وشدد على أهمية خطة الخداع كوسيلة أساسية للتغلب على آثار الخلل فى التوازن العسكرى والعلمى بين مصر وإسرائيل، وشدد على ضرورة السرية الكاملة فى كل ما يتعلق بأى عملية هجومية مصرية محتملة واعتمدت الخطة فى جوهرها على المزج بين جهود الأجهزة التنفيذية للدولة وعلى رأسها وزارات الإعلام والداخلية والحربية تتمثل فى حجب الاستعداد المصرى للقيام بأى عمليات عسكرية وانطباع أن مصر لن تحارب، التنفيذ الأكبر للخطة بدأ يوم 26 أكتوبر 1972 حينما أصدر «السادات» قراراً بتعيين الفريق أول أحمد إسماعيل على وزيراً للحربية وبدأ الاستعداد على كافة الأصعدة لحرب النصر.

فى كل ما يحدث صدَّر «السادات» للعالم بأن الخيار العسكرى غير مطروح وأن جيش مصر تهدف مناوراته العسكرية للدفاع فقط وليس الهجوم.

فى تلك الأثناء كانت المخابرات العامة المصرية ورجالها يقومون بدور بطولى لخداع العدو الإسرائيلى، منهم «رأفت الهجان» و«محمد الهوان» وعملية الثعلب التى استطاع من خلالها جهاز المخابرات زرع جهاز داخل مجلس الوزراء الإسرائيلى.

«السادات» نفسه كان يتعمد تصدير صورة للعالم أنه لن يحارب ويستمتع فقط بموقعه فى رئاسة مصر، ونشر صور وهو يسبح، بل إنه أكد فى لقاءات متعددة مع زعماء العالم أنه لن يحارب وتعمد إرسال معلومات تضلل العدو، فى نفس الوقت كانت المخابرات العامة تسقط الجواسيس منهم هبة سليم التى أمر «السادات» بإعدامها.. فى مايو 1973 فى نفس اليوم الذى طلب فيه «كيسينجر» وجولدا مائير العفو عنها.

كانت نقطة فى منتهى الذكاء أنه بدأ نشر خطة الخداع، ولا ننسَ قرار «السادات» فى عام 1972 بطرد 17 ألف خبير سوفيتى عسكرى من مصر، فى خطوة اعتبرها البعض قراراً ضمنياً من مصر بعدم مواجهة إسرائيل عسكرياً فى ظل طرد هذا العدد من الخبراء العسكريين السوفيت.

فى سبتمبر 1973 تم الإعلان أن الرئيس السادات يعانى من المرض وسيسافر إلى فرنسا للعلاج من مرض خطير.

كما تم الإعلان عن سفر «السادات» للأمم المتحدة فى أكتوبر 1973 وكل هذه كانت رسائل خداع لإسرائيل أن مصر ليست مستعدة للحرب على الإطلاق حتى قبل ساعات من قيام الحرب فى 6 أكتوبر 1973 حينما تم الإعلان عن زيارة اللواء حسنى مبارك قائد القوات الجوية لليبيا مساء الجمعة 5 أكتوبر 1973 والإعلان عن تأجيلها لظهر اليوم التالى وصدور الأوامر للجنود والضباط صباح السبت 6 أكتوبر للعب الكرة والتنزه على ضفاف القناة، ليتأكد العدو أن مصر لن تحارب أبداً فى ظل وضع الاسترخاء العسكرى.

تحقيق النصر وقيادة «السادات» للمعركة

فى الثانية وخمس دقائق ظهر السبت السادس من أكتوبر 1973 بدأت معركة النصر بالضربة الجوية المركزة، 220 طائرة بقيادة اللواء حسنى مبارك قائد القوات الجوية، هذه الضربة كانت إعجازية الخسائر لم تزد على 4٪، وشاء القدر أن يكون الرائد عاطف السادات شقيق «السادات» فى طليعة شهداء النصر.

تحققت معجزة النصر تحت صيحات «الله أكبر» من قوات الدفاع الجوى والمشاه وسلاح المهندسين والمدفعية قاموا بأدوار بطولية عبرت القوات المسلحة المصرية قناة السويس وحطمت خط بارليف وألحقت بالعدو خسارة فادحة لم يسبق لها مثيل، وتم قتل آلاف الجنود الإسرائيليين.

جولدا مائير تبكى للرئيس الأمريكى وتطلب العون

فى الساعات الأولى، أيقنت جولدا مائير رئيسة الوزراء، وموشى ديان أن إسرائيل تعرضت لأبشع هزيمة ولم تجد «جولدا» مفراً من الاتصال بالرئيس الأمريكى نيكسون، حيث بكت بالدموع وطلبت العون والمدد العسكرى من الرئيس الأمريكى.

وبالفعل بدأت أمريكا إرسال أحدث الأسلحة لأرض المعركة، لكن هيهات النصر تحقق.

كان «السادات» الداهية السياسية غاية فى الذكاء حينما وافق على وقف إطلاق النار فى 22 أكتوبر 1973 لأنه أيقن أنه لن يستطيع مواجهة أمريكا عسكرياً.

ماذا فعل «السادات» بعد تحقيق النصر المبين فى أكتوبر 1973 ولكن ماذا سيفعل «السادات» فالمشوار لم ينته بعد، وسيناء لم تتحرر بشكل كامل أيقن «السادات» أن اللعبة فى يد أمريكا وعليه الاتجاه إليها.

فى 12 يونيو 1974 كانت الزيارة التاريخية للرئيس الأمريكى نيكسون لمصر لتكون أول زيارة رسمية لرئيس أمريكى لمصر. الزيارة استغرقت ثلاثة أيام كانت فتحاً جديداً فى العلاقات المصرية - الأمريكية، وأبدى نيكسون تفهماً واضحاً لمطالب مصر، ولكن بعد أقل من شهرين، تمت إقالة نيكسون من الرئاسة بعد فضيحة «ووتر جيت» وتولى نائبه جيرالد فورد الرئاسة لمدة عامين.

فى مارس 1976 أصدر السادات قراراً بإلغاء معاهدة الصداقة المصرية - السوفيتية، ليعلن صراحة اتجاه مصر للمعسكر الغربى، شعر السادات بجمود الموقف وأيقن أنه لابد أن يتحرك خارج الصندوق، وكثف اتصالاته بزعماء العالم الغربيين للحصول على تأييدهم فى حق مصر فى استرداد كافة أراضيها، وحقوق الشعب الفلسطينى، لكن لم يحدث شىء على أرض الواقع.

فى 20 يناير 1977 تولى جيمى كارتر رئاسة الولايات المتحدة، وفى مارس 1977 قام السادات بزيارة لأمريكا، شعر من خلالها أن وجود كارتر سيساعده كثيراً فى تحقيق أحلامه.

كيف اتخذ السادات قراره التاريخى بزيارة القدس؟

فى سبتمبر 1977 قام السادات بزيارة لرومانيا واجتمع مع الرئيس تشاوشيسكو الذى أكد له أن بيجين يريد السلام ولديه استعداد للتفاوض. توجه الرئيس من رومانيا لإيران، ولكن أثناء جلوسه فى الطائرة اتخذ قراره التاريخى بزيارة القدس.

ربما لا يعلم الكثيرون أن السادات اتصل بالفنان عمر الشريف، حيث كان فى باريس وطلب منه التوجه للسفارة الإسرائيلية، والاتصال برئيس الوزراء الإسرائيلى، على الفور اتجه «الشريف» للسفارة وطلب الاتصال بـ«بيجين» وأبلغه بأن السادات يرغب فى زيارة إسرائيل والتفاوض مباشرة معه، رحب «بيجين» تماماً وأبدى سعادته، أبلغ عمر الشريف «السادات» بموقف «بيجين».

وفى يوم الأربعاء 9 نوفمبر 1977 أعلن السادات فى مجلس الشعب استعداده لزيارة القدس وبدء مرحلة جديدة فى الصراع العربى - الإسرائيلى.

وفى 7٫50 مساء السبت 19 نوفمبر 1977 وقف العالم أجمع أمام لحظة هبوط طائرة «السادات» فى مطار «بن جوريون» وترحيب شديد من زعماء إسرائيل بالرئيس المصرى.

وفى اليوم التالى، ألقى خطابه التاريخى فى الكنيست الإسرائيلى، ليعلن بكل وضوح عدم التفريط فى حبة رمل من سيناء وحق الشعب الفلسطينى فى تقرير مصيره، واسترداد كافة أراضيه المحتلة.

وعندما عاد للقاهرة يوم 21 نوفمبر 1977 وجد السادات فى استقباله 5 ملايين مصرى مؤيدين لمبادرته التاريخية.

«السادات» زعيم عالمى

عقب زيارة السادات التاريخية للقدس، أصبح السادات زعيماً عالمياً، أيدت الدول الغربية بشدة موقف السادات، وأصبحت أمريكا القوة العظمى فى العالم شريكاً أساسياً فى عملية السلام، بكل قوة ضغط الرئيس الأمريكى «كارتر» على إسرائيل لتحقيق مطالب «السادات».

وفى سبتمبر 1978 عقدت مباحثات «كامب ديفيد» بين السادات وكارتر وبيجين، لمدة 13 يوماً متصلة، انتهت بتوقيع اتفاقية «كامب ديفيد»، التى نصت على انسحاب إسرائيل من سيناء، والحكم الذاتى للفلسطينيين على كافة الأراضى المحتلة.

وفى مارس 1979، تم توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، وبدأت إسرائيل فى الانسحاب من سيناء فى مايو 1979، حتى تم تحرير سيناء بالكامل عقب استشهاد «السادات» فى أكتوبر 1981، ثم تحرير طابا فى مارس 1988.

هكذا استطاع «السادات»، النصر على إسرائيل حرباً وسلاماً، كان بحق داهية سياسية وزعيماً تاريخياً لمصر، يستحق أن نخلد اسمه عبر التاريخ، ما زلنا ننعم حتى الآن بإنجازات السادات حرباً وسلاماً، تحية لروح الزعيم البطل الشهيد محمد أنور السادات.