بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

إدارة عشوائية لسد النهضة «غير الشرعى»

بوابة الوفد الإلكترونية

القاهرة: التشغيل الأحادى يهدد حياة شعوب دولتى المصب.. وخسائر فادحة بالسودان

 

أعلنت الحكومة المصرية ممثلة فى وزارة الموارد المائية والرى أنها تتابع تطورات فيضان نهر النيل لهذا العام، وما ارتبط بها من تصرفات أحادية متهورة من جانب إثيوبيا فى إدارة سدها غير الشرعى المخالف للقانون الدولي. وأوضحت الوزارة أن هذه الممارسات تفتقر إلى أبسط قواعد المسئولية والشفافية، وتمثل تهديداً مباشراً لحياة وأمن شعوب دول المصب، كما تكشف بما لا يدع مجالاً للشك زيف الادعاءات الإثيوبية المتكررة بعدم الإضرار بالغير، وتؤكد أنها لا تعدو كونها استغلالاً سياسياً للمياه على حساب الأرواح والأمن الإقليمى.
وأوضحت الوزارة أنه من الناحية الفنية، كان من المفترض أن تبدأ إثيوبيا فى تخزين المياه بسدها بشكل تدريجى منذ بداية يوليو حتى نهاية أكتوبر، ثم تقوم بتصريفها بشكل منظم لتوليد الكهرباء على مدار العام، بما يتسق مع ما تدعيه مراراً بشأن فوائد السد فى تنظيم الفيضان وحماية السودان من الغرق وتوفير الكهرباء للشعب الإثيوبى، غير أنه فى نهاية أغسطس لوحظ أن مشغلى السد الإثيوبى خالفوا القواعد الفنية والعلمية المتعارف عليها، حيث قاموا بتخزين كميات أكبر من المتوقع من مياه الفيضان مع تقليل التصريفات من نحو 280 مليون م³ إلى 110 ملايين م³ يوم 8 سبتمبر 2025، وتدل هذه التصرفات على توجه إثيوبى متعجل نحو إتمام الملء بصورة غير منضبطة، بغرض الوصول إلى منسوب 640 متر فوق سطح البحر، ثم فتح المفيض الأوسط ومفيض الطوارئ لساعات معدودة لاستخدامها فقط كـ«لقطة إعلامية» واستعراض سياسى فيما سُمّى باحتفال افتتاح السد يوم 9 سبتمبر الماضي، بعيداً عن أى اعتبار للسلامة المائية أو مصالح دول المصب.
وقد تأكدت هذه التقديرات بما حدث فعلياً؛ إذ عمد المشغل الإثيوبى عقب انتهاء ما سُمّى بالاحتفال يوم 10 سبتمبر إلى تصريف كميات ضخمة من المياه، بلغت 485 مليون م³ فى يوم واحد، تلتها زيادات مفاجئة وغير مبررة فى التصريفات وصلت إلى 780 مليون م³ يوم 27 سبتمبر، ثم انخفضت إلى 380 مليون م³ يوم 30 سبتمبر. كما أظهرت التقديرات الخاصة بمناسيب السد الإثيوبى انخفاض المنسوب بما يقارب متراً واحداً، وهو ما يعادل تصريف نحو 2 مليار م³ من المياه المخزنة دون مبرر، بخلاف التصرفات الناتجة عن الفيضان نفسه، وهو ما فاقم من كميات المياه المنصرفة وأكد الطبيعة غير المنضبطة والعشوائية لإدارة السد.
وأضافت الوزارة أن التقاء هذه الكميات الكبيرة وغير المتوقعة من المياه فى هذا التوقيت من العام، مع تأخر واختلاف مواعيد سقوط الأمطار داخل السودان، إلى جانب ارتفاع إيراد النيل الأبيض عن معدلاته الطبيعية، أدى إلى زيادة مفاجئة فى كميات المياه نتج عنها إغراق مساحات من الأراضى الزراعية وغمر العديد من القرى السودانية.
وأوضحت وزارة الرى أنها ترى بناءً على ذلك، أن ما حدث على النيل الأزرق من إسراع فى الملء غير القانونى للسد الإثيوبي، ثم تصريف كميات هائلة من المياه مباشرة بعد ما سُمّى باحتفال افتتاح السد، لم يكن إجراءً اضطرارياً، وإنما يعكس إدارة غير منضبطة وغير مسئولة لسد بهذا الحجم.
وقد تسببت الإدارة الأحادية وغير المسئولة للسد الإثيوبى فى تغيير مواعيد الفيضان الطبيعى -الذى تحدث ذروته عادة فى أغسطس- وإحداث «فيضان صناعى مفتعل» أكثر حدة وقوة فى وقت متأخر من العام (جزء من شهر سبتمبر). وأكدت وزارة الرى أنها اتخذت إجراءات استباقية شملت مخاطبة المحافظين فى 7 سبتمبر الماضي، للتنبيه على المواطنين بضرورة توخى الحذر واتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية ممتلكاتهم وزراعتهم المقامة على أراضى طرح النهر، رغم كونها تعديات مخالفة للقانون. وأوضحت الوزارة أن السد العالى بما يملكه من إمكانيات تخزينية وتصريفية يمثل الضمانة الأساسية لحماية مصر من تقلبات النيل والفيضانات المفاجئة، وأن إدارة موارد مصر المائية تتم بكفاءة عالية وبصورة مدروسة تراعى جميع الاحتمالات، بما يضمن تلبية الاحتياجات المائية وحماية الأرواح والممتلكات. 
فى سياق متصل، عاش أهالى جزيرة داود بمركز السادات فى محافظة المنوفية مأساة حقيقية، بعد ارتفاع منسوب مياه النيل، وحصار المياه منازلهم. وقال الأهالي: «نستخدم القوارب لنصل إلى أى مكان، المياه حاصرت منازلنا»، معبرين عن معاناتهم بعدما تسبب ارتفاع مياه النيل فى غرق منازلهم  والمنشآت والمدارس والمستشفيات.
وقال سكان الجزيرة داود: نواجه و أطفالنا الموت يوميًا من أجل العبور من الجزيرة، فالقوارب غير مؤهلة وارتفاع منسوب المياه يحاصرنا من كل اتجاه، ورغم مناشداتنا المتكررة لم يتم حل المشكلة».
وكانت الوحدات المحلية بمحافظة المنوفية قد أصدرت تحذيرات عاجلة إلى المواطنين والمزارعين المقيمين فى أراضى طرح النهر، بعد رصد ارتفاع منسوب مياه النيل بشكل قد يؤدى إلى غمر مساحات واسعة من تلك الأراضي.
وفى البحيرة، وجهت الدكتورة جاكلين عازر محافظ البحيرة مديريتى الرى والزراعة، وكافة الوحدات المحلية الواقعة على النيل وإدارة الأزمات بديوان عام المحافظة، برفع درجة الاستعداد والجاهزية، واتخاذ التدابير الوقائية العاجلة، وحصر كافة مناطق طرح النهر بالمناطق الواقعة على النيل. وفى إجراءات وقائية مسبقة، خفضت مديرية رى البحيرة منسوب المياه فى فرع رشيد، كإجراء احترازى فى حالة زيادة مناسيب المياه، ضمن الخطة المسبقة للحفاظ على أمن وسلامة المواطنين خاصة بأراضى طرح النهر منخفضة المنسوب عن الطرق الطبيعية، والتى يستغلها بعض المزارعين بالزراعة بالمخالفة للقانون.