بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

49% من الأسر المصرية ينشرون محتوى لأطفالهم على الإنترنت

بوابة الوفد الإلكترونية

لم يعد الفضاء الرقمي مجرد وسيلة للتواصل أو الترفيه، بل أصبح جزءًا أساسيًا من حياة الأفراد والعائلات، ومع تزايد الاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي لتوثيق اللحظات اليومية، يبرز سؤال محوري حول ما يُعرف بـ "التربية الرقمية": كيف يمكن تحقيق التوازن بين مشاركة صور ومقاطع الأطفال من أجل حفظ الذكريات، وبين حماية خصوصيتهم من المخاطر المتنامية في العالم الافتراضي؟

في هذا السياق، أصدرت شركة كاسبرسكي، المتخصصة في الأمن السيبراني، دراسة حديثة بعنوان «النشأة في العالم الرقمي». وتناولت الدراسة سلوكيات الأهالي في مصر فيما يتعلق بمشاركة محتوى يخص أطفالهم على منصات التواصل.

 وأظهرت النتائج أن 49% من الأهالي يقومون بنشر صور أو مقاطع فيديو أو منشورات مرتبطة بأطفالهم، وهو رقم يعكس حجم الحضور الرقمي المتنامي للأطفال قبل أن يتمكنوا من السيطرة على صورهم أو بياناتهم بأنفسهم.

ووفقاً للبيانات، فإن 69% من هؤلاء الأهالي يضيفون معلومات شخصية أخرى في منشوراتهم، مثل اسم الطفل بنسبة 61%، أو تفاصيل حياته اليومية بنسبة 32%، بل إن 23% منهم يدرجون الموقع الجغرافي وقت النشر، هذه الأرقام تكشف عن ثغرات خصوصية خطيرة قد تضع الأطفال في دائرة الاستهداف من الغرباء أو المجرمين الإلكترونيين.

الأمر المقلق أكثر أن 30% من الأهالي الذين شملهم الاستطلاع لا يضعون أي قيود على خصوصية منشوراتهم، ما يجعلها متاحة للجميع على الإنترنت، ويمثل ذلك خطراً مضاعفاً، إذ يمكن أن تؤدي مثل هذه السلوكيات إلى كشف هوية الطفل، أو تعريضه لملاحقة واستغلال من قبل أشخاص مجهولين، أو حتى سرقة بياناته الشخصية.

ورغم هذه المخاطر، كشفت الدراسة أن دوافع الأهالي لمشاركة محتوى أبنائهم تحمل في الغالب نوايا إيجابية؛ حيث أكد 64% أنهم يرغبون في الاحتفاظ بالذكريات عبر الصور والمقاطع، بينما عبّر 42% عن رغبتهم في مشاركة إنجازات أطفالهم بفخر مع الآخرين، في حين يرى 24% أن النشر وسيلة للتواصل مع الأقارب والأصدقاء، إلا أن هذه النوايا الطيبة قد تتجاهل في كثير من الأحيان التعقيدات الأمنية للفضاء الرقمي.

 قالت كيم جروبيلار، مديرة قنوات المستهلكين في كاسبرسكي بالشرق الأوسط وإفريقيا: "يصعب أحياناً التفرقة بين المشاركة الآمنة لمحتوى الطفل وبين ما قد يعرض سلامته للخطر، ومع ذلك، من الضروري أن يدرك الأهالي أن نشر بيانات شخصية أو صور حساسة قد يقود إلى مشكلات مستقبلية مثل سرقة الهوية أو التنمر الإلكتروني، بل وحتى الإساءة إلى سمعة الطفل في مراحل لاحقة من حياته. كما قد يشعر الأبناء مع تقدمهم في العمر بالانزعاج أو فقدان السيطرة بسبب تواجدهم الرقمي غير المرغوب فيه".

ولتقليل هذه المخاطر، أوصت كاسبرسكي بعدد من الخطوات العملية، أبرزها:

 تقييد الوصول إلى الحسابات على شبكات التواصل الاجتماعي لتكون متاحة للأصدقاء الموثوقين فقط، مع تفعيل خيارات الأمان مثل المصادقة الثنائية واستخدام كلمات مرور قوية.
الامتناع عن نشر صور أو مقاطع قد تعرض الطفل للإحراج أو تكشف تفاصيل شخصية مثل اسمه الكامل، عنوان مدرسته أو أرقام هواتفه.
 الاعتماد على حلول أمنية موثوقة توفر طبقات حماية إضافية ضد محاولات الاختراق أو إساءة الاستخدام.

وبينما تتطور التكنولوجيا بوتيرة متسارعة، تبقى التربية الرقمية مسؤولية مشتركة بين الأسرة والمجتمع، لضمان أن ينشأ الأطفال في بيئة آمنة تحترم خصوصيتهم وتوفر لهم مساحة صحية للتفاعل الرقمي. وفي النهاية، يبقى القرار بيد الأهل في تحديد ما يجب مشاركته، مع إدراك أن كل منشور قد يترك أثراً طويل الأمد في حياة أبنائهم.