بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

الصين تُنهي تحقيقها مع جوجل.. خطوة تكتيكية في خضم المفاوضات التجارية مع واشنطن

جوجل
جوجل

أنهت السلطات الصينية تحقيقها في مجال مكافحة الاحتكار مع شركة جوجل، وهو التحقيق الذي ركّز على هيمنة نظام التشغيل أندرويد على سوق الهواتف المحمولة في الصين ومدى تأثيره على الشركات المحلية مثل أوبو وشاومي.

 ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة فاينانشال تايمز، فإن هذه الخطوة تأتي في وقت حساس للغاية، حيث تشهد العلاقات بين بكين وواشنطن مفاوضات شائكة حول ملفات تقنية وتجارية تشمل تطبيق تيك توك وشركة إنفيديا والرسوم الجمركية بين أكبر اقتصادين في العالم.

 جوجل ممنوعة ولكنها حاضرة بقوة

ورغم أن محرك بحث جوجل وخدماتها الرئيسية مثل يوتيوب، جيميل وخرائط جوجل لا تزال محجوبة داخل الصين، إلا أن الشركة الأمريكية العملاقة تواصل تحقيق إيرادات كبيرة من السوق الصينية، وتعتمد جوجل في ذلك على خدمات الحوسبة السحابية، إضافة إلى مبيعات الإعلانات التي تستهدف المستهلكين خارج البلاد عبر الشركات الصينية الراغبة في الوصول إلى جمهور عالمي.

إنهاء التحقيق لم يكن مرتبطًا مباشرةً برفع الحظر عن منتجات جوجل داخل الصين، لكنه يعكس مرونة تكتيكية من جانب بكين في إدارة علاقتها مع شركات التكنولوجيا الأمريكية، خصوصًا في ظل تصاعد الضغوط المتبادلة بين البلدين.

 إنفيديا في قلب المعادلة

ترى فاينانشال تايمز أن قرار بكين بتخفيف القيود على جوجل يوازيه تشديد غير مسبوق على أنشطة شركة إنفيديا، التي أصبحت ورقة ضغط رئيسية في المحادثات التجارية، ففي وقت سابق من الصيف، وافقت إنفيديا على صفقة مع إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تسمح لها ببيع معالجات رسومية مُخفضة من طراز H2O في السوق الصينية، مقابل منح الحكومة الأمريكية نسبة 15% من المبيعات.

لكن سرعان ما تحركت السلطات الصينية لتثبيط الشركات المحلية عن شراء هذه الشرائح، قبل أن تتخذ قرارًا أكثر صرامة بمنع استيراد أحدث معالج ذكاء اصطناعي من إنفيديا، وهو RTX Pro 6000D، المصمم خصيصًا لتلبية احتياجات السوق الصينية.

إضافة إلى ذلك، اتهمت بكين شركة إنفيديا بانتهاك قوانين مكافحة الاحتكار بعد استحواذها على شركة Mellanox الإسرائيلية المتخصصة في صناعة الرقائق، وفي حال ثبوت هذه الاتهامات، قد تواجه إنفيديا غرامات مالية ضخمة تصل إلى ما بين 1% و10% من إجمالي مبيعاتها لعام 2024، وهو ما قد يمثل ضربة مالية ومعنوية كبيرة للشركة الأمريكية الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي.

إن إنهاء التحقيق مع جوجل وتشديد القبضة على إنفيديا يبرزان بوضوح كيف تستخدم الصين أدواتها التنظيمية كورقة تفاوضية في محادثاتها مع الولايات المتحدة، هذا التوازن بين تخفيف الضغط عن شركة وإحكامه على أخرى يعكس نهجًا محسوبًا يهدف إلى حماية المصالح الوطنية من جهة، ومن جهة أخرى إرسال رسائل سياسية قوية لواشنطن.

وتأتي هذه التطورات بعد ثلاثة أيام من المحادثات التجارية المكثفة بين مسؤولين أمريكيين وصينيين في العاصمة الإسبانية مدريد، ومن المقرر أن يتحدث الرئيسان دونالد ترامب وشي جين بينغ مباشرة يوم الجمعة المقبل، حيث يتوقع أن يتصدر ملف تيك توك جدول أعمالهما.

 وتشير تسريبات إلى أن الصفقة المقترحة قد تؤدي إلى تنازل الشركة الصينية المالكة للتطبيق عن نحو 80% من حصتها في أعمالها داخل الولايات المتحدة لصالح مستثمرين أمريكيين.

بينما تتجه الأنظار إلى اللقاء المرتقب بين الزعيمين، يظل مستقبل التعاون أو التصعيد بين الصين والولايات المتحدة مفتوحًا على كل الاحتمالات، فإذا كان إنهاء التحقيق مع جوجل يعكس رغبة صينية في التهدئة الجزئية، فإن استهداف إنفيديا يوضح أن بكين ليست في وارد التراجع عن استخدام سلاح التكنولوجيا كساحة مواجهة رئيسية في صراع النفوذ العالمي.

الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كان هذا التحول يمثل بداية تقارب اقتصادي جديد، أم أنه مجرد جولة جديدة من لعبة شد الحبال بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم.