بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

قطوف

أرشيف العاشقين

بوابة الوفد الإلكترونية

من بين ثمار الإبداع المتناثرة هنا وهناك، تطفو على السطح قطوف دانية، تخلق بنضجها متعة تستحق التأمل، والثناء، بل تستحق أن نشير إليها بأطراف البنان قائلين: ها هنا يوجد إبداع..
هكذا تصبح "قطوف"، نافذة أكثر اتساعًا على إبداعات الشباب في مختلف ضروبها؛ قصة، شعر، خواطر، ترجمات، وغيرها، آملين أن نضع عبرها هذا الإبداع بين أيدي القراء، علّه يحصل على بعض حقه في الظهور والتحقق.

"سمية عبدالمنعم"
 

 

لازلتُ أفتّش بين صفحاتٍ متآكلة،
ألملم قصاصاتٍ صفراء، رسائلَ محروقة الأطراف، صورًا مبتورة الوجوه، دفاترَ يتثاءب فيها الكلام الذي لم يُقَل.
كلُّ الأسماء تلمع لحظةً ثم تنطفئ،
كلُّ الأيدي التي تشابكت يومًا، تهاوت كخيطٍ مقطوع.
دموعٌ جفّت قبل أن تصل إلى الشفاه، وأحلامٌ استيقظت على صرير الأبواب المغلقة.

أبحث عن اثنين لم يُهزما بالفراق.
ظننتُ أنني سأجدهم في أساطير الملوك، أو أناشيد الشعراء، أو عند عتبات المعابد حيث أقسموا أن يبقوا معًا،
لكنني لم أجد سوى فراغٍ يئنّ بين السطور،
وخيباتٍ تتكرر بأقنعة مختلفة،
عاشقان فرّقتهما المدن،
آخران أرهقتهما الوعود،
وغيرهما ابتلع الموت وجهيهما في اتجاهين متباعدين،
وكأن النهاية واحدة، مهما تغيّر الطريق.

حتى الحكايات التي بدت أبدية، توقفت عند محطة ما :
خيانة، صمت، أو نظرة لم تحتمل ثِقل البقاء.

في مساءٍ متأخر، بينما أرتّب آخر صندوقٍ من الغبار، عثرتُ على مرآة صغيرة.
سطحها مشروخ، يعكس وجهي في ألف وجهٍ متشظٍّ
وعند شقّها الأعمق، انبثقت صورة لم تكن لي.

رجلٌ وامرأة يسيران في ممرّ بلا نهاية.
صمتٌ يرافقهما، غير أنّ أنفاسهما تمشي متجاورة، وأيديهما ملتحمة كما لو أنّ العالم لم يُخلق بعد.
لم يكن الزمن قادرًا على الدخول إلى صورتهما.

اقتربتُ حتى كدتُ أعبر الزجاج،
أرى فيهما وجهي، ويرى وجهي فيهما سرّ البقاء.
هناك أدركت العاشقان الوحيدان اللذان لم يفترقا، يعيشان في داخلي، يقيمان في قلبي، حيث لا زمن، لا مكان، لا وداع.

أغلقتُ الأرشيف، فابتسمتُ؛
لأن الحب، كلما انكسر في الخارج، عاد أكثر اكتمالًا في الداخل،
ولأن الفراق، في جوهره، هو الذي يحرس للأبدية سرّها.