بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

د. معتصم الشهيدى عضو مجلس إدارة شركة «هوريزون» لتداول الأوراق المالية:

العائد الحقيقى «إشارة خضراء» لتعزيز خفض أسعار الفائدة

بوابة الوفد الإلكترونية

50 مليون جنيه مستهدف رأس المال

أدوات رحلتك لا تُصنع من حديد ولا تُحمل فى حقائب السفر، بل تُغلف بالعلم وتُزيّن بروح التعلم المستمر.. مصباح حين يشتد ظلام الطريق، وأشرع حين تثور رياح التغيير، وزادك الذى لا ينضب مهما امتد بك العمر.. كل درسٍ جديد هو بوصلة إضافية، وكل معرفة مكتسبة جناح آخر يعينك على التحليق أبعد مما ظننت.. رسالة لا تعرف الكلل، وبَذْل لا يعرف التراجع، وصدق لا يترك للزيف مكانًا.. العمل المخلص يترك أثرًا خالدًا، يُحاكى الأرواح ويُلهم العقول، كأنه نور لا ينطفئ.. وكذلك محدثى تجاربه ليست أحداثًا عابرة، بل صناديق ذهبية تودع فيها أثمن عطاياها.. فكل تعثر درس، وكل نجاح هو جوهرة.
ليست الأعوام التى تعيشها هى ما تمنحك الثقل، بل ما تحمله تلك الأعوام من أحداث ومواقف صاغت ملامحك وصقلت جوهرك، كل تجربة مررت بها، مهما بدت صغيرة أو عابرة، هى حجر جديد فى بناء شخصيتك.. وعلى هذا الأساس كانت مسيرته.
الدكتور معتصم الشهيدى عضو مجلس إدارة شركة «هوريزون» لتداول الأوراق المالية.. التعلم المستمر هو النهر الذى يروى عطشه، فى داخله تتراكم التجارب، يمتلك قيمة ذاتية متجددة، ويصنع من كل عثرة دليلاً يقوده إلى مبتغاه.
على مقربة من ميدان عبدالمنعم رياض، الميدان الذى يخلّد اسم أحد أعظم القادة العسكريين العرب فى القرن العشرين، الرجل الذى صاغ ملحمة بطولية فى الحروب الكبرى وحفر فى الذاكرة بلقب «الجنرال الذهبى».. يقف مبنى قديم، جدرانه تحكى تاريخ المكان.. فى الطابق الثالث من ذلك المبنى، يمتد ممر ضيق يقودك إلى مدخل رئيسى يفتح على مساحة واسعة، تتوزع فيها غرف عديدة.. رغم حركة الأقدام التى لا تنقطع، يسود المكان صمت مهيب، حيث ينغمس كل فرد فى عمله بتركيز مطلق.
فى إحدى الغرف الجانبية، يسكن هدوء خاص، محاط بتفاصيل تنبض بالتوازن والدقة.. المكتب هناك يعكس صاحبه كما لو كان مرآة لروحه؛ منظم، مرتب، تحيط به ملفات وقصاصات تحمل على سطورها ملامح فكر رجل عاشق للعمل، متشبث بخططه المستقبلية كمن يحمل مفاتيح الغد.
خلف تلك الأوراق، تختبئ أجندة أخرى، ليست للحسابات أو المواعيد، بل للأحلام والذكريات. غلافها يحمل ملحمة مكتوبة بألوان الرضا وقداسة العلم، حكاية رجل آمن أن طريق المجد يصنع بالتركيز والاجتهاد، وأن الأخلاق والعلم معًا هما جناحا التحليق نحو الكبار.. إنه مشوار يليق بمن أراد أن يضع اسمه لا على الأوراق فقط، بل فى الذاكرة الحية للتاريخ.
العِلم بالنسبة له ليس مجرد أداة للمعرفة، بل هو البوصلة التى تحدد اتجاه رحلته، وتضىء له دروب المستقبل. شغفه الدائم بأن يترك بصمة راسخة تستند إلى منهج علمى رصين، يضعه فى منطقة مختلفة، كأنها مرتبة خاصة لا ينالها إلا من جعل من التفكير المنهجى أسلوب حياة.. يرى أن الحكومة استطاعت أن تعبر بين أمواج داخلية وخارجية عاتية، وأن تثبت قدرتها على التعامل مع معادلة شديدة التعقيد، فبينما كانت معدلات التضخم تضغط على الأسواق وتثقل كاهل المواطن، تمكنت الدولة من كبح جماحه عند حدود تقارب 11%، وهو ما يُعد إنجازاً فى ظل ما يحيط بالاقتصاد من اضطرابات عالمية.. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل نجحت فى خفض أسعار الفائدة إلى مستوى يقارب 5.25%، والحفاظ على استقرار سوق الصرف، وقيادة عجلة النمو إلى معدلات مرتفعة، بالتوازى مع تسجيل قطاع السياحة أرقاما تاريخية غير مسبوقة.
هذه النجاحات، برغم ثقلها وأثرها المباشر، لا تعنى أن الطريق بات مفروشاً بالورود؛ فما زالت أمام الدولة تحديات صعبة، بحسب تفسيره- يأتى فى مقدمتها ارتفاع معدلات الفقر، وضرورة التخفيف من الأعباء التى تثقل حياة المواطنين. كما أن المرحلة المقبلة تفرض الانتقال من سياسة «الإصلاح الاقتصادى» إلى استراتيجية أكثر عمقاً واستدامة، قائمة على جذب استثمارات ضخمة، داخلية وخارجية، تُحدث قفزات نوعية وتؤسس لاقتصاد أكثر صلابة فى مواجهة المتغيرات.
< إذاً ما رؤيتك فى ظل هذه المشاهد لمستقبل الاقتصاد الوطنى؟
- بهدوء يجيبنى قائلًا: «إن الصورة العامة تبدو مائلة للتحسن، فكل خطوة تُتخذ نحو مواجهة التحديات وعلاجها، وبناء اقتصاد أكثر صلابة وقدرة على الصمود، عبر تنويع مصادر قوته وتعزيز صادراته، وتوسيع رقعة الإنتاج الحقيقى، الصناعى والزراعى، بعيدًا عن الاعتماد المفرط على الاستثمار العقارى وحده، مع العمل على ضخ الاستثمارات فى هذه القطاعات الإنتاجية، إلى جانب توطين الصناعة وتفعيل بدائل الواردات، حيث يشكلان معًا مسارًا واضحًا للانتقال من مرحلة الإصلاح الاقتصادى إلى أفق أرحب من النمو المستدام، وكل ذلك يتطلب استقرارا فى المنطقة، لتحقيق مزيد من التحسن الذى يشعر به المواطن».
تجاربه ليست مجرد مشاهد عابرة فى مسرح بل مخزن وبنفس الرؤية يقول: «إن الحكومة فى حاجة إلى برنامج ينبع من الداخل ويرتكز على إعادة هيكلة القطاعات الإنتاجية والخدمية بما يتماشى مع طبيعة الاقتصاد الوطنى واحتياجاته الخاصة، غير أن هذا الانتقال لا يمكن أن يحدث دفعة واحدة، بل يستلزم مساراً تدريجياً متدرج الخطوات، يتكامل فى بدايته مع برامج الإصلاح التى يشرف عليها الصندوق، إلى أن يكتمل البناء المؤسسى والهيكلى المطلوب».
تكمن أهمية هذا التوازن وفقا لقوله فى أن قروض الصندوق، رغم القيود المرتبطة بها، تتميز بانخفاض تكلفتها مقارنة بالتمويلات الأخرى، فضلاً عن أن الصندوق يوجه اهتمامه بشكل رئيسى إلى الجوانب المالية والنقدية.
حكمة وبساطة فى تفسير الأحداث، وبنفس الأسلوب يتناول الحديث عن الجدل القائم حول اتجاه الدولة خلال السنوات الماضية إلى رفع أسعار الفائدة بهدف الحفاظ على الأموال الساخنة، أم لمواجهة التضخم؟.. إذ يرى أن ضعف قيمة العملة المحلية، كان يتطلب تحقيق عائد مرتفع بالدولار، لاستقطاب المستثمرين، وبالتالى توفير الدولار، والذى تحقق بتوحيد سعر الصرف، سيطرة على التضخم، خفض أسعار الفائدة، واستقطاب أموال، وكل ذلك يمثل حلقة متكاملة تبدأ بسعر الصرف، والذى بدأ بمشروع رأس الحكمة.
يتعامل مع الأمور بعزم لا يعرف التهاون وبنفس المنهجية يتناول الدين الخارجى، ومصيره مع زيادة حجم الناتج القومى الإجمالى، وحجم الصادرات، وخفض الواردات، وتحسين الميزان التجارى، والمدفوعات وقتها لن يكون الدين الخارجى يمثل مشكلة، لكن لو لم يتم تحسين ذلك سيكون أزمة الدين مشكلة، فالنظرة للدين تقوم على خدمة الدين وآجال الدين الطويل تستطيع التعامل معه، لكن المشكلة أن أصل الدين وخدمته لم تكن تتسم بالانضباط، خاصة إذا كانت نسبة الفوائد على الدولار مرتفعة، تمثل مشكلة، لكنه يفضل التوسع فى الشراكات التى تمثل جدوى وتضيف قيمة للحكومة عبر زيادة رأس المال، فى حين هناك مشروعات تناسب المستثمر الاستراتيجى، ولا تتلاءم مع شراكات الحكومة.
< كيف ترى قيمة العملة المحلية أمام الدولار؟
- علامات ارتياح ترتسم على ملامحه قبل أن يجيبنى قائلا: «إن الوضع الاقتصادى الراهن يكشف أن الجنيه يحقق عائداً حقيقياً يتراوح بين 8% و9%، وهو رقم لا يمكن الاستهانة به، بل يعد مرتفعاً بالمعايير الاقتصادية».
يشرح أن العائد الحقيقى يُقاس بالفارق بين أسعار الفائدة على أذون الخزانة ومعدل التضخم، وهو ما يضمن الحفاظ على قوة العملة المحلية ويعزز ثقة المتعاملين بها، وقبل كل ذلك فإن هذا المؤشر يمنح البنك المركزى مساحة أوسع و«ضوءاً أخضر» لاتخاذ خطوات إضافية نحو خفض أسعار الفائدة، دون أن يخشى ضغوطاً مباشرة على استقرار السوق أو قيمة العملة.
يملك سر تحويل الجهد الصغير إلى أثر عظيم، وبنفس الرؤية حينما يتحدث عن ملف السياسة المالية، حيث يرى أن هدف السياسة المالية زيادة الحصيلة الضريبية، وكذلك يجب أن يهدف إلى التوسع فى المجتمع الضريبى، عبر مجموعة من التسهيلات، تسهم فى دخول فئات جديدة للمجتمع الضريبى، وهو ما يؤدى إلى زيادة الضريبى، دون زيادة العبء، مع استهداف الاقتصاد غير الرسمى، وضمه للمنظومة الرسمية.
حصيلة طويلة من التجارب الناجحة صقلت خبراته، ويتبين ذلك فى حديثه عن الاستثمارات الأجنبية المباشرة مستشهدا فى ذلك بنموذج مشروع رأس الحكمة الاستثمارى، الذى يعتبره مستهدف الحكومة لمشروعات أخرى، حيث اعتمد المشروع على مفاوضات مباشرة، وبالتالى القدرة على تنفيذ مشروعات أخرى بهذا الأسلوب التفاوضى، لكن الأولوية للتفاوض المباشر لتحقيق طفرة فى حجم الاستثمارات، المتنوعة بين أجانب وعرب.
يسعى بإخلاص، يرى فى كل عثرة فرصة لابتكار طريق جديد، وبذات الرؤية ينظر إلى حركة الاستثمارات المحلية المتجهة إلى الخارج؛ فالبعض منها لا يغادر بحثاً عن بديل، بل سعياً للتوسع والتمدد فى أسواق جديدة، بينما اختارت استثمارات أخرى هذا الطريق لتأمين احتياجاتها من المواد الخام فى ظل أزمة شُح العملة الصعبة. ورغم ما قد يبدو ظاهرياً من خروج رؤوس أموال، إلا أن هذه الخطوة انعكست فى جانب منها على تعزيز التصدير وفتح أبواب إضافية أمام الاقتصاد الوطنى.
ومع ذلك، يظل المحور الأهم هو الداخل؛ حيث تبرز الحاجة إلى رعاية المستثمر المحلى وتوفير كل التسهيلات التى تعينه على النمو، بدءاً من الدعم المباشر والإعفاءات الضريبية، وصولاً إلى تخصيص الأراضى المرفقة ليتحرك بحرية أكبر.
< كيف تقيّم برنامج الطروحات الحكومة؟
- بتفكير عميق يجيبنى قائلا: «إن تسريع خطوات الاكتتابات العامة فى البورصة يُعد الخيار الأمثل فى هذه المرحلة. فطرح الشركات للمستثمرين بأسعار جاذبة عبر السوق، يبقى أفضل بكثير من بيعها لمستثمر استراتيجى بنفس السعر المنخفض».
يضيف أن «ورقة العملة الصعبة، التى كانت فيما مضى تمثل أداة ضغط، لم تعد اليوم تشكل العائق نفسه مع تحسن توافرها فى السوق. ومن هنا، يرى أن التوقيت الحالى يُمثل فرصة لبرنامج الطروحات. فإلى جانب ما يتيحه من تعزيز للشفافية وتنشيط لسوق المال، فإنه يفتح المجال أمام تحويل مدخرات المصريين من مجرد أموال راكدة إلى استثمارات حقيقية منتجة، تعود بالنفع على الاقتصاد وتضاعف من قوة السوق المحلية مع ضرورة تجنب التسعير المبالغ فيها».
لا يُخفى انشغاله الدائم بسوق المال، إذ يتحدث بتركيز عن ضرورة طرح شركات عملاقة وذات ثِقَل حقيقى فى البورصة. فمثل هذه الكيانات الكبرى لا تُضيف فقط أبعاداً أعمق للسوق، بل تمنحه قوة وقدرة على استقطاب صناديق استثمارية ضخمة من الداخل والخارج. وهنا يكمن الأثر الإيجابى المزدوج: من جهة، زيادة حجم السيولة وتعزيز الثقة فى السوق، ومن جهة أخرى، تضييق مساحة التلاعبات والممارسات غير المنضبطة التى تعيق كفاءته. ويؤكد فى رؤيته أن نجاح هذه الخطوة لن يكتمل إلا بترسيخ منهج علمى فى إدارة السوق، يقوم على رفع الكفاءة المهنية للعاملين وتطوير قدراتهم بأساليب حديثة قائمة على العلم والتجربة العالمية، وكذلك حسم ملف ضريبة الدمغة.
من يعرف أن النجاح لا يولد من العبث، بل من الانضباط والعمل، وهو ما يميزه، حيث استطاع أن يحقق نجاحات متتالية، بالشركة عبر تنفيذ استراتيجية شاملة ومتكاملة، بالحصول على رخص جديدة، مع تحقيق 90% من المستهدفات، وكذلك تحقيق معدلات نمو فى الأرباح تجاوز 70%، ليس ذلك فقط، بل يسعى إلى تحقيق مستهدفات، يتصدرها التوسع فى السندات، والتطوير المستمر للبنية التكنولوجية، وجذب فئات جديدة من المستثمرين، مع العمل على زيادة رأس المال إلى 50 مليون جنيه خلال عام 2026.
يظل قادراً على النمو، وأن يجعل من كل يوم فصلًا جديدًا بمسيرته، يحرص على حث أولاده على جعل مشوارهم يحظى بالبساطة والأخلاق.. لكن يظل شغله الشاغل الحفاظ على ريادة الشركة.. فهل ينجح فى تحقيق ذلك؟