المتحف الكبير
فراعنة مصر يبوحون بأسرارهم للعالم
ما الذى ستراه فى المتحف الكبير?
المتحف المصرى الكبير, أهم مشروع سياحى ثقافى أثرى فى الشرق الأوسط شيدته مصر بالقرن الحالى, وهو أكبر متحف فى العالم يعرض حضارة دولة واحدة, ويترقب عشاق الآثار والسياحة فى العالم موعد افتتاحه, والذى قررت القيادة السياسية أن يكون فى الأول من نوفمبر القادم, حسبما أعلن الدكتور مصطفى مدبولى, رئيس مجلس الوزراء.
أُنشئ المتحف الكبير على مساحة تبلغ 117 فداناً, منها أكثر من 150 ألف متر مربع للعرض المتحفى وحدائق ومنطقة تجارية عالمية تزيد على 200 ألف متر مربع, ويعرض المتحف أكثر من 50 ألف قطعة أثرية, منها 5500 قطعة أثرية ذهبية للملك الذهبى توت عنخ آمون الذى يُعد نجم شباك المتحف الكبير, والتى تعرض آثاره لأول مرة مجتمعة فى قاعة عرض تزيد على 7 آلاف متر مربع, ويضم المتحف 16 معمل ترميم آثار هى الأحدث فى العالم.
ومتوقع أن يجذب المتحف أكثر من 3 ملايين سائح فى أول عامين تصل من 5 إلى 8 ملايين سائح خلال خمس سنوات, الأمر الذى يؤكد رؤية مصر واهتمام القيادة السياسية وإصرارها على سرعة إنجاز هذا الصرح العظيم وتنمية المنطقة المحيطة بمطار سفنكس حتى هضبة الأهرامات, وهو أمر يبشر بخير وفير لخريطة مصر السياحية.

المتحف الكبير هدية مصر للعالم, حسبما أعلن الرئيس السيسى ذلك أكثر من مرة.. والافتتاح يترقبه العالم وينتظر أن يرى مفاجآت واحتفالات غير مسبوقة.
تبدأ الرحلة داخل المتحف المصرى الكبير بالرماية، من المسلة المعلقة ذلك الأثر العظيم المتواجد فى ساحة المتحف الخارجية، ثم الدخول إلى البهو العظيم، حيث تمثال الملك رمسيس الثانى الذى يستقبل الزوار بفخر وشموخ ملوك مصر العظماء.
كما يضم البهو العظيم عمود النصر للملك «مرنبتاح» ابن الملك رمسيس الثانى، وتمثالين لملك وملكة من العصر البطلمى، فضلاً عن 10 تماثيل للملك سنوسرت الأول.
ومن البهو العظيم إلى الدرج العظيم الذى تبلغ مساحته 6000 متر مربع، ويضم حوالى 64 قطعة أثرية، ومنقسم إلى 4 فئات يتناول فيها الرحلة الأبدية للمصرى القديم الذى كان لا يؤمن بثقافة الموت ولكن كان يراها انتقال الروح من الحياة الدنيا إلى حياة أخرى فى العالم الآخر.
وتتناول المحطة الأولى من الدرج العظيم ما يتركه المصرى القديم لتخليد اسمه، أما ثانى محطات الوصول للأبدية كانت المعابد التى أطلق عليها «بر عنخ» بمعنى بيت الحياة، لأن المعابد لم تكن بيوتاً للعبادة فقط بل كانت مؤسسات ثقافية كاملة ومتكاملة.

والمرحلة الثالثة تتناول الحياة الدينية عند المصرى القديم، ثم رابع وآخر محطة للوصول للأبدية وهى عرض التوابيت التى برع المصرى القديم فى نحتها.
وبعد الانتهاء من الدرج العظيم، توجد على اليمين قاعتان متداخلتان تبلغ مساحتهما 7000 متر مكعب، لعرض مجموعة الملك الذهبى توت عنخ آمون، والتى تبلغ عددها 5398 قطعة، وعلى اليسار 3 قاعات رئيسية مقسمة لاثنتى عشرة قاعة داخلية، يتناولون حياة قدماء المصريين بداية من عصور ما قبل التاريخ حتى العصر اليونانى الرومانى، وفى المنتصف بانوراما أهرامات الجيزة الثلاثة.
وجاءت خريطة عرض القاعات الـ12 الرئيسية كالتالى: القاعات (1-2-3) تضم آثار عصور ما قبل التاريخ وعصر ما قبل الأسرات وعصر بداية الأسرات وعصر الدولة القديمة، بالإضافة إلى عصر الانتقال الأول، والقاعات (4-5-6) تضم آثار عصر الدولة الوسطى وعصر الانتقال الثانى.
أما القاعات (7-8-9) فتضم آثار عصر الدولة الحديثة، والقاعات (10-11-12) ضمت آثار عصر الانتقال الثالث والعصر المتأخر والعصر اليونانى والرومانى.
وتبدأ القاعات الاثنتا عشرة، من عصر ما قبل الاستقرار عندما كان يبحث المصرى القديم عن مكان صالح للعيش والحياة حتى وصل إلى نهر النيل، وقيامه بصناعة الأدوات البدائية من الحجر التى تساعده على الصيد وطهى الطعام، كما وثق المصرى القديم حياته من خلال مجسمات.

وتضم القاعة الأولى، تمثال الكاتب المصرى الذى كان يسجل الحياة اليومية للمصرى القديم والذى لولاه لم تصل إلينا تاريخ وحضارة قدماء المصريين.
وهناك تمثال للملك خفرع وآخر للملك منكاورع مصنوع من الألباستر، فضلاً عن الأثاث الجنائزى الرائع للملكة حتب حرس والدة الملك خوفو، والذى وجد فى هرم صغير بجانب هرم خوفو، والمجموعة بأكملها مصنوعة من الخشب ومطعمة بالذهب.
وتوجد مجموعة أثرية وجدت فى مقبرة كاهن يدعى «مسحتى» تجسد شكل الجيش المصرى المنظم القوى فى الأسرة الحادية عشرة وذلك بعد فترة التدهور التى عاشتها مصر فى الأسرات السابعة والثامنة والتاسعة والعاشرة، حتى جاء الملك العظيم منتوحتب الثانى الذى أعاد توحيد شمال وجنوب مصر من جديد.
وبين أروقة القاعات يقف تمثال للملك سنوسرت الأول مرتدى التاج على رأسه واللحية المزيفة، إذ كان المصرى القديم يقدس النظافة حتى إنه كان يغتسل 5 مرات فى اليوم الواحد، لذا كان يحلق شعر جسده باستمرار.

وتتناول القاعة المرحلة الانتقالية الثانية فى الأسرتين السادسة عشرة والسابعة عشرة، ودخول الهكسوس مصر من الناحية الشمالية، وصولاً للملك أحمس الذى طرد الهكسوس من مصر وبدأت الأسر الثامنة عشرة.
ويوجد عدد من التماثيل لقرود البابون التى اختارها المصرى القديم رمزاً للتعبير عن الحكمة والعلم، لأنهم كانوا يقيسون من خلالها الوقت نظراً لتبولها بانتظام كل ساعة، كما استخدموها أيضاً كمنبه لأنها تهلل عند شروق الشمس.
وخلال الجولة داخل القاعات الاثنتى عشرة، يوجد تمثال للملكة حتشبسوت التى نجحت فى تحقيق السلام والرخاء لمصر أثناء حكمها للبلاد، ويجسد التمثال تنكرها فى زى الرجال حتى تُرضى رجال الدين.
وتنتهى الجولة داخل القاعات بالعصر اليونانى الرومانى الذى تأثر فنه بالمصريين القدماء، ولكن صنعت تماثيل اليونان والرومان من الرخام؛ لأنه كان أسهل فى النحت من الجرانيت الذى استخدمه المصرى القديم، استمرت صناعة الفخار فى العصر اليونانى الرومانى، إذ أخذوها عن قدماء المصريين.
وتضم تلك المرحلة نماذج للأختام فى ذلك العصر التى صنعت بهدف توثيق تواريخ تلك الصناعة إذ تميز اليونان والرومان فيها، فضلاً عن نماذج للبرديات ترجع لتلك الفترة. ويضم الجزء الخاص بالعصر اليونانى الرومانى، حجر «مرسوم كانوب» الذى يرجع لعصر الملك بطليموس الثالث، ومدون عليه رسائل للملك بثلاثة خطوط وهى: «الهيروغليفى، اليونانى، الهيراطيقى»، إذ كان يشكره الشعب على الإعفاء من الضرائب وتسهيل سبل المعيشة عليهم.
ومن بين أهم القطع الأثرية، هى مجموعة «خبيئة معبد دندرة» الذى بنى فى عهد البطالمة.
وبعيداً عن قاعات العرض الأثرى حرص المتحف الكبير على تشييد المنطقة التجارية، والتى تضم أشهر «البرندات» العالمية بأرقى التصميمات المعمارية.


لوحة شرف
وتضم لوحة الشرف للذين ساهموا فى ظهور هذا المشروع للنور وإصرار الرئيس على استكمال هذا الصرح، حيث بدأ المشروع بفكرة من وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى ووضع نواته وحالت الظروف السياسية والثقافية دون استكماله حتى قرر الرئيس استئناف العمل وقاد المبادرة عدد من الوزراء بقيادة مصطفى مدبولى، وحضر استكمال المشروع د. خالد العنانى وأحمد عيسى وزيرا السياحة والآثار السابقان، واستكمل المسيرة الوزير الحالى شريف فتحى، ويقود الآن كتيبة العمل فى الأعمال الهندسية والإنشائية اللواء عاطف مفتاح المشرف العام على المتحف والمنطقة المحيطة، صاحب فكرة المسلة المعلقة ومتحف مراكب الشمس، والدكتور أحمد غنيم المدير التنفيذى لهيئة المتحف وخبير الاقتصاد والإدارة والسياحة المعروف، وكان هناك جهد كبير للدكتور طارق توفيق رئيس المتحف السابق مع كتيبة خبراء الترميم وعلى رأسهم د. عيسى زيدان ود. حسين كمال.

الصحافة العالمية .. والمتحف
نشرت صحيفة «فاينانشيال تايمز»، ملفاً كاملاً عن المتحف الكبير، مدعوماً بالصور والتفاصيل، وأكدت أن المتحف المصرى بالرماية يعكس مفهوماً راسخاً لعلم المتاحف فى مصر، إذ صُمم وفق تقنيات عالية التطور ويركز على تلبية احتياجات الزائر ورغباته. وقالت الصحيفة، إنه لابد من زيارة المتحف المصرى الكبير، الذى يتميز بحجمه، وتصميمه، ومحتوياته المثيرة للإعجاب. كما نقلت وكالة «أسوشيتدبرس»، انطباع سائحة كندية قامت بزيارة المتحف المصرى الكبير، والتى انبهرت بالصرح العظيم، مؤكدة أن الحضارة المصرية مهمة بالنسبة لها وللعالم لمعرفة المزيد عنها.
كما نشرت وكالة الأنباء العالمية «رويترز»، حديث عن سائحة روسية تدعى «كسينيا ميوز» بعد زيارتها للمتحف الكبير، حيث قالت: أنا سعيدة بزيارة مصر، ورؤية جزء كبير من الآثار القديمة.

واختارت صحيفة «التليجراف» البريطانية، المتحف المصرى الكبير ضمن أفضل الأماكن السياحية على مستوى العالم خلال العام الماضى 2024، وذلك ضمن القائمة التى أعدتها، بناء على آراء قرائها، لأفضل وأسوأ 50 وجهة سياحية حول العالم. كما وصفت صحيفة «فيتنام بلس»، المتحف المصرى الكبير بأنه أحد أهم المعالم الثقافية المصرية فى القرن الحادى والعشرين، وذلك عقب الزيارة التى قام بها رئيس جمهورية فيتنام.
وكانت صحيفة «نيويورك تايمز»، من أوائل الصحف العالمية التى اهتمت بمشروع المتحف المصرى الكبير، حيث نشر الكاتب ستيفن هيلتنر، مقال له، أكد خلاله أن المتحف كمشروع ثقافى ضخم يعكس الطموح المصرى فى الحفاظ على تراثها وتقديمه للعالم بشكل مبتكر. ونشر موقع مجلة «ناشونال جيوجرافيك ترافيلر»، تقريراً تناول خلاله أبرز المواقع الأثرية حول العالم التى يجب زيارتها، لما تمثله من قيمة إنسانية وتاريخية وأثرية فريدة.