الرئيس يحمى الحقوق والحريات
إن الحقوق والحريات وضماناتها، ليست مجرد نصوصًا قانونية مكتوبة، اقتضت بها الشرعية الدستورية فحسب، بل هى مجموعة من القوانين تصدرها إرادة الدولة، وتقوم بتنفيذها عملا، ومن ثّمَّ يكون القانون الصادر عن السلطة التشريعية، له أهمية شاملة وضرورية، تنم عن شتى المصالح اليقينية العامة، فى مناحى المجالات الحياتية للمجتمع، وحيث أن وجود القانون ينظم العلاقة بين المخاطبين بقواعده المفهومة، وسلوك الأفراد الخاضعين له، لأنه يدخل فى تكوين الدولة لبسط سيادتها الوطنية، وقوة التعبير عن إرادتها، وأساس العدل والحكم فيها، وأن الحكمة من وضعه هو تحقيق الخير العام، والمصلحة العامة للوطن وللأمة، وأن هذه الغاية لا تتحقق كما يريدها ويتخيلها المشرع البرلمانى، إلا إذا كان النص القانونى واضح فى صياغته، ومستقيم فى معانيه ومفهوم فى عبارته، أى ليس فيه غموض أو إبهام، حتى يضمن للمجتمع سلامته على أساس قانونى وضعى واضح وسليم، يهدف إلى تحقيق العدالة الناجزة، و يراعى فيها مقتضيات الصالح العام للمجتمع.. من السكينة العامة والحرية الشخصية وحرمة الحياة الخاصة، مع توفير الحياة الآمنة كحق لكل إنسان.
وتأسيسًا على ذلك فى حماية الحقوق وضماناتها، وتعزيزًا للديمقراطية الحاقة، قد أحسن سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى صُنْعًا، عندما استخدم حقه الدستورى، بموجب المادة (123) منه، مُعتَرضًا على عدد (٨) مواد مستحدثة، بمشروع قانون «الإجراءات الجنائية» المحال من مجلس النواب بتاريخ ٢٦/٨/٢٠٢٥، فعاد سيادته القانون إلى المجلس مرة أخرى، وطلب إعادة النظر، فى بعض نصوص مواده التى يشوبها الغموض، ويتعين على المشرع محو هذا الغموض، الذى آثار جدلًا واسعًا من مختلف فئات مؤسسات المجتمع المدنى والأهلى، من رجال الصحافة وأهل الفكر والقانون ومنظمات حقوق الإنسان، ودائمًا تقع المسئولية القانونية على البرلمان، وفق فكرة مسئولية الدولة عن أخطاء السلطة التشريعية، أما السيد رئيس الجمهورية الدستور منحه شهر من وصول القانون إليه، يمكنه الاعتراض عليه خلال هذه المدة، وإذا لم يعترض خلالها اعتبر القانون قد صدر بقوة الدستور، وهنا تقع مهمة مراجعة القانون من خلال المستشارين القانونيين لرئاسة الجمهورية، وهؤلاء يجب عليهم التيقظ والتبصر لأى خطأ تشريعى محتمل وجوده، لأن المشرع البرلمانى إنسان والخطأ والنسيان من طبائع البشر، فلنفترض وجود عوار تشريعى فى مادة من مواد القانون مخالفة للدستور، لم يقوموا بالتنبيه إليها وقام الرئيس بالتوقيع عليه وأصبح قانونًا نافذًا، ونشر فى الجريدة الرسمية، وعلى الجميع العلم به من تاريخ اليوم التالى لنشره، من هنا تقع مسئوليتهم القانونية أمام الرئيس، وليس أمام المحكمة الدستورية العليا التى تم الطعن عليه أمامها.
ولم يُصدق الرئيس على مشروع قانون «الإجراءات الجنائية»، وأمر بعودته للبرلمان لإصلاح ما شابهه من خطأ موضوعى، لأن ما يهدف إليه سيادته، هو بث الطمأنينة فى قلوب أبناء شعبه ووطنه، حتى لا يؤخذ إنسان برىء بذنب لم تقترفه يداه، ثم إن احترام كرامة الإنسان وخصوصيته، هى الغاية الأسمى والأعلى لسيادته، لبناء الإنسان فى عهد «الجمهورية الجديدة»، «تحيا مصر».