بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

«هذا هو الإسلام»

(لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ)

لقد تحمل النبى صلى الله عليه وسلم من قومه الصد والعداوة والحصار والتنكيل..وخرج مهاجرًا إلى المدينة تاركًا وطنه الذى نشأ فيه وترعرع بين شِعابه وأوديته، ولم يسلم بعد الهجرة من شرهم، فقد جاءوا إليه فى بدر وما بعدها فى أحد، ثم حاصروه وتحزبوا عليه فى يوم الخندق وقابل كل هذا بقوله: اللهم أهد قومى فإنهم لا يعلمون.. وعندما فتح الله عليه مكة ضرب المثل فى التواضع وأطلق صيحة الحرية: اذهبوا فأنتم الطلقاء، وزجر من قال بأن اليوم يوم الملحمة، وقال: اليوم يوم المرحمة،.. ولم يفرض إرادته على أحد كما يفعل كلُّ منتصر، ولم يُكره أحدًا على الدخول فى الإسلام، مُترجمًا قوله تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ) ترجمة عملية، كما ترجمها من قبل مع يهود المدينة، فعقد معهم معاهدة تُعَدُّ أقدمَ وثيقةٍ بشرية تؤسس لقيمِ الحرية والمواطنة والتسامح والتعايش، جاء فيها:»... لليهود دينهم وللمسلمين دينهم- مواليهم وأنفسهم- إلا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ (يهلك) إلا نفسه وأهل بيته.. وأن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم، وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة..»، كما استقبل صلى الله عليه وسلم نصارى نجران فى مسجده وكتب لهم ولعموم النصارى من بعهدهم عهدًا مما جاء فيه: »..ولنجران وحاشيتها جوار الله وذمة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أموالهم وأنفسهم وملتهم وغائبهم وشاهدهم وعشيرتهم وبيعهم وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير، لا يغير أسقف من أسقفيته ولا راهب من رهبانيته ولا كاهن من كهانته، وليس عليهم دَنِيّة ولا دَمَ جاهلية...على ألا يأكلوا الربا، فمن أكل الربا من ذى قبل فذمتى منه بريئة»، وبمثل ذلك أيضا كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم عامله على اليمن: «ومن كان على نصرانيته أو يهوديته فإنه لا يُرد عنها»، وكذا ما عاهد به النبى صلى الله عليه وسلم إلى معاذ بن جبل عند ذهابه إلى اليمن أنه: «لا يزعج يهودى فى يهوديته»، وتبعه خلفاؤه وأصحابه فى هذا المنهج، فأوصى أبو بكر الصديق يزيدَ بنَ أبى سفيان عندما بعثه على رأس جيش من المسلمين، وقال له: «إنك ستجد قومًا زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله، فذرهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له» وأعطى عمر بن الخطاب رضى الله عنه أهل إيلياء القدس عهدا جاء فيه: «إنكم آمنون على دمائكم وأموالكم وكنائسكم، لا تُسكن ولا تخرّب، إلا أن تُحدِثوا حدثًا عامًا، وأشهد شهودًا»، وما فعله عمرو بن العاص مع بنيامين عظيم قبط مصر بعد فتحه لمصر ودعوته له بأن يعود من مخبئه الذى اختبأ فيه من ظلم الرومان ليقوم على شئون رعاياه أيضا لخير دليل على أن الإسلام صيحة للحرية، وسوف نخصص المقال التالى من هذه السلسلة عن احترام الإسلام للآخر وإعطائه حق الاحتكام إلى شرائعه وحرية ممارسة شعائره الدينية ليظهر جليا جمال وجلال هذا الدين العظيم.

من علماء الأزهر والأوقاف