بعد مشاركته في مهرجان بورسعيد السينمائي .. «نسمة» يطرح حكاية رمزية عن الفقد
شارك الفيلم الروائي القصير «نسمة» للمخرجة رهف أحمد عادل ـ تمثيل حبيبه سامى ضمن فعاليات مسابقة أفلام الطلبة بالدورة الأولى لمهرجان بورسعيد السينمائي الدولي، ليقدّم معالجة سينمائية مختلفة تعكس رؤية جيل جديد من صناع السينما تجاه قضايا الطفولة والوحدة والحرمان العاطفي.
تدور أحداث الفيلم حول طفلة صغيرة تُدعى نسمة تفقد مربيتها التي كانت تمثل لها الحضن والملجأ الآمن، إلا أنها ترفض مواجهة الفقد بشكل مباشر، وتلجأ إلى وسيلة خداع صوتية باستخدام شريط كاسيت قديم يحتوي على تسجيلات للجدة الراحلة، محاولةً أن توهم من حولها أن الجدة مازالت على قيد الحياة. هذا التعلق بالتسجيلات يعكس حالة الإنكار النفسي التي تعيشها البطلة، كوسيلة للهروب من واقعها القاسي.

لكن قوة الفيلم لا تكمن في الحدوتة فحسب، بل في لغته البصرية التي نسجتها المخرجة بحساسية شديدة.
فقد اختارت أن تُظهر البطلة وهي ترتدي إسدال، تنظر من شرفة المنزل إلى الأطفال الذين يلعبون بحرية في الخارج، في لقطة تحمل دلالات رمزية عميقة عن اغترابها النفسي وحرمانها من طفولتها. المشهد يعكس بوضوح كيف تعيش نسمة حياة ليست حياتها، حياة مغلّفة بالقيود والفراغ العاطفي.
كما يتنقل الفيلم إلى مشاهد داخل المطبخ والحمام، التي قد تبدو عادية للوهلة الأولى، لكنها تكشف عن الوجه الآخر للبطلة: براءتها الطفولية، عفويتها، ومحاولاتها البسيطة في الحفاظ على ما تبقى من طفولتها رغم الفقد. هذه التفاصيل الصغيرة صنعت صورة بصرية غنية، عمّقت من فهم المشاهد لشخصية البطلة وصراعها الداخلي.
من الناحية الإخراجية، اعتمدت رهف أحمد عادل على الكادرات الضيقة واللقطات القريبة لتعكس حالة الخناق النفسي الذي تعيشه البطلة، في مقابل لقطات أكثر انفتاحًا للشارع والأطفال، لتبرز الفجوة بين عالمها الداخلي المسجون، والعالم الخارجي الرحب المليء بالحياة. كذلك كان لاستخدام شريط الكاسيت حضور قوي كرمز سينمائي، يعكس كيف يمكن للذاكرة والأصوات أن تتحول إلى وسيلة مقاومة للغياب والوحدة.
في النهاية، يطرح فيلم «نسمة» تساؤلات عميقة عن معنى الطفولة، وعن قدرة الطفل على مواجهة الفقد، والحد الفاصل بين الخيال والحقيقة حين يتحول الخيال إلى وسيلة للبقاء. وهو ما يجعل العمل ليس مجرد قصة شخصية لطفلة، بل حكاية رمزية عن كل من فقد جزءًا من طفولته واضطر أن يعيش حياة لا تناسب عمره.
بهذا، ينجح الفيلم في أن يضع بصمة خاصة ضمن مسابقة أفلام الطلبة، كاشفًا عن موهبة شابة تمتلك حسًا سينمائيًا واعدًا، وقادرة على توظيف أدواتها لتقديم تجربة مؤثرة تجمع بين الرمزية والبساطة والواقعية الشعرية ، العمل منتج منفذ على العربي ، فكرة رهف أحمد عادل ، عليا إبراهيم ، سيناريو عليا إبراهيم ، مدير التصوير كريم محمد ، مونتاج مصطفى يوسف نور ، إشراف فنى وديكور عمر خالد ، مصممة الازياء ناردين إيهاب، تصميم شريط الصوت باسل هشام ، ميكساج محمد صلاح ، تصحيح ألوان محمود التونى ، مهندسة الديكور سارة أحمد ، مؤلف الموسيقى أحمد عادل.