الهدهد
ترامب ونتنياهو.. الثنائي غير المرح!
يمثل الاعتراف الأخير للدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا وبريطانيا بدولة فلسطين نقلة تاريخية وسياسية هامة، يعكس "إن صدقت فعليا " يقظة في الضمير الإنساني وتحولاً جذريا في المواقف الدولية تجاه القضية الفلسطينية والأهم إعادة إحياء الأمل في السلام.
ويعني اعتراف تلك الدول إقرارًا بسيادة دولة فلسطين ومعاملتها على قدم المساواة مع باقي الدول في علاقاتها الدبلوماسية والسياسية.. كما يحمل الاعتراف دلالة سياسية واضحة تؤكد أن هذه الدول ترى أن الحل العادل يقوم على حل الدولتين، إحداهما دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل.
وبالطبع لقي هذا الاعتراف ترحيبًا واسعا وإشادة كبيرة من الجانب العربي والإسلامي، شعوبا وحكومات والتي وصفت القرار بأنه خطوة مهمة نحو تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة.
في ذات لحظة اعتراف الدول بفلسطين، انتابت حالة هيستيريا نيتنياهو وراح يطلق تهديداته ضد الاعترافات الغربية بدولة فلسطين، معلنًا أن عام 2026 سيكون عامًا حاسمًا في مسار تأمين إسرائيل، ومؤكدًا أنه لن تكون هناك دولة فلسطينية. كما وصف تلك الاعترافات بأنها غير ملزمة لإسرائيل بأي شكل، فيما اعتبرت الولايات المتحدة اعتراف بعض حلفائها بالدولة الفلسطينية مجرد خطوة استعراضية.
واتفق الثنائي غير المرح ترامب ونتنياهو على استكمال أهداف الحرب في غزة وهي إعادة جميع الرهائن واستبعاد حماس.. والسؤال هنا إذا تحققت هذه الأهداف فعلًا، هل سترضى إسرائيل بحل الدولتين؟!
الحقيقة أن هذه الحكومة الصهيونية الإرهابية لا تقبل فقط بحل الدولتين بل تسعى لتحقيق حلم إقامة إسرائيل الكبرى!
إذن نحن أمام قضية أزلية وعقلية متحجرة لا يعنيها السلام ولا تعبأ بالقيم الإنسانية. نحن أمام ثنائي يتوهمان أنهما يملكان العالم بأسره.. يتصرّفان كأنهما-والعياذ بالله -"الإله الأعظم" يقرّران، يسيطران، ويحلمان بإخضاع الأرض والعباد، بل وباختفاء بعض الدول العربية من الوجود.
إلى متى يظل هذا الثنائي في تحد سافر للمجتمع الدولي.. وإلى متى يستمر نزيف الدم في غزة، بعد أن تحول كل شبر إلى دمار وخراب وقتل وتهجير ولم يبق إلا أطلال تبكي الحجر قبل البشر؟!
الإجابة على هذه التساؤلات لن تأتي بالشعارات ولا بالبيانات ولا حتى بمواقف الإدانة والشجب، بل بالتحول الحقيقي للاعترافات الأوربية من مجرد موقف رمزي الي ضغط عملي وملزم على إسرائيل بفرض عقوبات اقتصادية عليها ، ومنع تصدير الأسلحة اليها ،مع تكاتف الموقف العربي.. ولن يبقي أمام العالم سوي خطوة جريئة أن تتحرّك المحكمة الجنائية الدولية
فعلياً ، وتضع نتنياهو خلف القضبان كمجرم حرب، لا أن تكتفي بكتابة اسمه على الورق.
Ghadamr@yahoo .com