بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

كفى مناشدات.. وكولومبيا تخطف الأضواء

"لا يقهر شعب يرفض القهر، ولا تهزم أمة ترفض الهزيمة" – مقولة ُلخصت لحظة التحول التاريخي التي تعيشها القضية الفلسطينية اليوم. فبعد عقود من الدبلوماسية والمناشدات، ها هو المشهد الدولي يشهد زلزالاً سياسياً تعيد فيه التحالفات الجديدة كتابة قواعد اللعبة من قلب الأمم المتحدة في دورته الثمانين.

لم تكن كلمات الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في اجتماع "التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين" مجرد خطاب تقليدي، بل كانت إعلاناً صريحاً عن انتهاء عصر الصمت والتفاوض الأحادي الجانب. ووصف إسرائيل بـ"الدولة المارقة"، وجاءت كلمات الدول من على المنصة لتحاصر إسرائيل وتطالب بالكف عن مناشدات.. فالآن وقت العقوبات.

ومفاجأة الدورة جاءت من أمريكا اللاتينية رئيس كولومبيا، غوستافو بيترو، لم يكتف بوصف إسرائيل بـ"النازيين الجدد"، بل دعا علناً إلى "تشكيل جيش دولي من دول آسيا وأمريكا اللاتينية لتحرير فلسطين". تصريحات تاريخية، عززها موقف الرئيس البرازيلي الذي قام بتقبيل رأس بيترو تضامناً مع موقفه.

هنا تكمن الرسالة أن العالم لم يعد يقبل بأن يكون الصراع فلسطينياً - إسرائيلياً فقط، بل أصبح قضية إنسانية تخص الضمير العالمي. وأن الدول انحازت لإرادة شعوبها التي تتظاهر ليل نهار ضد الجرائم البشعة التي يرتكبها الاحتلال.

المشهد لم يكتمل دون الإحراج الذي تعرض له ترامب ونتنياهو. الذي وجد السلالم الكهربائية معطلة وشاشة الخطاب لا تعمل، بدا كرمز لعجز القوة الأمريكية عن التحكم في المشهد الدولي، وكأنه رد إلهي على تهديده الدائم للأمم المتحدة لانحيازها لأصحاب الحق، وضربة قوية لنرجسيته التي جعلته يشعر أنه سيد العالم ويمنع ماكرون واوردغان من مرور الشارع بسبب مرور موكبه، ضاربا بالبروتوكولات الدولية وكرم الضيافة عرض الحائط.

ما حدث في نيويورك ليس مجرد اجتماعات دورية، بل هو إعلان عن ولادة نظام دولي جديد يتشكل أمام أعيننا. نظام لم تعد فيه أمريكا قادرة على فرض إرادتها، ولم تعد إسرائيل قادرة على التمتع بحصانة ضد المحاسبة.

التحالف العربي - الأوروبي، بدعم من أصوات أمريكا اللاتينية وآسيا، يرسل رسالة واضحة: "العالم لم يعد كما كان". 
الآن، السؤال متى وكيف ستترجم هذه التحركات إلى واقع ملموس على أرض فلسطين. والجواب، كما قال أبو الغيط، لن يأتي بالمناشدات، بل بالعقوبات والمواجهة.