بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

ترامب: رحلة من عالم المال إلى البيت الأبيض

ترامب
ترامب

عندما يُذكر اسم ترامب، يقفز إلى الذهن مباشرة رجل الأعمال الثري والسياسي المثير للجدل الذي شغل العالم منذ دخوله معترك السياسة الأميركية. السؤال الأبرز الذي يطرحه كثيرون هو من هو ترامب؟ وما الذي جعله يحظى بكل هذه الشعبية والتأثير، رغم ما واجهه من انتقادات واتهامات ومحاكمات؟

في هذا المقال نستعرض مسيرة ترامب منذ نشأته وحتى عودته للبيت الأبيض عام 2024، مرورًا بمحطات تجارية وسياسية شكلت ملامح شخصيته المثيرة للجدل.

النشأة والبدايات

ولد دونالد جون ترامب في 14 يونيو/حزيران 1946 بمدينة نيويورك، وهو الرابع بين خمسة أبناء لأسرة مهاجرة من أصول ألمانية واسكتلندية. كان والده فريد ترامب مطورًا عقاريًا ناجحًا، تخصص في بناء المساكن للطبقة المتوسطة والعسكريين. هذا النشاط شكّل حجر الأساس الذي ألهم ابنه ليواصل الطريق في عالم العقارات.

تلقى ترامب تعليمه الأولي في مدارس نيويورك، ثم التحق بالأكاديمية العسكرية، قبل أن يدرس الاقتصاد في جامعة بنسلفانيا حيث تخرج عام 1968. بعد التخرج مباشرة، انضم إلى مؤسسة والده العقارية، التي ستصبح لاحقًا نقطة انطلاقه نحو تكوين علامة تجارية باسمه.

إمبراطورية المال والإعلام

لم يكتف ترامب بإدارة أعمال والده، بل توسع في مشاريع ضخمة داخل وخارج الولايات المتحدة، شملت الفنادق، الكازينوهات، الأبراج السكنية، وحتى مجالات الترفيه. ومع ذلك، واجهت شركاته عدة أزمات أدت إلى إفلاس بعض مشاريعه، لكنه كان في كل مرة يعود أقوى، مستفيدًا من مهاراته في التفاوض وإعادة التمويل.

إلى جانب المال، دخل ترامب عالم الإعلام من خلال برامج تلفزيونية مثل "المتدرب"، الذي عزز شهرته ومنحه صورة "رجل الأعمال الناجح" لدى الجمهور الأميركي والعالمي. هذه الشهرة لعبت دورًا محوريًا في تمهيد الطريق أمامه لدخول السياسة.

من رجل أعمال إلى رئيس الولايات المتحدة

رغم أنه لم يشغل أي منصب سياسي سابقًا، إلا أن ترامب كان حاضرًا في المشهد العام عبر تصريحاته المثيرة للجدل ودعمه لبعض المرشحين. في عام 2016، فاجأ العالم بفوزه على المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون ليصبح الرئيس الـ45 للولايات المتحدة.

خلال ولايته الأولى، اتخذ قرارات أثارت جدلاً واسعًا، منها:

  • حظر دخول مواطني 7 دول ذات أغلبية مسلمة إلى أميركا.
  • بناء جزء من الجدار الحدودي مع المكسيك.
  • الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ والاتفاق النووي مع إيران.
  • الدخول في حرب تجارية مفتوحة مع الصين.

ورغم النمو الاقتصادي الملحوظ في سنواته الأولى، إلا أن جائحة كورونا 2020 وجهت ضربة قاسية لصورته السياسية، ليسقط في الانتخابات أمام جو بايدن.

عودة غير متوقعة إلى البيت الأبيض

لم يستسلم ترامب بعد هزيمته، بل واصل معاركه السياسية والإعلامية، وظل حاضرًا بقوة في المشهد الأميركي عبر خطاباته ومنصته الخاصة "تروث سوشيال". وفي انتخابات 2024، عاد بقوة ليهزم المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، جامعًا 312 صوتًا في المجمع الانتخابي مقابل 226 لها.

هذه العودة كرست صورته لدى أنصاره كـ"رجل التحدي" الذي لا ينكسر، وجعلته من أبرز الرؤساء الأميركيين الذين عادوا للسلطة بعد فترة من الانقطاع.

قضايا واتهامات لا تنتهي

مسيرة ترامب لم تكن خالية من العقبات القانونية. فقد واجه عشرات التهم والاتهامات الجنائية، من بينها:

  • نقل وثائق سرية إلى منتجعه في فلوريدا.
  • تزوير سجلات أعمال خلال انتخابات 2016.
  • دفع أموال لشراء صمت بعض الأشخاص.
  • التهرب الضريبي.
  • التحريض على الهجوم على مبنى الكابيتول في يناير/كانون الثاني 2021.

هذه القضايا شكلت سابقة في التاريخ الأميركي، حيث لم يُتهم أي رئيس سابق بعدد مماثل من القضايا الجنائية.

محاولات اغتيال ونجاة مثيرة

إلى جانب التحديات السياسية والقانونية، تعرض ترامب لمحاولات اغتيال عديدة، أبرزها في يوليو/تموز 2024 حين أطلق شاب النار عليه أثناء تجمع انتخابي في ولاية بنسلفانيا. أصيب في أذنه بجروح طفيفة، بينما قُتل المهاجم على يد جهاز الخدمة السرية. هذه الحادثة عززت شعبيته بشكل أكبر، إذ ظهر أمام أنصاره كرجل نجا من الموت ليواصل مسيرته السياسية. هذا ويشكك الكثيرون في مدى صدق هذه الرواية التي برأيهم هي أشبه بتمثيلية فاشلة من العيار الأول.

شخصية مثيرة للجدل

يصنف ترامب ضمن جناح اليمين المتشدد، ويشتهر بمواقفه المعادية للمهاجرين، وتصريحاته التي كثيرًا ما توصف بالعنصرية أو الصادمة. ومع ذلك، فإن استقلاليته المالية وابتعاده عن نفوذ جماعات الضغط جعلاه يحظى بقبول لدى شرائح واسعة ترى فيه رمزًا لاستعادة "عظمة أميركا".

في النهاية

تجربة دونالد ترامب السياسية لا تشبه أي تجربة أخرى في التاريخ الأميركي الحديث. من رجل أعمال معروف في العقارات والإعلام إلى رئيس مثير للجدل، ثم رئيس سابق يواجه المحاكمات، وأخيرًا عائد إلى البيت الأبيض رغم كل العراقيل.

سواء اتفق معه الناس أو اختلفوا، يظل ترامب شخصية محورية في السياسة الأميركية والعالمية، ورمزًا لمسيرة مليئة بالتحديات والانعطافات غير المتوقعة.