بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

لغز“ملكة جمال البطانية” كارين برايس: القصة الكاملة لجريمة صادمة هزّت بريطانيا

ملكة الجمال الراحلة
ملكة الجمال الراحلة

كارين برايس .. في صباح بارد من ديسمبر عام 1989، بدأ خمسة من عمال البناء في كارديف يومهم كأي يوم عمل عادي، قبل أن يصطدموا بكابوس لم يكن في الحسبان، أثناء تركيب أنابيب في عقار على جسر فيتزهامون، عثروا على جثة ملفوفة في سجادة أو ما يشبه البطانية ومدفونة في قبر ضحل قرب باب إحدى الشقق. 

لم تكن مجرد رفات عابرة، بل تعود لمراهقة تُدعى كارين برايس، تبلغ من العمر 15 عامًا، اختفت قبل أكثر من ثماني سنوات دون أن يُبلغ أحد عن غيابها.

هوية مجهولة واسم مفقود

عاشت كارين في دور رعاية منذ أن كانت في العاشرة من عمرها، بعد طلاق والديها ودخولها في سلسلة من الخلافات الأسرية. 

بمرور الوقت، بدأت في الهروب من المؤسسات، إلى أن فُقد أثرها تمامًا. لم يبحث عنها أحد. ولم تُسجل ضمن بلاغات المفقودين. ولهذا، أُطلق عليها لقب "ملكة جمال لا أحد".

عند العثور على الجثة، لم تكن هناك أي دلائل واضحة على الهوية، سوى بقايا عظام وملابس ممزقة. 

واستعانت الشرطة بخبراء الطب الشرعي، الذين تمكنوا من تقدير عمر الفتاة عن طريق تحليل الأسنان. وأظهرت النتائج أن الوفاة كانت عنيفة، وأن الفتاة قُتلت بين عامي 1982 و1984.

إعادة بناء الوجه تقود إلى الحقيقة

مع عجز تقنيات التحقيق في ذلك الوقت، لجأت الشرطة إلى خبير إعادة بناء الوجوه، ريتشارد نيف، الذي استخدم قالبًا من الجمجمة لبناء نموذج لوجه كارين باستخدام الطين. وبعد عرض الصورة عبر وسائل الإعلام، تلقت الشرطة اتصالين من عاملين اجتماعيين، عرفا الفتاة باسم كارين برايس.

رحلة التحقيق تكشف شبكة استغلال

مع تحديد الهوية، بدأت خيوط الجريمة تتضح، إذ كشف التحقيق أن كارين كانت على صلة بشخصين: آلان تشارلتون، حارس أمن محلي معروف باستغلاله للفتيات القاصرات، وإدريس علي، شاب في سن المراهقة آنذاك، كان قد عرّف كارين على آلان. بحسب الشهادات، تم استدراج كارين إلى شقة تشارلتون لحضور "حفلة"، وهناك تعرضت للاعتداء، قبل أن تُضرب وتُخنق حتى الموت.

العدالة تتحقق بعد سنوات

في عام 1991، أدين كل من آلان تشارلتون وإدريس علي بقتل كارين برايس، وحُكم على تشارلتون بالسجن مدى الحياة، فيما قضى إدريس ثلاث سنوات وعشرة أشهر فقط، بعد أن خفف الحكم إلى القتل غير العمد. 

وحاول كلاهما لاحقًا استئناف الحكم، إلا أن المحاكم رفضت، مؤيدة شهادة الفتاة القاصر التي نجت من الحادثة وشهدت على الجريمة.

قضية غيّرت مسار الطب الشرعي

أصبحت جريمة قتل كارين برايس مثالًا بارزًا على فعالية التعاون بين التحقيق الجنائي والطب الشرعي، خاصة في ظل محدودية التكنولوجيا حينها. قال المحقق بول فينتون، الذي كان من أوائل من وصلوا إلى موقع الجريمة: "لم يكن لدينا سوى الهياكل العظمية وبعض الأدلة المادية... لا كاميرات مراقبة، ولا هواتف ذكية. فقط تحقيق تقليدي وإصرار على معرفة الحقيقة".

أثبتت هذه القضية أن العدالة، وإن تأخرت، يمكن أن تتحقق. لكنها كذلك كشفت عن ثغرات مؤلمة في نظام الرعاية الاجتماعية، وعن فتيات يختفين في الظل دون أن يسأل عنهن أحد.